08-أكتوبر-2024
نصف المدارس اللبنانية تحولت إلى ملاجئ (AFP)

نصف المدارس اللبنانية تحولت إلى ملاجئ (AFP)

مصير العام الدراسي في لبنان معلق نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أسبوعين، والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 1100 شخص، بينهم 127 طفلًا على الأقل، وفق الأرقام الرسمية المنشورة. 

في مدرسة قريبة من الضاحية الجنوبية لبيروت، يفترض أن يذهب في هذا الوقت التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، لكنهم اليوم نازحون مع ذويهم في قاعات التدريس. ومن بين هؤلاء التلميذ علي الأكبر الذي وصل إلى مدرسة صبحي الصالح في بئر حسن في أحد أحياء بيروت قبل أيام، لكن ليس للدراسة كما يفترض، وإنما نازحًا مع عائلته القادمة من الضاحية الجنوبية.

في مدرسة قريبة من الضاحية الجنوبية لبيروت، يفترض أن يذهب في هذا الوقت التلاميذ لمقاعد الدراسة، لكنهم اليوم نازحون مع ذويهم في قاعات التدريس

يتحدث علي، البالغ من العمر 14 عامًا والمحب للرياضيات، لوكالة "فرانس برس"، عن شعوره بالحزن لفقدانه أصدقائه وأساتذته والمعلمات، إضافةً إلى منزله. العام الدراسي كان من المفترض أن يبدأ مطلع الشهر الجاري، لكن وزير التربية، عباس الحلبي، قرر تأجيله حتى الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

أما بتول أرعوني، وهي نازحة من الضاحية، فلا ترى أفقًا يشير إلى استئناف العام الدراسي الحالي، وتتحدث بحسرة لـ"فرانس برس"، من قاعة دراسية أزيحت مقاعدها وطاولاتها لإفساح المجال لوضع مراتب اسفنجية سوداء رقيقة على الأرض للنوم، فيما تناثرت حبات طماطم على طاولة دراسية قرب النافذة؛ قائلةً إنها لن ترسل ابنها للمدرسة، وأضافت موضحة: "إذا قالو لي الآن أن أرسل ابني إلى المدرسة سأقول لا، لأن مدرسته بمنطقة تمت تسويتها بالأرض. في هذه الحالة لا توجد أم تخاطر بإرسال ابنها".

وتابعت: "أفضل هذا العام أن يبقى ابني في حضني لأنه لا توجد منطقة آمنة في لبنان". وكان في الإمكان سماع أصوات القصف الإسرائيلي على بعد كيلومترات من المكان، كما تشير "فرانس برس".

وقد لجأت إلى المدرسة أكثر من 100 عائلة، واكتظت صفوفها بزجاجات مياه ووجبات ساخنة ومراتب توفرها جمعيات خيرية، عوضًا عن الكتب والأدوات الدراسية. تقول فاطمة، البالغة من العمر 8 أعوام، بحزن: "أفتقد مدرستي وكراسة الرسم".

وفي شارع الحمراء في قلب العاصمة بيروت، تتحدث سلمى سلمان، البالغة من العمر 30 عامًا، وهي تحتضن ابنتيها التوأم، عن أنه: "لا أحد يؤمّن بأن يرسل أبناءه الى المدرسة في هذه الحرب"، وتابعت: "نحن نقيم بالشارع منذ أسبوعين. لا أحد يفكر بالدراسة الآن".

واعتبرت مديرة منظمة "سيف ذا تشيلدرن" في لبنان، جينيفر مورهيد، أن: "التصعيد الأخير تسبب بتعطيل شديد للعام الدراسي"، وعبرت عن أسفها على: "سنوات من التعليم الضائع التي لا رجعة فيها، وهي خسارة لا يمكن تعويضها".

وقد كشف مسؤول في وزارة التربية والتعليم، لوكالة "فرانس برس"، بأن هناك 1.2 مليون تلميذ تأثروا بالتصعيد الأخير، تهجر 40% منهم. وبدوره، قال مدير عام وزارة التربية، عماد الأشقر، إن: "أكثر من 600 مدرسة من أصل 1200 مدرسة رسمية في البلاد تستخدم كمراكز نزوح".

وتحدث وزير التربية اللبناني، عباس الحلبي، عن: "مخاطر أمنية وعوائق نفسية تمنع العديد من العائلات من القبول بانتقال أولادهم على الطرق للوصول إلى صفوفهم". وكان الوزير قد تحدث، الأحد الماضي، عن الاستعداد لبدء العام الدراسي "حضوريًا أو عن بعد أو مدمجًا"، قبل أن يقرر تأجيل الأمر.

واشتكى أولياء الأمور من صعوبة التعليم عن بعد، خصوصًا مع النزوح وترك الأجهزة الإلكترونية في المنازل أو لصعوبات مالية تحول دون توفير خدمة الإنترنت، التي هي ضعيفة التدفق أصلًا في لبنان بشكل دائم. وأشار آخرون إلى أن تجربة التعليم عن بعد أثناء فترة وباء "كوفيد-19"، لم تكن ذات فاعلية كبيرة.

في بيتها الراقي قرب البحر في بيروت، جلست نور خواجة، البالغة من العمر 36 عامًا، تساعد ابنتها جود في درس باللغة الفرنسية مستخدمة تطبيقًا عبر الكومبيوتر، لكن الصغيرة بدت غير مكترثة للأمر.

والتحقت الصغيرة جود، البالغة من العمر 7 أعوام، بمدرستها الخاصة لمدة أربعة أيام فقط، قبل أن يجبر التصعيد الإسرائيلي الدامي، المدرسة على التحول إلى التعليم عن بعد.

تقول نور، لـ"فرانس برس"، التي دفعت 70% من مصاريف المدرسة، إن: "الطفل يحتاج إلى مساحة للعب ورؤية أطفال من عمره"، وأضافت: "الأم والأب ليسا مدرسين. وأنا ليس عندي صبر. لا أخجل أن أقولها. فالتدريس ليس من مهامي".

يذكر أن العام الدراسي السابق شهد ارتباكًا في جنوب لبنان، بسبب تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.