بعد 11 سنة في الدوري الإنجليزي الممتاز، يسقط فريق القديسين إلى الهاوية التي ابتعد عنها لعقد من الزمان. كرة القدم في النهاية لا ترحم أحدًا، فهي لعبة مكسب أو خسارة، وهناك بعض الأندية التي تحافظ على مكاسبها لأطول الفترات الممكنة وهناك البقية الذين يوقنون دائمًا بأن كل هذا لن يستمر للنهاية.
لعب ساوثهامبتون 11 موسمًا متتاليًا في البريميرليغ، خلالها شارك في بطولات أوروبية وصنع الكثير من نجوم اللعبة، فمن تسبّب بسقوطه للدرجة الأولى؟
ساوثهامبتون لم يستطع أن يحافظ على مكاسبه. من الصعب أن تصدق أن النادي كان يلعب في بطولة أوروبية منذ ثمانية أعوام تقريبًا، ومن الصعب أيضًا أن تصدق أن هناك أسماءً كبيرة خرجت من هذا النادي مثل جاريث بيل، فيرجيل فان دايك، ساديو ماني، لوك شو وألدرفيلد. صعب التصديق لأن ما تراه الآن من النادي الذي أخرج لاعبين فازوا بأرفع الجوائز في أوروبا لا يعكس صورتهم بأي شكل كان.
ما قبل الكارثة
عند العودة للزمن قليلاً ستتذكر أيام رونالد كومان وماوريسيو بوكتينو. بوكتينو كان مهتماً بشقين: تقديم كرة قدم مثيرة وتطوير مهارات اللاعبين. جنى ثمار هذا في موسمه الأول في الدوري الإنجليزي، والذي أنهاه بـ 56 نقطة لكي يضع النادي في المركز الثامن لأول مرة في تاريخه. لعب كرة قدم كانت تعتبر متهورة بالنسبة لفريق لم يكمل عامين في الدرجة الأولى، وهذا لأنه قدم كرة قدم معتمدة على الهجوم والتحول السريع بالكرة، في الوقت الذي كانت تلعب فيه الأندية الصغيرة بحذر.
ما ساعده كانت الأسماء المتواجدة وقتها والتي طورها هو بنفسه، والتي تتضمن لوك شو الذي ذهب لليونايتد، آدم لالانا الذي تحرك للميرسيسايد مع ليفربول وجيمس وارد براوز الذي لا زال جالساً مكانه في النادي، وريكي لامبرت الذي كان ثاني هدافين النادي وأفضل صانع ألعاب في هذا الموسم.
ورث كومان كل هذا من بوكتينو، بل وجعله أفضل. موسمه الأول جلس فيه النادي في المركز السابع ودخل بالفعل إلى الدوري الأوروبي، والموسم الذي تبعه كان أفضل وأفضل بتأمين مقعد في دور مجموعات الدوري الأوروبي لأنه كان سادس الدوري الإنجليزي وقتها، ليترك النادي في يونيو 2016 كأفضل مدرب أداءً في تاريخ النادي في الدوري الإنجليزي بمعدل فوز 52.75%.
سياسة البيع السريع
منذ بداية 2014 ونادي ساوثهامبتون يتعامل مع اللاعبين نفس تعامل أياكس وبنفيكا، وهو العمل على بيع اللاعبين الجيدين من فريقه في أقرب فرصة ممكنة. هناك من خرج من أكاديمية النادي مثل لوك شو وورد براوز، وهناك أيضاً من يأتي من أندية أخرى مثل فيرجيل فان دايك، وفي حالة أن اللاعب يقدم مستوى جيد على أرضية الملعب، يبحث النادي دائماً عن بيعه لكي يدخل المال إلى خزائن النادي.
هذا يعني أن النادي لا يربط اللاعبين به، بل والمشكلة أن أكاديمية النادي لم تخرج أسماءً تليق باللعب في أنديةٍ أكبر مستعدة لدفع مبالغٍ أفضل في مواهب ساوثهامبتون. البيع السريع يعرقل أيضاً عملية الشراء لأن سوق اللاعبين قد لا يطرح الحلول البديلة التي تحتاجها لتعويض هذه الأسماء، وهذا ما حدث مع النادي بالفعل. أسماءٌ مثل أرمسترونج في الهجوم وكاليتا-كار لم تجني ثمارها مع النادي، وهذا واضح في ترتيب الدوري الإنجليزي الآن.
عدم التمسك بأسلوب لعب متزن طوال الموسم
كل ناد له بصمته الخاصة في كرة القدم. ساوثهامبتون تبنى في نصف العقد الماضي كرة هجومية بحتة، وبعدها بدأ في اللعبة بشكلٍ أكثر على الجانب الدفاعي. الانتقادات طالت النادي وقتها، لكن المقومات التي امتلكها كانت تؤهله وبشكلٍ كبير للعب هذه الكرة التي كانت في نظر النقاد "عقيمة" و"مملة"، لكنها كانت تفي الغرض لأنه نادٍ يسعى للجلوس في المناطق الدافئة ولا ينافس على أي شيء.
الكرة الدفاعية، سواء مملة أم لا، هي بصمة. هذه البصمة تحولت إلى فوضى عندما رأينا ثلاث أشكال مختلفة لملعب ساوثهامبتون هذا الموسم، لأنه قد مر عليه ثلاثة مدربين بالفعل. هازنهتل كان يلعب على تكدس وسط الملعب، جونز لعب على التكدس في اليسار وسيليس لعب على التكدس ناحية اليمين، وهذا ما جعل أدوار الكثير من اللاعبين ممحية وليس لها قيمة، بل وفتح ثغراتٍ أكبر للهجوم على تشكيلة ليست بمتوسطة حتى.
خسارة مدوية بسوق الانتقالات
دفع النادي على الأقل 144 مليون إسترليني في سوق الانتقالات الماضي، والذي يعتبر مبلغاً كبيراً بالنسبة لساوثهامبتون. هذا المبلغ قريبٌ من نصف ما دفعه النادي في الست مواسم الماضية قبل الموسم الحالي، ووقتها النادي كان يربح من بيع اللاعبين بسياسته المعروفة.
لم يستطع النادي أن يدخل إلا نصف مليون فقط في خزائنه هذا الموسم، وهؤلاء اللاعبين ليس لهم أي تاريخ أو خبرة تذكر في الدوري الإنجليزي. نضيف على هذا أن منصب المدير الفني تغير مرتين خلال الموسم بثلاث أساليب لعب ركيكة ومختلفة، وبالنتائج الحالية، لم يتأقلم أي لاعب من هؤلاء بالشكل الكامل مع النادي ولم يكتسب الخبرة تحت مدربه.
إدارة لا تعرف شيئاً واحداً عن كرة القدم
اشترت مجموعة Sport Repbulic النادي في مطلع العام الماضي، الجميع توقع أن Henrik Kraft المدير الرياضي لنادي برينتفورد سيحاكي قصة برينتفورد مع القديسين، هذا لم يكن حقيقياً، لأن النادي ببساطة لم يستطع أن يحصل على خدمات مهاجم صريح في الوقت الذي احتاج له.
حتى بعد خروج بعض اللاعبين المخضرمين، أو ذوي الخبرة في النادي، ومنهم ريدموند وروميو، لم يسعى النادي لشراء من يعادلهم في الخبرة. وضعت الإدارة كل الأموال في شراء اللاعبين الصغار الذين يفتقرون للخبرة. نافذة يناير كانت بالكامل مسؤولية الرئيس التنفيذي، والذي اشترى ثلاثة مهاجمين لم يساهموا في أي شيء.
عندما تنظر لكارثة الانتقالات والإدارة، فلن تتعجب من مرور ثلاثة مدربين مختلفين على مقعد المدرب. كانت هناك أسماءٌ متاحة مثل شون دايش، ولكن الثلاثي الذي درب النادي لم يمتلك أي شيء ليقدمه بالضبط مثل الإدارة التي هبطت بالنادي للدرجة الثانية بعد أول موسم كامل لها.