ألترا صوت – فريق التحرير
في سياق سعيها إلى نقل أعمال المفكر والفيلسوف الروماني – الفرنسي إميل سيوران (1911 – 1995)، أعلنت "منشورات الجمل" عن قرب صدور النسخة العربية من كتاب "السقوط في الزمن"، ترجمة الشاعر التونسي آدم فتحي الذي سبق وأن ترجم عدة مؤلفاتٍ أخرى لسيوران، منها: "تمارين في الإعجاب"، و"اعترافات ولعنات"، و"رسالة في التحلل"، وغيرها.
يضم كتاب "السقوط في الزمن" أفكارًا وتأملاتٍ تدور حول المواضيع ذاتها التي شغلت إميل سيوران في مجمل منجزه
الكتاب الصادر للمرة الأولى عام 1964، لا يختلف عما سبقه وتبعه من مؤلفاتٍ سمتها الأبرز النبرة التشاؤمية، وغياب المنهجية، واعتماد الشذرة في السرد، إذ يضم أفكارًا وتأملاتٍ تدور حول المواضيع ذاتها التي شغلت سيوران في مجمل منجزه، ولعل أبرزها الوضع الإنساني، ومأزق الفرد المتمثِّل أساسًا في ولادته بوصفها كارثة حتمية.
اقرأ/ي أيضًا: "تمارين في الإعجاب".. إميل سيوران في مقعد القارئ
ويفرد مؤلف "لو كان آدم سعيدًا"، كما في مجمل مؤلفاته، حيزًا واسعًا للحديث عن الفرد انطلاقًا، في أغلب الأحيان، من ولادته، أو الطريقة التي يتعامل من خلالها مع هذه الحادثة. ويرى أنه ليس من صالح الإنسان الالتفات إلى أصل هويته على نحوٍ مستمر، لأن ذلك سيضعه في مواجهة حقيقة أن وجوده ليس إلا حادثةً شاذة.
ويَعتبر إميل سيوران في متن كتابه، أن الإنسان ينظر إلى الإله بعينٍ الحسد منذ آدم، وأن الأخير أطلعَ خالقه على ما يدور في قرارة سره حين أقدم على تذوُّق الثمرة المحرمة، لا بسبب استسلامه لغوايتها، وإنما بفعل رغبته في المعرفة ومساواة خالقه في العلم، ليخالف بذلك حكمته، ويتنكر صراحةً لنعمة الجهل التي وهَبه إياها، دون أن يعرف بأن رغبته ستدفعه باتجاه الزمن، خارج الفردوس تمامًا.
وربط الفيلسوف الروماني رغبة آدم ونسله بالمعرفة الموسومة بالانحراف والفساد، بعجز الفرد عن الاستقرار داخل أي حقيقةٍ كانت. ويرى في هذا السياق أن سعيه خلف اكتشاف المجهول والاطلاع عليه، إضافةً إلى رغبته بالتحرر من خالقه وامتلاك قدراته أيضًا، هو المسؤول عن تدمير وحدة الفردوس ومن ثم الأرض، الأمر الذي يشير صراحةً إلى غطرسته التي أعاد إليها سيوران أسباب انحطاط الفرد.
ووفقًا لما يراه صاحب "مثالب الولادة"، فإن مسعى الفرد إلى مساواة خالقه، هو ما يفسِّر اجتهاده في خلق أدواتٍ تتيح له أن يكون مخيفًا من جهة، وتمكِّنه من ستر ضعفه من جهةٍ أخرى، مما يعني أن مصدر عنفه هو وهنه لا قوته، ومردُّ عناده هو ضعفه لا حزمه، وأن عدوانيته ترتبط بعدم قدرته على التكيُّف. والنتيجة هي كائنٌ غريب الأطوار، معكِّرٌ للصفو، وأقرب إلى حادثةٍ عرضية أو بدعة ضالة، يخاف نفسه قبل أي شيءٍ آخر.
ربط الفيلسوف الروماني رغبة آدم ونسله بالمعرفة الموسومة بالانحراف والفساد، بعجز الفرد عن الاستقرار داخل أي حقيقةٍ كانت
وإلى جانب ما سبق، خَصص إميل سيوران في كتابه حيزًا قدَّم فيه قراءة لرواية "موت إيفان إيليتش" للروائي الروسي ليو تولستوي، خلاصتها أن إيفان ما كان لتكون له أي خصوصية بغير الموت، حيث أعطاه بُعدَه باعتباره كائنًا لا يوجد إلا بقدر ما يموت وفق تعبيره. ويرى، ضمن هذا السياق، أن إطالة الوقوف عند الموت والتفكير فيه عند كل مناسبة، دليلٌ دامغٌ على أنانية الإنسان وغروره.
اقرأ/ي أيضًا: قصائد "ستهجرك البلاد".. أوردة الكلام المقطوعة
ويتحدث أيضًا من قدَّم "على مرتفعات اليأس"، عن الشهرة بوصفها مشقة لا بد أن يعاني منها الكاتب في نهاية المطاف، وعن الشك، والكبرياء، والسذاجة، والعلاقة بالآخرين، وإعياء الذات، واللاوعي، وغيرها من المسائل المرتبطة بالوجود البشري.
اقرأ/ي أيضًا:
"مهنة العيش".. ترجمة جديدة ليوميات تشيزاري بافيزي
صدور "أنطولوجيا الشعر الأفغاني الحديث".. نصوص مفعمة بطعم مرارة الحروب