مضت أزيد من مئة يوم على تعيين عبد الإله بنكيران رئيسًا مكلفًا للحكومة من طرف العاهل المغربي، قصد دخول مفاوضات مع أحزاب سياسية أخرى لتشكيل اتئلاف حكومي، إلا أنه لم يعلن بعد عن تشكيل ائتلاف تحت قيادته، يضمن أغلبية برلمانية تقدر بـ"196 مقعدًا".
أمام رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران خياران، الأول قبول تشكيل الحكومة مع انضمام حزب الاتحاد للحكومة، أو الاعتذار عن المهمة
ويمكن القول إن المشاورات بين بنكيران وبين الأحزاب الأخرى دخلت حالة من الركود، لا سيما بعدما تم انتخاب حبيب المالكي، رئيسًا لمجلس النواب، وهو الذي يمثل حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي يصر بنكيران على رفض دخوله التحالف الحكومي، خصوصًا وأن حزب الاتحاد الاشتراكي جاء في المرتبة السادسة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، إلا أن حزب التجمع الوطني للأحرار، تحت قيادة "عزيز أخنوش"، مصر على دخول كل من الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري في الائتلاف وهو ما يرفضه بنكيران، الأخير الذي سبق وأن هدد بالإعلان عن فشله في تشكيل الحكومة أمام عاهل البلاد، إذا ما تم انتخاب حبيب المالكي رئيسًا لمجلس النواب، من خارج الأغلبية التي يريدها، وهذا ما تم فعلًا لكن بنكيران لم ينفذ تهديده إلى حد الساعة.
اقرأ/ي أيضًا: المغرب..قلق ملكي من تأخر حكومة بنكيران
في هذا السياق، يقول أحمد بوز، أستاذ جامعي في علم السياسة والقانون الدستوري إنه "بعد انتخاب حبيب المالكي سيكون أمام بنكيران خياران، الأول يتمثل في قبول تشكيل الحكومة مع دخول حزب الاتحاد الاشتراكي للائتلاف الحكومي، وهنا سيكون بنكيران قد تنازل عن مطالبه ويكون قد وافق على تشكيل الحكومة بشروط الآخرين. أما الخيار الثاني فهو اعتذار بنكيران لعاهل البلاد والإعلان عن فشله في تشكيل الحكومة، وهو بذلك سيكون منسجمًا مع مواقفه السابقة".
وبالنسبة لانتخاب حبيب المالكي رئيسًا لمجلس النواب، وهو الذي ينتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي فشل في الانتخابات التشريعية الأخيرة وحصد فقط على 20 مقعدًا، يقول أحمد بوز، لـ"ألترا صوت" إنه من المفترض أن "يكون رئيس النواب من الأحزاب الأغلبية التي تشكل الحكومة، لهذا انتخاب رئيس النواب من هذا الحزب هو ضد إرادة الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات ولا يعكس حقيقة جوهر اللعبة السياسية المتعارف عليها".
لكن رشيد لزرق، مختص في الشأن الدستوري، فله رأي آخر حول انتخاب المالكي، فهو يقول إن "البعض اعتبر انتخابه ضربًا للديمقراطية، بدعوى ضرورة الالتزام بما يسمونه عرفًا سياسيًا والحال أن هذا الأمر لا يستقيم إذ إن الدستور الجديد جعل مؤسسة البرلمان سابقة على مؤسسة الحكومة في الهندسة الدستورية".
اقرأ/ي أيضًا: تصريحات شباط تغضب الموريتانيين والمغرب يتبرأ
ويتابع لزرق حديثه لـ"ألترا صوت": "أما المتمسكون بكون الأغلبية في مجلس النواب يجب أن تعكس الأغلبية الحكومية وفق منطق برلماني فهذا لا يستقيم أيضًا، وما عليهم سوى الرجوع للتجربة البريطانية باعتبارها ملكية برلمانية، والتي تعطي الإمكانية لرئيس الغرفة الأولى أن يكون من المعارضة وليس بالضرورة من الأغلبية، وتسند رئاسة مجلس العموم لشخصية من المعارضة ولا ترى الأغلبية في ذلك انقلابًا أو مؤامرة على الإرادة الشعبية".
من جهته، وأمام هذا "البلوكاج" الحكومي، يرى رضوان مرابط، باحث جامعي في العلوم السياسية، أنه "لا توجد مدة محددة لتشكيل الحكومة أو نص دستوري ينص على الفترة الزمنية لتشكيلها". وأضاف المتحدث ذاته، لـ"ألترا صوت": "لا نستطيع التوقع متى يمكن أن ينتهي هذا البلوكاج الحكومي، إن صح التعبير، ففي إسبانيا مثلًا بقيت البلاد في مشاورات لتشكيل الحكومة لمدة 10 أشهر، وبقيت الدولة دون رئيس وزراء لمدة أكثر من سنة ونصف، وهذا أمر عادي".
هكذا، لا أحد يتوقع اليوم متى سيحل بنكيران أزمة التشكيل الحكومي، فالمغرب لم يسبق له أن عاش هذا الوضع السياسي المتوتر، واعتبار ما يحصل سابقة يفتح الأبواب على كل السيناريوهات.
اقرأ/ي أيضًا: