في إطار اشتغاله المستمر والدؤوب على قضايا التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي، أصدر "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" الجزء الثاني من كتاب "العنف والسياسة في المجتمعات العربية المعاصرة"، الذي يضمُّ دراساتٍ وبحوثًا قُدّمت في المؤتمر السنوي الرابع الذي نظّمه المركز في تونس بين 12 و13 أيلول/ سبتمبر 2015، وحمل الكتاب عنوانه. وضمَّ هذا الجزء الذي ركّز على "ثنائية الثقافة والخطاب" ثلاث عشرة دراسة موزّعة على قسمين، الأوّل "ثقافة العنف السياسي والهويّة في المجتمعات العربيّة"، والثاني "خطاب العنف ولغته في الفضاءات الحضرية العربيّة".
تُؤسس قضية العنف في الخطابات الحزبيّة في المغرب على ثالوث اللغة والسلطة والعنف
ناقش القسم الأوّل من الكتاب الواقع في 528 صفحة، والذي أعدّه وقام بتنسيقه كلّ من محمد جمال باروت وأحمد حسين؛ ثقافة العنف والسياسة وارتباطها بالهويّة في المجتمعات العربيّة المعاصرة، وذلك من خلال سبعة فصول/ دراسات لعدد من الباحثين والكتّاب، تبدأ بدراسة لأستاذ العلوم الاجتماعيّة والانسانيّة في جامعة صفاقس - تونس علي صالح مولى تحت عنوان "ثقافة النحر وحرفة قطع الرؤوس.. أي معقوليّة؟ مقاربة تحليليّة نقديّة". ويقدّم مولى في هذه الدراسة السياقات والمسارات التي تتحرّك في ظلّها ظاهرة ثقافة النحر وقطع الرؤوس عند بعض الجماعات المقاتلة. بالإضافة إلى العمل على تفسيريها وقراءتها نقديًّا.
اقرأ/ي أيضًا: تبغ وزيتون: حكايات وصور من زمن مقاوم
تتناول بقيّة الفصول/ الدراسات مواضيع عدّة في إطار الفكرة الأساسيّة من هذا الفصل، كالعلاقة بين السياسيّة الأمنيّة والسياسة الجنائيّة في تدبير العنف السياسي، وأيضًا ثقافة العنف السياسي الناعم، والعنف الهويّاتي والمطالب السياسيّة المرتبطة به في أعقاب الثورات العربيّة. بالإضافة إلى الدولة المتصدّعة والمواطنة غير الأكيدة، ومسألة الاندماج والهويّة لدى الشباب العربي من أصول مغاربيّة في فرنسا، وأخيرًا ثقافة التسامح في الفكر العربي التي يطرحها الدكتور أحمد مفلح في نهاية هذا القسم.
يضمُّ القسم الثاني من الكتاب "خطاب العنف ولغته في الفضاءات الحضرية العربيّة" ستّة فصول/ دراسات تبحث في العنف الخطابي وتحليله في المجتمعات الحضرية. وتتناول الفصول/ الدراسات مواضيع عدّة، كالبحث في قضية العنف في الخطابات الحزبيّة في المغرب، والتي تؤسّس، بحسب الباحث محمد الفتحي، على ثالوث اللغة والسلطة والعنف. ويقدّم الباحث محمّد همام مناقشةً لقضيّة العنف اللغوي - الشتائم السياسيّة - في الخطاب السياسي المغربي. بينما يبحث روذهات ويسي خالد في دراسته "الهاتف المحمول والعنف الجندري في كردستان العراق: دراسة استطلاعية لآراء عيّنة من الشباب في مدينة دهوك" في تأثير الهاتف المحمول على أنماط التفاعل والتواصل الاجتماعي في العراق.
بينما يناقش الجزائري عبد الله ملوكي في الفصل الحادي عشر أثر التواصل في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي لما لها من قدرة عالية على تخطّي الحدود المكانية، وتقريب الفواصل الزمنيّة الأفراد والهيئات من دون مراعاة للفروق الإثنيّة والأيديولوجيّة والعقائدية في تعزيز انتشار الانحراف السلوكي بأشكاله المختلفة، خصوصًا في المجال السياسي. ويتناول نديم منصور في الفصل الثاني العلاقة بين العنف الحقيقي القائم في المجتمع الواقعي وبين العنف الإلكتروني المنتج في المجتمع الافتراضي، قائلًا إنّ العلاقة هي المخاوف الأخلاقية التي تنتجها وسائل الإعلام بشكليها التقليدي والحديث.
في الفصل الأخير من هذا القسم، يبحث المصريّ محمّد العدوي في العلاقة بين العنف والعشوائيّات والسياسة في مصر قبل ثورة 25 يناير (2011) وبعدها، مع التركيز على إقليم القاهرة الكبرى بمحافظاته الثلاث (القاهرة والجيزة والقيلوبية)، وذلك بعد أن صار العنف من السمات البارزة في الشأن السياسي، وكذلك المجتمعي فيها.
تأتي العلاقة بين العنف الواقعي وبين العنف الإلكتروني بسبب المخاوف الأخلاقية التي تنتجها وسائل الإعلام بشكليها التقليدي والحديث
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "ثمن الحضارة".. تشخيص وعلاج لمريض اسمه أمريكا
وكما أسلفنا، فإنّ هذا الجزء هو الجزء الثاني من الكتاب، حيث سبقه جزء أوّل تحت عنوان "العنف والسياسة في المجتمعات العربيّة المعاصرة: مقاربات سوسيولوجية وحالات".
اقرأ/ي أيضًا: