العنف ظاهرة عالمية سائدة في أوساط جميع الفئات السكانية، خصوصًا في المجتمعات الفقيرة، لكن العنف ضد المرأة والطفل أخذ أبعادًا خاصة في عالمنا العربي. التقاليد والعادات التي ارتبطت بالعلاقات الاجتماعية المختلفة تلعب دورًا سلبيًا ضدّ المرأة، تشير الدراسات إلى أن العنف في هذه البلدان، يأخذ أشكالًا مختلفة يمكن حصرها في ثلاثة أنواع هي العنف الجسدي، العنف الجنسي، والعنف النفسي.
وبالرغم من أن العنف الأسرى يحدث في كل الطبقات الاجتماعية إلا أن كثيرًا من الدراسات تربطه بوجود الفقر. الفقر وما يرافقه من شعور باليأس والإحباط يزيد وتيرة المشاحنات الزوجية ويزيد من شعور الزوجة بالمهانة، كما أن الفقر يزيد من شعور الرجل بالإحباط خصوصًا لجهة فقدانه لدوره كممول للأسرة، والحديث هنا عن الأسرة "بطابع شرقي".
المعدل الكلي للعنف الجسدي ضد المرأة طيلة فترة حياتها في السودان بلغ 25.7%
وفي السودان، أوضحت الدراسات أن للعنف مصادر مختلفة أهمها العنف الصادر من الزوج، وقد رصدت البحوث العالمية بأن هناك ما بين 15% إلى 70% من النساء اللاتي سبق لهن الزواج تعرضن للعنف، بأشكال متعددة من أشكاله الثلاثة من أزواجهن على مستوى العالم. إن المعدل الكلي للعنف الجسدي ضد المرأة طيلة فترة حياتها في السودان بلغ 25.7%؛ وبلغت قيمة هذا المعدل لفئة العاملات، حوالي ضعف قيمته لربات المنازل 44.3% مقابل 22.8% لكل منهن، بينما انخفض المعدل الكلي للعنف ضد المرأة إلى 11.5% خلال الاثني عشر شهرًا السابقين، بسبب حملات التوعية من المنظمات التي تطالب بحقوق المرأة.
في دراسة في مناطق النازحين بين الذين نزحوا بسبب الحرب في دارفور، اتضح أن نسبة العنف المنزلي قد بدأت بشكل عنيف منذ بداية النزوح عام 2003 لأسباب عديدة أهمها الفقر، فالسكن في خيام ضيقة بعد السكن في أماكن واسعة زادت من درجة الضيق بين الزوج والزوجة والأبناء، وعدم وجود الخدمات الطبيعية، مثل المياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى عدم وجود تعليم للأطفال ثم عدم وجود دخل للأسرة، لأن الرجل لا يعمل، بينما لا توجد إمكانية عمل للمرأة مع شح شديد في المواد التموينية. كل مظاهر الفقر تلك تفاعلت مع عوامل أخرى وأدت إلى المشاحنات ثم إلي ضرب الزوجات ومظاهر أخرى من العنف.
أما الدراسات التي تتحدث عن العنف ضد الأطفال في السودان، فقد رصدت الدوائر العالمية من ذلك العنف في الأوساط التعليمية، والعنف في أنظمة الرعاية والأنظمة القضائية، والعنف في المجتمع، والعنف الناتج من الصراعات المسلحة وغير ذلك، حيث تشير الدراسات أن ما بين 20% إلى 60% من الأطفال في سن الدراسة تعرضوا للترهيب شفهيًا أو بدنيًا، وأن أهم مصادر العنف ضد الطفل الموجودة في السودان العنف الصادر من الأسرة، ومن خارج الأسرة، ومن المدرسة، إضافة إلى العنف الصادر من العاملات بالمنزل.
تضارب في ردود الفعل
والسودان، كغيره من البلدان حول العالم يعاني من مشكلات العنف الأسري ضد المرأة والطفل، وإن كان من الصعوبة توضيح مدى انتشاره. فالسودان بلد واسع وكبير ويتمتع أهله بتنوع ثقافي وعرقي وحياة اجتماعية متشابكة يميزها التسامح والقبول، ولذا لا يمكن الحديث بصورة مطلقة عن العنف الأسري ما لم يخضع الأمر لدراسات متجردة وعلمية دقيقة تقوم على إحصاءات دقيقة وحقيقية.
تشير الدراسات أن ما بين 20% إلى 60% من الأطفال في السودان في سن الدراسة تعرضوا للترهيب
يقول المختصون بقضايا العنف ضد المرأة في السودان، إن معدلات العنف الممارس ضد المرأة السودانية في ازدياد خلال الآونة الأخيرة، خاصةً ضد الناشطات في العمل السياسي والإنساني. ويرى المسؤولون في جمعيات حقوق المرأة والطفل في السودان أن المرأة في مناطق النزاعات خاصة في إقليم دارفور، تواجه خطر العنف الجنسي خاصة خارج معسكرات النزوح. ومن جانبها، تقول السلطات السودانية إن هنالك تحسنًا كبيرًا طرأ على أوضاع المرأة في السودان، خاصة بعد تعديل بعض القوانين، وسن تشريعات أخرى لتحسين أوضاع المرأة.
النظام القانوني السوداني وظاهرة العنف الأسري
القانون الجنائي السوداني لسنة 1990 يعاقب الجاني في حالة تسبب بالموت أو إحداث الجراح، وعلى الرغم من أن القانون المذكور يقرر بأن القصاص يسقط، إذا كان المجني عليه فرعًا للجاني إلا أن ذلك لا يعني إفلاته من العقاب، إذ يعاقب بالسجن وتفرض عليه الدية.
أما قانون الطفل السوداني وهو قانون حديث صدر في العام 2010 والذي أكد بدوره على احترامه واسترشاده بالاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المصادق عليها، كما أكد الحماية على الطفل، والتي نصت على أن يضمن هذا القانون حماية الطفل ذكرًا كان أم أنثى، من جميع أنواع وأشكال العنف أو الضرر أو المعاملة غير الإنسانية، أو الإساءة البدنية، أو المعنوية، أو الجنسية، أو الإهمال، أو الاستغلال.
اقرأ/ي أيضًا:
ستات الشاي .. المرأة مظلومة ومناضلة
الختان في السودان.. شبح لكنه حقيقي!