على عكس الصورة النمطية عن مكانة المرأة في مجتمع تقليدي محافظ كالذي في موريتانيا، تُظهر الأرقام الخاصة بتمثيل المرأة الموريتانية في البرلمان والحكومة مكانة جيدة. وكانت عديد المعوقات الاجتماعية تمنع المرأة في موريتانيا لعقود خلت من الولوج إلى الوظائف العامة ومزاحمة الرجل في تدبير الشأن العام.
أقرت المنظومة القانونية في موريتانيا حصة خاصة بالنساء لا تقل عن 20% من المناصب الناتجة عن الاستحقاقات الانتخابية البلدية والبرلمانية وذلك بموجب أمر قانوني صادر في الفترة الانتقالية التي عقبت الانقلاب على الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في آب/أغسطس 2005. وقد أدى هذا القانون إلى تنافس بين الأحزاب لكسب ود المرأة الموريتانية وهي التي تمثل حوالي نصف سكان البلاد حسب آخر إحصاء للسكان.
يتواصل ضعف حضور المرأة الموريتانية على رأس الإدارات العامة والقطاع الخاص
وتشغل النساء على مستوى البرلمان الموريتاني 31 مقعدًا من أصل 147 مقعدًا، و9 مقاعد في مجلس الشيوخ من أصل 56 مقعدًا. كما تشغل النساء 6 مناصب للعمد من أصل 204 في عموم بلديات موريتانيا ومن بينهم منصب عمدة بلدية "لكصر" في العاصمة نواكشوط التي انتخبت رئيسة لمجموعة نواكشوط الحضرية و1317 مستشارة بلدية من أصل 3722 مستشارًا بلديًا منتخبًا في عموم موريتانيا.
وتقول أنيسة با، إعلامية موريتانية، لـ"الترا صوت"، "إن عقبة إكمال مراحل التعليم تعد من بين أهم القيود الاجتماعية التي لا تزال تقف حجر عثرة أمام ولوج المرأة للشأن العام إضافة إلى غياب الثقة في قدراتها مهما حملت من مؤهلات".
وإلى حد الآن، لا يسمح للمرأة في موريتانيا بالسفر وحدها للدراسة خارج وطنها، ويعتبر هذا القرار عائقًا أمامها للتطوير من إمكانياتها خاصة مع عدم توفر عديد الاختصاصات في الجامعات الموريتانية.
لكن أنيسة، ترى أن المرأة الموريتانية استطاعت "ولو على استحياء"، حسب تعبيرها، أن تكسر بعض التقاليد الاجتماعية المقيدة لمسيرتها، كما أكدت أن فرض وجود المرأة عبر نسبة محددة "أمر إيجابي".
ويعزز من تنامي حضور المرأة الموريتانية في الشأن العام حصولها على نتائج متقدمة في المسابقات والامتحانات الوطنية إذ كشفت نتائج الدفعة الأولى من كلية الطب بنواكشوط هذا العام عن حصاد الطالبات للمراتب الأولى ضمن المتفوقين كما تضمنت قائمة العشر الأوائل في امتحان الباكالوريا هذه السنة أسماء ثلاث تلميذات.
وتم خلال العام الماضي المصادقة على قانون يقضي بتوحيد سن التقاعد من الوظيفة في 60 سنة بعد أن كانت المرأة تتقاعد في سن 58، كما تم تسجيل أداء القاضية أمامة بنت أحمد اليمينَ كأول قاضية موريتانية.
ويتحدث المسؤولون بقطاع شؤون المرأة في الحكومة الموريتانية عن "إجراءات تمييزية خاصة" لصالح النساء من بينها مسابقات خاصة أجريت مؤخرا لإدراج 50 إمرأة في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء بنواكشوط، واكتتاب 8 نساء للتدريس في السلك العالي إضافة إلى تحسين الحصة الإضافية للفتيات من المنح الدراسية لتصل إلى 6.5% بدلاً عن 2.5%.
وأفضى هذا التمييز الإيجابي للمرأة الموريتانية إلى تمثيلها على مستوى الحكومة بنسبة تصل إلى 25% إذ توجد ثمان وزيرات من أصل اثنين وثلاثين منصبًا حكوميًا في موريتانيا. وتشغل النساء في الحكومة الحالية مناصب من بينها الأمانة العامة للحكومة ووزارة الخارجية، هذا إضافة إلى سفيرتين من أصل 40 سفيرًا موريتانيًا في الخارج.
في المقابل تنتقد ميمة بنت محمد أحمد، رئيسة اتحاد إعلاميات موريتانيا، ما أعتبره "تواصل ضعف حضور المرأة على مستوى الإدارات العامة والقطاع الخاص أفقيا". وتضيف "تفقد الصورة ألقها حيث يتضاءل وجود المرأة على رأس إدارات المؤسسات العامة وتغيب أو تكاد في القطاع الخاص".