14-يناير-2018

ثلاثة شعراء جزائريين من ثلاثة أجيال

لأسباب تتعلّق بالإهمال المؤسساتي في الجزائر، وبالصّراع الأيديولوجي واللغوي، لم تحظَ المدوّنة الشّعرية الجزائرية بموسوعة تجمع شتات وجوهها عبر التّاريخ، بغضّ النظر عن لغاتهم وتوجهاتهم وجغرافياتهم. ذلك أن معظم المعاجم التي صدرت لحدّ اليوم خضعت للمزاج لا للمنهاج.

لم تحظَ المدوّنة الشّعرية الجزائرية بموسوعة تجمع شتات وجوهها عبر التّاريخ

اقرأ/ي أيضًا: عاشور فنّي.. من الصناعات الثقافية إلى الصناعات الإعلامية

انطلاقًا من هذا الواقع، أخذت المبادرة التي أطلقها "بيت الشّعر الجزائري" صفة الاختلاف والتميّز، إذ أعلن عن مشروع الموسوعة الكبرى للشعر الجزائري، "يكون الغرض الأساسي منها هو جمع كلّ ما طُبع من الشّعر الجزائري لتكون مرجعًا تاريخيًا وأدبيًا يحيل إلى ثراء المدونة الشعرية الجزائرية، وتكون في ذات الوقت دليلًا واضحًا بمعياريته العلمية والتوثيقية لكل الدارسين والباحثين الأكاديميين والطلبة والمهتمين بالشعر عمومًا وبالشعر الجزائري على الخصوص".

وحدّد "بيت الشّعر الجزائري"، بحسب الشّاعر والأكاديمي عبد القادر رابحي، خمس نقاط يرتكز عليها المشروع، هي وضع قاعدة بيانات لكل ما نشر من شعر جزائري منذ العصور القديمة نشرًا ورقيًا في إطار دواوين فردية أو جماعية أو دواوين محققة لشعراء ينتمون إلى فترات تاريخية قديمة. لتكون هذه القاعدة مادة أساسية لتحقيق معجم الشّعر الجزائري في نسختيه الورقية والالكترونية، وتصبح في متناول الباحثين لدفعهم للاهتمام بالنص الشعري الجزائري بوصفه وثيقة أدبية وثقافية وفنية وجمالية وتاريخية.

ليس الغرض من هذا المعجم، يقول عبد القادر رابحي، إنجاز موسوعة للتعريف بالشعراء الجزائريين، لأن هذا العمل على أهميته، قد قام به باحثون آخرون بصور غير مكتملة ضمن جهود بحثية موسوعية أو أكاديمية محترمة، بل هو تأصيل النص الشعري الجزائري في المكتبة الكونية وتوطينه في المنظومة الرقمية المستقبلية بما يحويه من معالم إبداعية تدل على شعرائه وعلى التاريخ الذي ينتمون إليه، وعلى الجغرافيا التي يعيشون فيها، ولذلك فإن هدف المعجم الأساسي هو التوثيق للنص الشعري الجزائري وليس توثيق سير الشعراء.

ويرى عبد القادر رابحي أن الميزة الكبرى للموسوعة تكمن في توثيق كلّ الشعر الجزائري المنشور والمطبوع بكلّ لغاته العربية والأمازيغية وكذلك ما كتبه الشعراء الجزائريون باللغات الأجنبية الفرنسية والإنجليزية وغيرها من اللغات، وكذا الشعر الجزائري المحكي المطبوع في دواوين أو مجاميع موثقة يمكن الرجوع إليها واعتمادها من طرف الباحثين، "لأننا نرى أن كل ما كتبه الشعراء الجزائريون بهذه الصفة وبكل اللغات يعبّر عن روح الإنسان الجزائري الممتدّة عبر التاريخ".

 مشروع الموسوعة الكبرى للشعر الجزائري يوثق شعر الجزائر المنشور والمطبوع بكلّ لغاته العربية والأمازيغية، وكذلك ما كُتب باللغات الأجنبية

اقرأ/ي أيضًا: شعر أمازيغ الجزائر.. ذاكرة الألم

من جهته، يقول الشّاعر عاشور فني لـ"الترا صوت" إنهم في "بيت الشّعر الجزائري" رأوا أن يتجنّبوا النشاطات الفرجوية التي تخلق حضورًا آنيًا سرعان ما يخبو، "ونراهن على المشاريع التي تحفظ الذاكرة وتصنع الوعي وتردم الهوّات الموجودة بين الماضي والحاضر والفاعلين الذين يكتبون وفق لغات وحساسيات مختلفة". يشرح صاحب ديوان "بين غيابين يحدث أن نلتقي" فكرته: "آن لنا أن نحتكم لشرعية الجمال وحدها، في مجال الفنون، وننأى عن التناولات الأيديولوجية التي غذّتها المنظومة السّياسية لأغراض غير ثقافية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 

عبد الرزاق بوكبة.. معول الشعر في أرض السرد

بوزيد حرز الله.. يد عالقة في الصّلصال