15-نوفمبر-2024
ارتفعت وتيرة بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (AFP)

ارتفعت وتيرة بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (AFP)

بعد  الإعلان عن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، الأسبوع الماضي، فتح مستوطنون زجاجات الشامبانيا ورقصوا فرحًا بهذا الفوز داخل مصنع للنبيذ في الأراضي المحتلة، وأعلن المصنع أنه سيطرح إصدارًا خاصًا من النبيذ يحمل اسم ترامب.

يعتقد مؤيدو الاستيطان أن لديهم العديد من الأسباب للاحتفال. خلال فترة ترامب الأولى، توسّع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، كما اتخذت إدارته خطوات غير مسبوقة، من بينها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، بالإضافة إلى الاعتراف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان.

خلال فترة ولايته الأولى، تخلى ترامب عن الموقف الأميركي التقليدي الذي عارض بناء المستوطنات لعدة عقود. كما اقترح خطة تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالمستوطنات

تشير وكالة "أسوشيتد برس" إلى أنه في ظل الحرب متعددة الجبهات التي تخوضها إسرائيل حاليًا، يرى دعاة الاستيطان أن سجل ترامب في الدعم القوي لإسرائيل قد يُترجم إلى تحقيق هدفهم الكبير المتمثل في ضم الضفة الغربية. هذه الخطوة، إن حدثت، ستقضي على أي آمال متبقية لإقامة دولة فلسطينية.

وكان وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، قد أعلن أن عام 2025 سيكون "عام السيادة في يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية)"، وهو تصريح أثار جدلاً دوليًا. وأشار الوزير المتطرف إلى أن حكومته ستسعى للضغط على إدارة ترامب لتنفيذ هذا الهدف.

خلال فترة ولايته الأولى، تخلى ترامب عن الموقف الأميركي التقليدي الذي عارض بناء المستوطنات لعدة عقود. كما اقترح خطة تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالمستوطنات. وقد اختار لإدارته الجديدة سفيرًا لدى إسرائيل يُعرف بدعمه القوي للمستوطنات ومعارضته لفكرة قيام دولة فلسطينية.

ورغم أن ترامب لم يحدد سياسته بوضوح لولايته الثانية، فإن تعيينه شخصيات مؤيدة بقوة لإسرائيل في مناصب رئيسية، مثل السفراء لدى إسرائيل والأمم المتحدة، يشير إلى احتمال استمراره في دعم حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، التي توسع الاستيطان بشكل ملحوظ.

"لم يكن هناك رئيس أميركي أكثر مساعدة في تأمين سيادة إسرائيل"، قال مايك هاكابي، مرشح ترامب لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، خلال حديثه لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عند سؤاله عن إمكانية ضم الضفة الغربية المحتلة.

رفض المتحدث باسم نتنياهو الإفصاح عما إذا كان الأخير سيواصل سياسة الضم خلال رئاسة ترامب. إلا أن تعيين مستوطن متشدد سفيرًا في واشنطن يعكس توجهاً واضحاً.

وتلفت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أنه بغض النظر عما إذا كان الضم سيحدث أم لا، فإن المستوطنين شهدوا توسعًا جامحًا خلال فترة ترامب وفي ظل حكومة نتنياهو، حيث يشغل قادة المستوطنين وأنصارهم مناصب رئيسية. ويرى هؤلاء أن ولاية ترامب الثانية قد تمكّنهم من تعزيز وجودهم في الضفة الغربية بشكل أعمق.

شهد التوسع الاستيطاني الإسرائيلي استمرارًا بدرجات متفاوتة في ظل إدارات أميركية متعددة. وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، شُيدت إسرائيل نحو 33 ألف وحدة سكنية استيطانية، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف ما شُيد خلال ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية.

في الضفة الغربية المحتلة، تنتشر لوحات إعلانية تشير إلى بناء مساكن استيطانية جديدة، وهي عبارة عن مبانٍ سكنية شاهقة متعددة الطوابق، يمكن أن تضم المئات. تبدو المناطق القريبة من رام الله، مقر السلطة الفلسطينية، كأنها ضواحٍ إسرائيلية.

يرى الفلسطينيون أن المستوطنات تشكل انتهاكًا للقانون الدولي وعقبة أمام السلام، وهو موقف يحظى بدعم دولي واسع. بينما تعتبر إسرائيل الضفة الغربية "القلب التاريخي والكتابي للشعب اليهودي".

يقول الباحث والناشط المناهض للاستيطان، درور إتكس، إنه خلال إدارة ترامب الأولى شهدت البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية توسعًا كبيرًا، وأجبرت مجتمعات فلسطينية بأكملها على مغادرة مساحات شاسعة من الأراضي.

وأضاف إتكس: "على مدى السنوات الأربع المقبلة، يمكننا أن نفترض أننا سنرى خطوات إضافية نحو الضم الفعلي، وربما حتى الضم الرسمي".

يعتقد بعض المدافعين عن المستوطنين، مثل دانييلا فايس، أن ترامب لن يضغط على نتنياهو لسحب القوات الإسرائيلية فورًا من غزة، مما يخلق فرصة لإعادة الاستيطان في القطاع. وأدت استراتيجية مماثلة في السنوات الأولى من احتلال إسرائيل للضفة الغربية إلى انتشار المستوطنات هناك. يشعر دعاة الاستيطان أن ترامب يتفهم "احتياجاتهم".