استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم أمس ،الأربعاء 5 تشرين أول/ أكتوبر 2022، الدكتور رشيد بوطيب، أستاذ الفلسفة في معهد الدوحة للدراسات العليا، الذي قدّم محاضرةً بعنوان "’العصرية‘ و’المعاصرة‘: أفكار من أجل فلسفة بيثقافية عربية"، تناول فيها أهمية الفلسفة البيثقافية في النقاش الفلسفي العربي.
الفلسفة البيثقافية لا تحتل مكانتها التي تستحقها داخل السياق الفكري والأكاديمي الغربي، ولا خارجه، على الرغم من أننا نعيش في عالم تحكمه العولمة والتعددية الثقافية ومختلف أشكال لقاء الآخر أو نسيانه
اعتبر الباحث أنّ الفلسفة البيثقافية لا تحتل مكانتها التي تستحقها داخل السياق الفكري والأكاديمي الغربي، ولا خارجه، على الرغم من أننا نعيش في عالم تحكمه العولمة والتعددية الثقافية ومختلف أشكال لقاء الآخر أو نسيانه. وبرر الباحث ضعف هذا الحضور بعدم اهتمام الفلسفة السائدة في الجامعات - وهي الفلسفة الغربية - بالانفتاح على تقاليد فلسفية من خارجها، مشددًا على أن الآخر، الغريب، المختلف، منذ أفلاطون، لم يستحق جهد المفهوم. وإن حضر هذا الآخر داخل هذه الفلسفة، فهو يحضر وفقًا لمنطق التكوين أو الشبيه أو الحُكم المسبق. وأضاف الباحث أنّ السلفية والتغريب، باعتبارهما يمثلان موقفًا من الحداثة، يؤسسان كُلٌ من جهته، وفقًا لمرجعيته وأسلوبه ونظرته إلى العالم، لفكر أو تفكير مستقل عن الأسئلة الاجتماعية؛ لأن كليهما يقومان على التقليد ويستحكم بهما السحر، ويتحققان كمثالية مجتثّة. واعتبر أن الترجمة الاجتماعية تتحقق فكرًا محايثًا؛ لأنها ممارسة تضع نصب عينيها السؤال التالي: لماذا نفكر؟ وبلغة أخرى: هل نفكر فعلًا حين ننتج أفكارًا لا علاقة لها بواقع الناس أو حين نمارس "الفكر من أجل الفكر؟ "وفي صيغة أخرى: هل نفكر فعلًا حين نعيد إنتاج الفكر السائد ونلتزم بقواعده ومناهجه؟
واستنتج الباحث أنّ قراءة العلاقة التي دشّنها الفكر العربي الحديث والمعاصر في خطَّيه الإصلاحي والتغريبي بالفكر الغربي، من شأنها أن تسلّط الضوء على العطب البنيوي الذي يعيشه هذا الفكر، والذي يمنعه من أن يجد له موطئ قدم في الزمن الراهن، أو أن يتحول إلى نظرية تؤثر إيجابيًا في مسار المجتمع ككل. ودعا إلى إحداث منعطف اجتماعي في التفكير، يولي الواقع الاجتماعي وأسئلته وقضاياه وحاجاته الملحة أهميةً، وذلك حتى فيما يتعلق بالسؤال البيثقافي وصياغته.
وقد قدّم الدكتور الزواوي بغورة، أستاذ الفلسفة المعاصرة بجامعة الكويت، مداخلة تعقيبية، نبّه فيها إلى أهمية الفلسفة البيثقافية في تجاوز أزمة رطانة الخطاب العربي الإصلاحي. وقد أعقب السيمنار نقاشٌ ثريّ شارك فيه باحثون وأساتذة في المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته.