احتفلتْ مدينة ترّاسا الكتلانيّة الأسبوع الماضي بمهرجان الشعر "إلكسير" في كتالونيا. والذي استمر حتى يوم السبت الفائت 11 حزيران/يونيو. تأسس هذا المهرجان قبل أربع سنوات على يد مجموعة من الممثلين/الممثلات الكتلان، مع بعض الشعراء والمسرحيين. اعتمد المهرجان منذ سنته الأولى على تحضير المفاجآت التي يرى المنظمون أنها رونق المهرجان الذي حقق نجاحًا هائلًا، وبات ينتظره جمهور وأهلُ الشعر في برشلونة -العاصمة الكتالونيّة- كما لو كان الشعرُ غيثًا.
ينتظره جمهور الشعر في برشلونة مهرجان "إلكسير" كما لو أن الشعر غيث
كلّ يوم من أيام المهرجان تخلّله نشاطٌ مختلفٌ. كانت كضربة شعريّة تلقتها المدينة المضيفة، بل وأكثر، كانت صعقةً كهربائية؛ إحدى تلك الأيام كان نشاطًا يصبّ اهتمامه حول الأطفال الشعراء، حيثُ نظّم القائمون في إحدى أكبر ساحات المدينة إلقاء شعري لبعض الأطفال الذين يكتبون الشعر، بل ما يأخذ العقل والروح، أنّه تمّ تلحين بعضَ قصائدَ/نصوص هؤلاء الأطفال، وغُنيَت في ذات النشاط، وتمّ توجيهه أكثر ليكون المدعوون/الجمهور من الأطفال.
اقرأ/ي أيضًا: نيرودا وماركيز.. قصة دردشة معلنة
كانت الأمسية الرئيسية يوم 10 حزيران/يونيو بمشاركة أربعة شعراء هم: ماريّا سيفيّا، وتيريسا كلوم إي بيش، وداني أوريز، وكاتب هذه السطور. بدأ احتفال يوم الجمعة في المسرح الرئيسي للمدينة، وقبل شهرين من هذا التاريخ، فتح المهرجان باب الحجز لحضور فقط حفل التقديم الذي سيتم في المسرح، وذكرت مديرة المهرجان، الممثلة روزا بولداريس أنّه منذ 15 أيار/مايو نفدت بطاقات الدخول إلى حفل التقديم.
المغنية الكتلانيّة سيلفيا بيريز كروز افتتحت الحفل بأربع أغانٍ، وهي المغنية التي استطاعت أن تمزج أدوات الغناء الغجري/الفلامنكو، مع عذوبة الصوت الكتلانيّ، ولا بدّ من ذكر نجاحها الهائل في غناء بعض قصائد الشاعر الإسباني الكبير فيديريكو غارثيا لوركا. هذا وكان المسرح ممتلئًا، بل وإن عشرات الأشخاص بقوا خارج المسرح بسبب عدم سعته أكثر من ألف شخص. بعد ذلك قامت روزا بتقديم الشعراء في جو احتفاء كبير، ثمّ خرج أولاً الشعراء من المسرح إلى الشارع، بالإضافة إلى شاعرة صغيرة في العمر، كانت قد ركبت عربةً يجرها حصان، وخرج بعد ذلك الجمهور خلف الشعراء، وبدأت الشاعرة الصغيرة بإلقاء الشعر بينما كل الحضور والشعراء خلفها يقومون بجولة في شوارع المدينة، كان هذا هو فعل المهرجان الأوسع لوضع الشعر في مكانه الطبيعي بين الناس، في الحارات الضيقة والواسعة.
أهم ما يفعله مهرجان الشعر الكتلاني أنه يضع الشعر في مكانه الطبيعي، بين الناس وفي الحارات
اقرأ/ي أيضًا: غطفان غنوم.. متوجًا في "هوليوود للأفلام المستقلة"
بعد ذلك وصل الجميع إلى المحمية الطبيعية التي تقف على تخوم المدينة، حيث وضع المنظمون أربع خيام كبيرة دائرية ملونة كأن كل منها منطادًا، داخل كلّ منها أضواء بألوان مختلفة. ولكل شاعر خيمته التي تسع بين 300 إلى 400 شخص.
ثم قُسّم الحضور إلى مجموعات، وكلّ مجموعة يشرف عليها أدلاء/مرشدون، يرافقون المجموعة إلى الخيمة، فيبدأ الشاعر بإلقاء قصائده، وعندما ينتهي، يرافق الأدلاء المجموعة إلى خيمة أخرى، وتدخل خيمة الشاعر مجموعة أخرى مع أدلاء آخرين. وفي ساحة صغيرة داخل المحمية وضعت الأضواء، وتم تقديم اللحم المشوي والبيرا، وعلى جانب آخر وضعت كتبُ الشعر على طاولات لمن يحب أن يقتني أعمال الشعراء المشاركين.
قام المهرجان بطباعة النصوص العربية المشاركة (للشاعر السوري طلال بوخضر، وكاتب هذه السطور) في كتاب صغير مع ترجمتها إلى اللغة الكتلانية، تحت عنوان "جزر نهرية مؤقتة"، بالتعاون مع مؤسسة "سو دي باو" السينمائية، وترجمة ماريّا كاستيّس التي قامت سابقًا بترجمة مختارات من أعمال محمود درويش وسليم بركات.
اقرأ/ي أيضًا: