قال جراحون أجانب عملوا في غزة في الأشهر الأخيرة، لصحيفة الغارديان البريطانية، إن الأسلحة الإسرائيلية المصنّعة والمصمّمة لرش مستويات عالية من الشظايا تسبّب إصابات مروّعة للمدنيين في غزة، وتؤذي الأطفال بنحوٍ غير متناسب.
ويقول الأطباء، الذين تحدثوا للصحيفة البريطانية، إن العديد من الوفيات وبتر الأطراف والجروح التي غيّرت حياة الأطفال الذين عالجوهم جاءت نتيجة إطلاق الصواريخ والقذائف في مناطق مكتظة بالمدنيين.
وأكد أطباء متطوعون في مستشفيين في غزة أن أغلب العمليات التي أجروها كانت لأطفال أصيبوا بشظايا صغيرة تخلف جروحًا بالكاد يمكن تمييزها، لكنها تسبب دمارًا واسع النطاق داخل الجسم. وقالت منظمة العفو الدولية إن هذه الأسلحة مصممة على ما يبدو لزيادة عدد الضحايا إلى أقصى حد.
وذكر خبراء الأسلحة أن الشظايا والجروح تتوافق مع الأسلحة المصنّعة في إسرائيل، والمصممة لإحداث أعداد كبيرة من الضحايا على عكس الأسلحة التقليدية المستخدمة لتدمير المباني، وتساءل الخبراء عن سبب إطلاقها على مناطق مكتظة بالمدنيين.
وتحدّثت الصحيفة في تقريرها المطوّل إلى ستة أطباء أجانب عملوا في مستشفيين بغزة، هما المستشفى الأوروبي ومستشفى الأقصى، خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ووصف جميعهم تعرض الفلسطينيين لجروح بالغة ناجمة عن أسلحة (شظايا)، والتي قالوا إنها أسهمت في ارتفاع معدلات البتر بنحوٍ مثير للقلق منذ بدء الحرب.
وقال الأطباء إن الإصابات شوهدت لدى البالغين والأطفال، لكن الضرر الذي لحق بهم كان من المرجح أن يكون أكثر شدة بالنسبة للأجسام الأصغر سنًّا.
وأوضح خبراء المتفجرات الذين راجعوا صور الشظايا وأوصاف الأطباء للجروح أنها تتفق مع القنابل والقذائف المزودة بـ "غلاف شظايا" حول الرأس الحربي المتفجر من أجل زيادة الخسائر إلى أقصى حد، كما تم توثيق استخدامها في الهجمات الإسرائيلية السابقة على غزة.
قال جراحون إن الأسلحة الإسرائيلية المصنّعة والمصمّمة لرش مستويات عالية من الشظايا تسبّب إصابات مروّعة للمدنيين في غزة
وكانت منظمة العفو الدولية قد تعرّفت لأول مرة على الذخائر المعبأة بالمكعبات المعدنية المستخدمة في صواريخ سبايك في غزة في عام 2009، وقالت في تقرير صدر في تلك الفترة: "يبدو إن هذه القنابل مصممة لإحداث أقصى قدر من الإصابات، وفي بعض النواحي تبدو وكأنها نسخة أكثر تطورًا من الكرات أو المسامير والبراغي التي غالبًا ما تضعها الجماعات المسلحة في الصواريخ البدائية والقنابل الانتحارية".
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن أعداد الأطفال الذين أصيبوا في الهجوم الإسرائيلي على غزة "مذهلة"، وتقدر الأمم المتحدة أن إسرائيل قتلت أكثر من 38 ألف شخص في العدوان على غزة، من بينهم ثمانية آلاف طفل على الأقل، على الرغم من أن الرقم الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير، كما أصيب عشرات الآلاف.
وأضافت الأمم المتحدة إسرائيل إلى قائمة الدول التي ترتكب انتهاكات ضد الأطفال أثناء النزاع في حزيران/ يونيو الماضي، ووصفت نطاق القتل في غزة بأنه "نطاق وكثافة غير مسبوقين من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال".
وتتعلق العديد من الحالات التي يتذكرها الجراحون بأطفال أصيبوا بجروح بالغة عندما سقطت الصواريخ في المناطق التي يعيش فيها مئات الآلاف من الفلسطينيين في الخيام أو بالقرب منها بعد أن أجبروا على النزوح من منازلهم بسبب الهجوم الإسرائيلي.
وقال الأطباء إن العديد من الأطراف كان يمكن إنقاذها في ظروف أكثر طبيعية، لكن نقص الأدوية وغرف العمليات حدّ من قدرة الجراحين على تنفيذ إجراءات الطوارئ لإنقاذ الأرواح. وقد أجريت عمليات بتر الأطراف لبعض الأطفال دون تخدير أو مسكنات، مما أعاق تعافيهم، كما أشار الأطباء إلى مواجهتهم تحديّات تفشي لعدوى بسبب الظروف غير الصحية ونقص المضادات الحيوية.