النساء لسن دومًا ضحايا العنف. الرجال يمكن أن يكونوا أيضًا من ضحاياه. إذ تشير بعض التقارير الحقوقية، إلى أن أكثر من 11 ألف حالة عنف يتعرض لها الرجال في المغرب من قبل نسائهم أو أقاربهم، وهذا ما أعلنته منذ عام "الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال". ويأتي العنف الجسدي في المرتبة الأولى إذ يشكل ما بين 20 و25% من الحالات، التي تقصد مقر الشبكة لتسجيل شكوى ومتابعة. ومن بين أنواع العنف الجسدي ضد الرجال بالمغرب، الضرب والجرح، ويصل أحيانًا إلى حد الأذى باستعمال أدوات حادة كالسكاكين والسواطير وأدوات المطبخ وأخرى مخصصة للاستعمال المنزلي.
تشير بعض التقارير الحقوقية، إلى أن أكثر من 11 ألف حالة عنف يتعرض لها الرجال في المغرب من قبل نسائهم أو أقاربهم
أما العنف القانوني فيأتي في المرتبة الثانية، ونسبته تقدر ما بين 15 إلى 10%، ونقصد بالعنف القانوني الذي يختص أساسًا بـ"المساطر القانونية" المرتبطة بمدونة الأسرة، وحرمان الرجل من رؤية أطفاله، وعدم استطاعة الملزم بالنفقة أداء ما حكمت عليه المحكمة به لكونه يفوق طاقته، ما يجعل الرجال عرضة للسجن. عند قراءة التقرير أو التمعن في التصريحات، التي يطلقها رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال، قد يصعب علينا التصديق. نسأل كيف يعقل لامرأة أن تمارس عنفًا ضد رجل (غالبًا ما يكون زوجها)، إلا أنه عندما نسمع قصصًا لرجال يحكون عن العنف الممارس ضدهم، نستوعب القضية.
اقرا/ي أيضًا: العنف الزوجي وزواج القاصرات.. أرق المغربيات
يروي حمزة، شاب في الخامسة والثلاثين من عمره، في مقابلة مع "ألترا صوت" أنه ضحية عنف من قبل زوجته، التي طلبت الطلاق منه بمجرد طرده من العمل، وهو أب لطفلين تتراوح أعمارهما ما بين خمس وثلاث سنوات. حمزة الذي وجد نفسه فجأة من دون عمل، عندما قرر مديره إغلاق محل للتجارة بسبب كثرة الديون، ليتفاجأ بعد مرور أيام من جلوسه في المنزل بتصرفات زوجته التي تحط من كرامته. يقول لـ"ألترا صوت": "لم أتخيل يومًا أن تصرفات زوجتي السابقة ستتغير معي، بمجرد جلوسي في المنزل وعدم إيجاد عمل جديد. فبعد إغلاق المحل الذي كنت أعمل فيه بائعًا، اضطررت للجلوس في المنزل، بحثت كثيرًا عن عمل، لكني لم أجد".
يأتي العنف الجسدي في المرتبة الأولى إذ يشكل ما بين 20 و25% من حالات العنف ضد الرجال في المغرب
عمدت زوجته إلى خلق فرص للشجار أمام أطفاله "للحط من كرامته"، كما يقول، مضيفًا: "كانت تختلق الشجار معي من لا شيء، وأحيانًا كانت تتهمني بضربها وتعنيفها أمام والديها، لأظهر بمظهر الظالم، لم أستطع المقاومة كثيرًا، طلبت الطلاق، وبالفعل يبدو أنها كانت تنتظر أن تطلق بفارغ الصبر". بعد الطلاق، يقول حمزة، "بدأت المشاكل"، إذ حكم قاضي الأسرة بمبلغ نفقة لطفلين يقدر بـ100 دولار لكل طفل.
يتابع حمزة حديثه بانفعال: "أليس هذا ظلمًا؟ أنا عاطل عن العمل، كيف يعقل أن أسدد النفقة التي تعتبر باهظة بالنسبة لوضعيتي المادية". بالإضافة إلى ذلك، منع حمزة من رؤية أطفاله. يقول: "عدم رؤيتي لأطفالي يحز في نفسي، صحيح أن مبلغ النفقة جد مرتفع بالنسبة لإمكانياتي المادية، لكن عدم رؤية أطفالي يعذبني كثيرًا، في كل مرة أطالب برؤيتهم، أجدها تخلق أعذارًا وحججًا واهية".
حمزة ليس سوى عينة من رجال كثيرين ضحايا العنف. قصته تشبه قصة عبد الجليل. وهو رجل في الخامسة والستين من عمره، أحد الضحايا العنف أيضًا. يتحدث لـ"ألترا صوت" بصوت حزين، أنه طرد من البيت من قبل أبنائه الثلاثة. قصته بدأت عندما أحيل على التقاعد ووجد نفسه أيضًا من دون عمل، يقول: "لا أحد في المنزل يحترمني، ربيت أبنائي الثلاثة بعرق جبيني ولم أبخل عليهم بشيء، لكني تفاجأت بتصرفاتهم الغريبة معي". لا يصدق عبد الجليل أنه سيرقد يومًا في دار العجزة بالدار البيضاء، وهو الذي كان يملك منزلًا وعملًا، ويضيف: "أعترف بخطئي عند وثوقي بزوجتي، وتحويل المنزل باسمها، لقد كنت خائفًا عليها من غدر الزمان، لكنها تآمرت عليّ، وقامت بطردي هي وأبنائي إلى الشارع دون رحمة".
صحيح أن عبد الجليل لم يحك لنا الكثير من التفاصيل، التي توضح أسباب قيام زوجته وأبنائه بطرده، لكن وكما يقول عبد الفتاح بهجاجي، رئيس شبكة العنف ضد الرجال، لـ"ألترا صوت": "من مظاهر العنف ضد الرجال، طردهم من منازلهم من طرف زوجاتهم وأبنائهم والاستيلاء على ممتلكاتهم، بالإضافة إلى بروز نوع جديد من العنف، وهو التحرش الجنسي ضد الرجل لكن حسب إحصاءاتنا هو لا يتعدى 10%".
اقرأ/ي أيضًا: