صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا كتاب "استشراف" السنوي الثامن، والذي خُصص لموضوع "مستقبلات التغير المناخي والاستدامة المجتمعية في العالم العربي".
وقد ضمّ هذا العدد، بأقسامه الأربعة "دراسات" و"ترجمات" و"مراجعات" و"قضايا مستقبلية"، مواد متنوعة في مواضيعها وإشكالياتها البحثية تهدف إلى تعميق النقاش حول قضايا التغير المناخي والاستدامة المجتمعية في عالم يتسم بالاضطراب وضبابية المستقبل وهيمنة منطق السوق الحر.
اشتمل باب "دراسات" على تسع دراسات بحثية، استهلها الباحثان الحسين شكراني وباسل أمين رجوب بدراسة "جدلية التغيرات المناخية والأمن الغذائي في المغرب ومصر: محاولة في رصد الملامح المستقبلية"، ربطت الموضوع بتأثير نشاط الدولة النيوليبرالية التي عجّلت بالهشاشة المناخية وفُقدان الأمن الإنساني، وجعلت البلدين يواجهان مخاطر حقيقية تتعلّق بارتفاع أسعار الغذاء وتدنّي قيمة العملة الوطنية، واستشرفت مستقبلات تحدّيات الأمن الغذائي في سياق توالي فترات الجفاف، وانكماش الاقتصاد الوطني، بفعل تطبيق برامج التقويم الهيكلي، وزيادة التبعية، والانكشاف للسياسات الزراعية النيوليبرالية.
خُصص العدد الثامن من كتاب "استشراف" لموضوع "مستقبلات التغير المناخي والاستدامة المجتمعية في العالم العربي"
تلتها دراسة رشيد البزيم "مستقبلات سياسات التخفيف من آثار التغيرات المناخية في المنطقة العربية"، التي تناولت تبنِّي خيارات التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة، في ظل مشهد عربي غير متجانس وسياقات الأزمات وعدم اليقين، وخلصت إلى أن احتضان المنطقة لقمم المناخ جدّد الدعم للمسارات المستقبلية للانتقال الطاقي، من خلال رفع البلدان العربية لطموحاتها وتحيين مساهماتها المحددة وطنيًّا، واعتبار قضية المناخ مسألة بقاء ووجود.
وثالثًا جاءت دراسة علي عبد الرءوف "دور المدينة والمجتمع والتوجهات العمرانية المستقبلية في مواجهة تداعيات التغير المناخي: حالة المدن الخليجية المعاصرة"، التي اعتبرت المدن السياق الحقيقي الذي سيجري فيه مستقبلًا كسب تحديات مواجهة تغير المناخ أو خسارتها، وتناولت التحديات والفرص المستقبلية لتخطيط المدن والبلدات في مناخ متغير، وقدمت توصيات بإجراءات رئيسة لمستقبل حضري أكثر مرونة، خاصة في سياق المدن الخليجية.
كما ضم الباب دراسة خالد القضاوي "الأدوار الجديدة للجيوش في سياق التحولات المناخية وتداعياتها الأمنية، بالإشارة إلى البلدان العربية"، التي درست مفارقة تبنّي الجيوش أدوارًا جديدة في مواجهة تغير المناخ، واعتمدت على منهج مقارن لتحليل الاستراتيجيات العسكرية المستقبلية المرتبطة بالتحولات المناخية المعتمدة في العديد من الدول، واستشرفت معالم استراتيجيات الأدوار الجديدة للجيوش في سياق التحولات المناخية وتداعياتها الأمنية في المنطقة العربية.
وتلتها دراسة عبد الوهاب كريم حميد وزهراء عباس هادي "التغيرات المناخية وأثرها في مستقبل أزمة المياه في العراق"، التي عرضت تأثير التغيرات المناخية في أزمة المياه في العراق، إضافة إلى تداعيات السياسات المائية لدول الجوار، واقترحت بعض الحلول المستقبلية لها.
بالإضافة إلى دراسة عائشة كعبي "التأثيرات المستقبلية لتغيرات المناخ على الموارد المائية في المغرب العربي واستراتيجيات التكيف والتخفيف"، التي خصت بالدرس والتحليل البلاد المغاربية، ورصدت أهم التأثيرات المستقبلية في مصادر الموارد المائية في المغرب العربي، ووقفت على استراتيجيات التكيّف والتخفيف من حدة التغيرات المناخية في إطار الإدارة المستدامة، بالاعتماد على إسقاط السيناريوهات العالمية لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
كما اشتمل باب دراسات على دراسة للحبيب استاتي زين الدين وإقبال بن موسى "التغيرات المناخية وتأثيراتها في الحركات الخضر في البلدان العربية: حالة المغرب وتونس"، التي خصت بالنظر الحركات الاجتماعية الإيكولوجية (الحركات الخضر) الطامحة إلى إحداث تغيير ثقافي وسياسي في ظل تنامي تغير المناخ، وما يترتب عليه من مساس بحقوق الأجيال الحالية والمقبلة، والتوعية بأهمية تعزيز القدرة على التكيف مع التغييرات المناخية.
وتلتها دراسة لمحمد صدوقي حملت عنوان "الضريبة الخضراء في العالم العربي؛ بالإشارة إلى حالات المغرب والأردن وتونس" التي استكشفت دور الأدوات الاقتصادية في تحقيق أهداف السياسات البيئية المنتهجة في العالم العربي، من خلال عرض تجارب ثلاث دول عربية (المغرب، والأردن، وتونس)، والتي تتمثل في حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة بالتركيز على الضرائب البيئية (الضريبة الخضراء).
واختتم الباب بدراسة محسن الندوي "استشراف مستقبل النظرية الخضراء في مواجهة التغيرات المناخية في الوطن العربي"، التي دافعت عن منظور النظرية الخضراء، وأهمية أن تتبنّاه البلدان العربية، في استراتيجياتها المستقبلية وفي حكامتها الدولية لتحديات التغيرات المناخية.
وتضمن باب "ترجمات" دراسة يوري كاليو وفرانشيسكو بيلا بعنوان "السيناريوهات المستقبلية المبنية على طريقة دلفي: تحليل كمي إحصائي لدراسات حالة تغير المناخ"، التي قدمت مراجعةً منهجيةً مستفيضةً للسيناريوهات المستقبلية المبنية على طريقة دلفي والمطبَّقة في سياق تغير المناخ، والتي تُعَدّ من أهم طرائق تحديد التوقعات المستقبلية في سياق الدراسات المستقبلية.
وفي باب "مراجعات"، تضمن العدد ثلاث قراءات نقدية، الأولى لعبد الدايم بطيوي وروبرت لي الرابع بعنوان "استكشاف مستقبلات دراسات التغير المناخي عن العالم العربي: مراجعة نسقية للمقاربات باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية".
والثانية لهيئة تحرير استشراف بعنوان "جذور التغير المناخي الرأسمالية ومستقبلاته: قراءة نقدية في كتاب: تنظيم الاستجابات للتغير المناخي: سياسات التخفيف والتكيف والمعاناة".
والثالثة لعبد الصمد العباسي بعنوان "الآفاق المستقبلية للاستدامة في المغرب: قراءة نقدية في تقرير 'النموذج التنموي الجديد".
وأخيرًا، قدم باب "قضايا مستقبلية" مجموعة من المقالات وعروض الكتب الحديثة خارج موضوع العدد، تهمّ حقل الدراسات المستقبلية والاستشراف، ساهمت في تنويع مضامين العدد وإثراء النقاش حول موضوعات مستقبلية متنوعة.