ألترا صوت – فريق التحرير
أصدر "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" حديثًا، العدد الثالث عشر من مجلة "أسطور"، وهي دورية علمية محكّمة نصف سنوية، تُعنى بالدراسات التاريخية، وتسعى إلى تحفيز البحث التاريخي العربي بمختلف مناهجه، لا سيما البحوث التي تأخذ على عاتقها طرح الإشكاليات والقضايا والأسئلة الجديدة، أو تنطلق منها.
تضمن العدد الجديد من "أسطور"، ثلاث دراساتٍ قُدِّمت في الندوة التي عقدتها المجلة عام 2019 تحت عنوان "المؤرخ العربي ومصادره"
ضم العدد الجديد من المجلة خمس دراساتٍ متنوعة المواضيع والاتجاهات، أضاء عادل الطاهري في الدراسة الأولى "الكتابة التاريخية: المنعطفات الإبستيمولوجية"، على المنعطفات الإبستيمولوجية في الكتابة التاريخية في الغرب، كاشفًا في الوقت نفسه عن الطابع الجدلي لمسيرة تطور الهيستوريوغرافيا الغربية، انطلاقًا من لحظة انفلات التاريخ من اللاهوت، واستيعاب الفلسفة لها، مرورًا بانتزاعها من المدرسة الوضعية، وانتهاءً بـ "المنعطف الحولياتي" وما تلاه، مُعتبرًا أن التطور في كتابة التاريخ، سبقته رؤىً ونظريات جديدة على مستوى البحث الإبستيمولوجي.
اقرأ/ي أيضًا: العدد 47 من "سياسات عربية".. العدالة الانتقالية عربيًّا
وتناول عبد الحي الخيلي في دراسته "المؤرخون العثمانيون وإصلاح الدولة: دراسة من خلال المصادر التاريخية"، آراء مجموعةٍ من المؤرخين بحثت في أزمات الدولة العثمانية، وناقشت سبل تجاوزها، عبر تقديم مشاريع إصلاحية لبنية الدولة، ومنهم: لطفي باشا بن معين الألباني، مصطفى عالي الغاليبولي، حسن كافي الأقحصاري، كاتب جلبي، وحسين أفندي الرومي، وغيره.
وتحت عنوان "قضايا حرجة من تاريخ المغرب في مطلع العصر الحديث بين التاريخ والفقه: العلاقة بين المغاربة والمحتل الإيبيري"، يبحث محمد الشريف في مسألة حساسة تتعلق بما يُعرف بـ "الوضعية القانونية" للمسلمين المغاربة الذين سقطت مدنهم وقراهم بيد الإيبيرين، وينطلق منها باتجاه الوقوف على خصوصية الخطاب المغربي في تناوله لمأزق المسلمين الواقعين تحت حكم المسيحيين، مُعتبرًا أن إعطاء المقاومة المغربية سندًا شرعيًا تجاه التوسع البرتغالي، يُعتبر من أبرز تلك الخصوصيات.
ويُخصص عبد العزيز الطاهري دراسته المعنونة بـ "تدابير الذاكرة في سياق العدالة الانتقالية: دراسة مقارنة للتجربة المغربية"، للبحث في سياسات تدبير الذاكرة في تجارب العدالة الانتقالية، عبر دراسة التجربة المغربية التي جسدتها هيئة الإنصاف والمصالحة، وعقد مقارنةٍ بينها وبين تجارب أخرى، منها تجربة جنوب أفريقيا، والأرجنتين، وتشيلي، وبولندا، وتونس، وغيرها. ويشير الطاهري إلى أن التجربة المغربية عكست نفسًا إصلاحيًا، ولكنها لم تأتي في إطار انتقالٍ ديمقراطي، وإنما ساهمت في تحولٍ ديمقراطي بطيء ومتعثر بحسب تعبيره.
أما دراسة محمد مزيان "المعرفة التاريخية بين ذاكرة الألم وتحقيق المصالحة المجتمعية: التجربة المغربية نموذجًا"، فتضيء على دور الذاكرة المجروحة، أو ما يسميه الباحث "ذاكرة الألم" المرتبطة بتجارب الاعتقال والاختطاف القسري وغيرها، في كتابة التاريخ الوطني بشكلٍ أكثر موضوعية وتوافقًا وتصالحًا مع الماضي، بالإضافة إلى تناوله لتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، باعتبارها وسيلة للتصالح مع الماضي، وتحقيق العدالة الانتقالية، بعد تجاوز انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي دراستها "مؤسسات السلطة الدينية: العرفية والمدنية في مزاب بالجزائر"، تحاول صوفية حنازلة رسم تاريخ المؤسسات الدينية والمعرفية في منطقة مزاب الجزائرية، وهي المؤسسات التي ساهمت في تطور الجماعة المزابية التي تتميز في انتمائها الديني إلى الإباضية، والإثني إلى الأمازيغية. وتسعى حنازلة في الوقت نفسه إلى تفكيك المداخلات الهوياتية التي يُقدّمها المزابيون عن أنفسهم عادةً.
واشتمل العدد الثالث عشر من "أسطور" في باب "ترجمات"، على ترجمةٍ لمدخل كتاب الباحثة الكندية ناتالي زيمون ديفيز، المعنون بـ "أسفارُ الأُلعُبان: مسلم من القرن السادس عشر بين عالمين"، ترجمة ثائر ديب. وفيها، تعرض ديفيز لمضمون كتابها الذي تبحث فيه حياة الحسن الوزّان، أو ليون الأفريقي، وأعماله، لا سيما كتابه وصف أفريقيا، معتبرةً أنها وقعت ضحية الصمت والغموض، إن كان ذلك في أوروبا، حيث أُسر، أو في شمال أفريقيا أيضًا.
تنوعت مواضيع الدراسات التي ضمها العدد الجديد من "أسطور" بين الكتابة التاريخية، ودور المؤرخ في إصلاح الدولة والعلاقة بين الفقه والتاريخ
أما باب "مراجعات"، فتضمن قراءة في كتاب "أتاتورك: السيرة الذاتية لمؤسس تركيا الحديثة" لمؤلفه أندرو مانغو، قدّمها محمد عثمانلي. بالإضافة إلى مراجعة لكتاب "القرار" الذي يضم بين دفتيه السيرة الذاتية لرئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران، قدّمها أستاذ التاريخ العربي الحديث في الجامعة الأردنية مهند مبيضين.
اقرأ/ي أيضًا: "استشراف" في عددها الخامس.. التحولات الديموغرافية العربية ورهاناتها المستقبلية
وفي باب "وثائق ونصوص"، ضم العدد دراسة لمحمد عبد المومن بعنوان "سجناء حرب الريف من خلال وثائق إسبانية"، فيما ضم الباب الأخير "ندوة أسطور"، ثلاث دراساتٍ قُدِّمت في الندوة التي عقدتها المجلة في نيسان/ أبريل 2019، بعنوان "المؤرخ العربي ومصادره"، وهي: "الأغنية الشعبية والرواية الأدبية: هل هما من مصادر كتابة التاريخ؟" لعبد الواحد المكني، و"النكتة مصدرًا تاريخيًا"، لإبراهيم القادري بوتشيش، و"من الصحافة إلى الحالة المدنية" لفاطمة الزهراء قشي.
اقرأ/ي أيضًا:
كتاب "اضمحلال الإمبراطورية الساسانية".. عن بلاد فارس القديمة
كتاب "تركيا: التاريخ السياسي الحديث والمعاصر ".. سيرة بلد في القرن العشرين