تنطلق في صباح يوم غد الجمعة، 14 حزيران/يونيو الجاري، أعمال الدورة العاشرة للمؤتمر السنوي للدراسات التاريخية الذي يُعقد تحت عنوان "الكتابة التاريخية في لبنان في القرن العشرين الطويل (1898 – 2023): التطورات والآفاق"، وينظِّمهُ المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – فرع بيروت.
وقال المركز، في الورقة المرجعية للمؤتمر، إن هناك آفاق كثيرة: "ما زالت مفتوحة للبحث في الكتابة التاريخية في لبنان في القرن العشرين، إن لجهة تحقيباتها وتواريخها المفصلية في الانتقال من نمط تاريخي إلى آخر، أو لجهة تصنيفها بين تيارات تقليدية وقومية وماركسية وعلمية، متعاقبة أو متزامنة. في حين ركزت تصنيفات أخرى على أنماط أخرى مثل التاريخ الاعتباري والمؤقنم والوضعي، ورُبِطَ بين المرحلة التاريخية للدولة والمجتمع وطبيعة الإنتاج التاريخي المتأثر بالظروف الدينية والاجتماعية – الاقتصادية والسياسية والثقافية".
هناك آفاق كثيرة ما زالت مفتوحة للبحث في الكتابة التاريخية في لبنان في القرن العشرين
يشارك في المؤتمر الذي تستمر جلساته على مدار يومين، 15 مؤرخًا وباحثًا بدراسات وأوراق بحثية. ويهدف إلى تقديم عرض لمسار الإنتاج التاريخي في لبنان خلال القرن العشرين الطويل (1898 – 2023)، إما تسلسلًا زمنيًا أو بحسب الموضوعات. وسبر تأثر الإنتاج التاريخي بالتحولات السياسية والاجتماعية – الاقتصادية والثقافية، من خلال علاقته بها. ومعاينة تأثر الإنتاج التاريخي بالأيديولوجيات المختلفة – الدينية والوطنية والقومية والماركسية – ورفدها بدوره بالتبريرات والحجج التاريخية.
إضافةً إلى دراسة انفتاح الكتابة التاريخية على العلوم الإنسانية والاجتماعية الأخرى، وتأثره بالأركيولوجيا والجغرافيا وعلم النفس والاقتصاد والأنثروبولوجيا والإثنولوجيا. ودراسة العلاقة المتبادلة بين مسارات تدريس التاريخ المدرسي والجامعي، ودورها في إعداد المؤرخين وجمهور القراء على السواء. عدا عن دراسة العلاقة بين تطور الاتجاهات التاريخية في لبنان بالتوازي مع تطور علم التاريخ في الغرب وفي الاتحاد السوفييتي، إما عبر تسرب منهجيات تلك المدارس بنصوصها الأصلية أو ترجماتها، أو عبر الباحثين اللبنانيين الذين أكملوا دراساتهم العليا وأعدوا أطروحاتهم في الجامعات الأجنبية.
كما يهدف المؤتمر إلى دراسة تطور الطريقة التاريخية والمنهجيات والنقد التاريخي وتصنيفات المدارس والاتجاهات والتحقيبات. ودراسة تاريخية مشاريع نشر الوثائق والمخطوطات والمصادر المحلية والأجنبية، وتكوين الأرشيفات الوطنية والخاصة. وسبر مسار توسيع حقل الوثيقة التاريخية إلى وثائق متنوعة، التصويرية منها والأثرية والروايات الشفوية. إلى جانب سبر الاتجاهات والتقنيات الجديدة ومسار الانتقال من السردية الوصفية إلى التعقيد التقني، واعتماد التاريخ الكمي، ومساهمة علم الاجتماع في طرح أسئلة جديدة.
وتنتظم جلسات المؤتمر في سبعة محاور، وهي: التوثيق والأرشفة ونشر الوثائق والمخطوطات، والكتابة التاريخية في حقبتي الانتداب والاستقلال (1920 – 1975)، والتأريخ "للبنان" القرون الوسطى والسلطنة العثمانية، والتأريخ في زمن الحرب (1975 – 1990)، والتأريخ الاجتماعي – الاقتصادي والتأريخ الكمي – التسلسلي، وتأريخ العقليات والحياة الثقافية، والتأريخ المحلي، وتأريخ السرديات السياسية.
في الجلسة الأولى، يتناول المشاركون منهجيات نشر الوثائق والمخطوطات التاريخية، ومساهمة الحفريات الأثرية في كتابة تاريخ لبنان القديم، والتأريخ للبنان الوسيط. وتتمحور الجلسة الثانية حول شيعة لبنان في عهد المماليك والهويات الملتبسة في كتابات كمال الصليبي، وتاريخ لبنان الفكري والثقافي إبان القرن العشرين، والاتجاهات القومية وأثرها على تطور كتابة تاريخ لبنان خلال القرن العشرين.
أما الجلسة الثالثة، فتبحث في أهمية الأرشيف العثماني في تجديد الكتابة التاريخية في لبنان، ومساهمة وثائق المحاكم الشرعية في لبنان في التأريخ للمرحلة العثمانية، والتأريخ للمدن اللبنانية. وتتناول الجلسة الرابعة تطور تأريخ الحرب الأهلية اللبنانية منذ بدء الصراع وصولًا إلى يومنا هذا، وتطور كتابة التاريخ العسكري في لبنان، وتطور تعليم التاريخ المدرسي والجامعي في لبنان.
وفي الجلسة الخامسة والأخيرة، يناقش المشاركون أهمية منهجية التاريخ التسلسلي والكمي في كتابة تاريخ لبنان، والعلاقة بين التأريخ والعلوم الاجتماعية خاصة علم الاجتماع، والتأريخ المحلي من الجهود الفردية إلى المؤتمرات الجماعية.