سقط ليفربول سقطة كنا نتوقع أن تكون بدايتها في 2020 بعد أن فاز بالدوري الإنجليزي وقدم مستوياتٍ ظن الكثير أنها لن تعود مرةً أخرى في جميع المنافسات. هذا الموسم، ظنون الجميع كانت صحيحة، هي لم تعد مرة أخرى لأنها ظهرت بشكلٍ أسوأ.
عندما تمر سبع سنوات بنفس التكتيك، فمن الطبيعي أن تصبح كتاباً مفتوحاً لمنافسيك. هذا بالضبط ما حدث مع أحمر الميرسيسايد
يلقي البعض اللوم على كلوب، والبعض الأخر يلقيه على اللاعبين. هناك من رماه على الإدارة، وهناك من يرميه على الجماهير. يعامل اللوم وكأنه جمرة يتم تمريرها على كل من يمر في طريق "الأنفيلد رود" ليلقيها على أحدهم.
اللوم يقع على معظم من يتعلق اسمه بليفربول الآن، لكن النظر للأمر من بدايته في بعض الأحيان يكون هو الحل الأمثل. سنعود عامين للوراء حتى نصل إلى الليلة القريبة، والتي ظهر فيها كل شيءٍ بأوضح شكل، ليلة مذبحة الأنفيلد التي قادتها أوركسترا كارلو أنشلوتي.
كسر القاعدة لمن لا يستحقها كان أول خطوة
سياسة ليفربول في التجديد لكل من يتعدى سنه الثلاثين عاماً تقضي بالتجديد له عند نهاية عقده بعقدٍ قصير الأجل. آخر لاعب رفض التجديد للنادي عند تطبيق هذه السياسة من التشكيلة الأساسية كان الدولي الهولندي فينالدوم، والذي رفض شروط النادي التي تجعله يرتبط به لفترة قليلة وهي عامين.
لكن على عكس فينالدوم الذي كان مؤثراً في معظم المباريات التي شارك فيها أساسياً في أخر موسمين له، جوردان هيندرسون حصل على العقد الذي يمتد لأربع أعوام في أغسطس 2021 لكي ينتهي في 2025، هو صاحب متوسط تقييم الـ 6.28 في جميع الدقائق التي شارك فيها بقميص الريدز، ولم يسهم بشكلٍ إيجابي في أخر موسمين له في بطولتي الدوري ودوري الأبطال، وهذا كافٍ كدليل على أن كسر هذه القاعدة لصالحه لم يكن الحل المثالي.
يعامل اللوم وكأنه جمرة يتم تمريرها على كل من يمر في طريق "الأنفيلد رود" ليلقيها على أحدهم.
لكن صاحب كسر هذه القاعدة لم يكن المدير الرياضي مايكل إدواردز، بل كان قرار يورجن كلوب الذي عارضه إدواردز وبشدة، والذي شعر أن له الحق في أخذ القرار بما أن ليفربول هو المشروع المشترك بينه وبين المدرب الألماني، وعند هذه النقطة قرر أن يخرج من بوابة أنفيلد، حتى لا يكون وقوع الفريق من مسؤوليته.
كشف الخطط للجميع بـ 20 جنيهاً فقط
كل خطط الفريق يجب أن تكون سرية، ومن المعروف أن ليفربول يقدّر هذه النقطة، هناك تقارير ظهرت في السابق أيضاً تشير إلى أن يورجن كلوب نفسه رفض تسجيل أي شيء من داخل غرف اللاعبين، أو لخططه كما فعل مانشستر سيتي، توتنهام وأرسنال في "All Or Nothing"، برنامج أمازون الشهير.
لكن ما فعله بيب ليندرز، المدرب المساعد ليورجن، كان أمراً غريباً. قبل بداية هذا الموسم طرح المدرب كتاب "الحدة: داخل نادي ليفربول لكرة القدم" الذي يشرح بعض التكتيكات الخاصة بالنادي والعديد من الأشياء التي تحدث خلف الستار بـ 20 جنيه استرليني.
هناك من ثار على المدرب من الجماهير، وهناك من ثار عليه من اللاعبين السابقين مثل ديتمار هامان، الذي علق قائلاً: "أجراس الإنذار دقت عند جماهير ليفربول عندما قام المدرب المساعد بكتابة كتاب أثناء عمله بالنادي. كيف سمح له بهذا؟ لست متأكداً. السؤال الوحيد هو: هل هناك منفعة للنادي؟ الإجابة ببساطة هي: لا. عمله ليس تعليم المدربين الآخرين وهو يأخذ المال من ليفربول."
هذه التصريحات التي غرد بها على تويتر لم تكن التصريحات التي يحبها يورجن كلوب، وقد هاجم اللاعب السابق من قبل في مؤتمرٍ صحفي قائلاً: "اللعب لليفربول لا يعطيك الحق لأن تقول ما تريد، خاصةً إن كان لا يوجد عندك فكرة." لكن حتى لو كان الكتاب يفضح تكتيكاً واحداً، فمن الممكن أن يكون هو السلاح الذي يستخدمه الجميع لمواجهة كتيبة كلوب في ظرفٍ أو آخر. حتى لو كان تكتيكاً واحداً للدفاع أو الهجوم، فهو باطلٌ الآن لأن الجميع يعرفه.
الخروج من الصيف بصفقات تسكت الأفواه
انتدب ليفربول أربعة لاعبين في الصيف الماضي. دخل داروين نونيز في خط الهجوم، كالفين رامسي في خط الدفاع، فابيو كارفالو وأرثر ميلو في وسط الملعب. صفقة داروين نونيز كانت الألمع، والتي تجني ثمارها متأخراً نوعاً ما نظراً لاختلاف طريقة لعبه عمّا كانت في بنفيكا، وأخذ وقته بالفعل في التأقلم.
لكن الجميع يعلم أن رامسي وكارفالو هنا من أجل تطويرهم داخل النادي لحجز مكانهم في التشكيلة الأساسية مع مرور الوقت، ولكن أرثر؟ إعارته هي الأغرب من نوعها. الأغرب من نوعها لأنها كانت صفقة لغلق أفواه المشجعين. لاعبٌ معروف ويلعب في خط الوسط الذي يحتاج ليفربول لأن يغيره بأكمله الآن، وحتى الإعلان الرسمي الخاص باللاعب كان توجهه الإعلامي هو أن النادي يستمع للجماهير.
لكن أرثر لم يستمع بنفسه للجماهير لأنه تقريباً لم يلعب من الأساس. جاء مصاباً وسيظل مصاباً، ولن يفعل بند الشراء الخاص به. اللاعب كان مجرد سد خانة لا أكثر حتى يشتري النادي جود بلينجهام في الصيف القادم، على حسب الخطة المكشوفة تقريباً منذ عامين لليفربول.
كانت هناك الكثير من الخيارات مثل موسى كاسيدو، روبين نيفيز، ماك أليستر وحتى ماثيوس نونيز الذي تركه ليفربول لذئاب وولفرهامبتون، لكي ينتهي بهم المسار لمحاولة انتدابه مرةً أخرى الصيف القادم على حسب التقارير. كل هذا ناتجٌ عن إدارة لا تريد دفع المال في اللاعبين، ولكن بأي شكل تريد هذه الإدارة أن تنافس أكبر الفرق في أوروبا بدون أن تستثمر في لاعبيها؟
لا أحد يسقط فراداً
أي فريق كرة قدم به لاعب أو اثنين تجدهم خارج إطار المباراة بشكلٍ شبه كامل في كل مباراة، وبعدها يعود اللاعب لمستواه الطبيعي بعد مرور فترة. سقوط الجميع مرةً واحدة كان الأزمة الكبرى هذا الموسم، وهذا ما دفع بالنادي في ترتيبات نصف الجدول.
هناك من كانت عليهم علامات استفهام واضحة منذ بداية الموسم، وهناك من لحقوا بهؤلاء في وقتٍ لاحق حتى وصل الفريق لما هو عليه الآن. هذا يظهر من ناحية أرقام الهجوم والدفاع، التي تبدو وكأنها أرقام ناد من نوادي منتصف الجدول عند النظر إليها.
عناد الألماني على خططه التي صارت محفوظة صار أزمة واضحة وصريحة. الجميع صار يعرف أن بناء الهجمات من الأطراف هو مفتاح ليفربول للوصول إلى المرمى
سجل النادي 38 هدفاً في الدوري الممتاز، وهذا يضعه الآن في المركز السادس أسفل برايتون في ترتيب الأهداف. تلقت شباك النادي 28 هدفاً، ولكنه حافظ على نظافة شبكاه في ثمان مباريات. أربع أهداف من التي تلاقها ليفربول كانت من نيرانٍ صديقة، ولا يوجد ناد سجل في نفسه أكثر من هذا الرقم.
لأن الأرقام قد تكون معقدة في بعض الأحيان، منصة WhoScored تذكر في تقاريرها، المبنية على تجميع كل بيانات المباريات، كل ما يعاني منه ليفربول، والذي يتلخص في:
- مشاكل في تفادي التسلل.
- الصعوبة في الدفاع ضد الكرات البينية.
- ضعف في الالتحامات الهوائية.
- الصعوبة في تفادي الأخطاء الفردية.
- مشاكل جسيمة في تعطيل صناعة فرص الفريق الخصم.
- صعوبة بالغة في الدفاع ضد المرتدات.
هذه المشاكل إن كانت تخص أحدًا، فتخص بالذات خطوط الدفاع والوسط، وهذا لأنها مشاكل تقع في جزئية تحويل اللعب من نصف ملعب الخصم لخط هجومه، واستكمال الهجمة بها.
لعنة الإصابات لقلة المداورة
لا يمكنك أن تلعب كل مباراة بنفس المستوى، ولكن إن كان لا يوجد خيار المداورة، فستلعب كل مباراة بنفس الطاقم تقريباً. خيار المداورة غائب بسبب الإصابات، وطبعاً قلة المداورة تصيب اللاعبين الذين يلعبون في فترة ما، ثم يأتي طاقمٌ أخر لكي يأخذ مكان اللاعبين الذين أصيبوا والدورة تستمر.
هذه الأزمة ظهرت بعد أن لعب النادي كل مباراة مفتوحة له في الموسم الماضي، لأنه وصل لنهائيات كل البطولات وكان في طريقه للظفر برباعية، أي نعم الناتج النهائي كان كأسين محليين، لكنه لعب كل المباريات في النهاية. في الموسم الماضي كان الأمر أفضل قليلاً لأن كان هناك عددٌ أكبر من اللاعبين داخل أسوار النادي، ولكن الآن، اختلف الأمر بشكلٍ واضحٍ وصريح.
وأخيراً، العناد يولد الكوارث
عناد الألماني على خططه التي صارت محفوظة صار أزمة واضحة وصريحة. الجميع صار يعرف أن بناء الهجمات من الأطراف هو مفتاح ليفربول للوصول إلى المرمى. نفس تشكيلة الـ 4-3-3 التي يعتمدها ليفربول هي نفس التشكيلة التي دخل بها الموسم مع تعديلاتٍ بسيطة داخل المباراة.
كل فريق يدخل على ليفربول يستغل هذه الجزئية مع الدفاع المتقدم. صارت جزءًا من أساسيات اللعب ضد الريدز أن تضع أسرع مهاجم لك أما خط الدفاع المتقدم مع الكرات الثابتة، وأن تستهدف أطراف الفريق الذي لا يلعب في وسط الملعب إلا بهجماتٍ قليلة لا يستطيع أن يترجمها لأهداف على أطرافه.
حتى عندما حاول كلوب أن يغير من كل هذا في نصف الدوري، فشل فشلاً ذريعاً لأنه لم يملك اللاعبين الذين يمكن تشغيلهم في مساحاتٍ مختلفة، بسبب لعنة الإصابات التي لحقت به، ويضاف على هذا عدم توافق التغييرات مع باقي اللاعبين بالذات في الجهة الأمامية.
عندما تمر سبع سنوات بنفس التكتيك، فمن الطبيعي أن تصبح كتاباً مفتوحاً لمنافسيك. هذا بالضبط ما حدث مع أحمر الميرسيسايد، الذي صارت حقوق ملكيته لنفسه مفتوحة المصدر.