فازت كولومبيا بحقّ استضافة النسخة الثالثة عشر من كأس العالم 1986، وذلك باجتماع الفيفا الذي عُقد في ستوكهولم عام 1974، ومع مرور الوقت قصّرت كولومبيا بتحضيراتها لاستضافة البطولة، ووجدت نفسها غير قادرة على إتمام الحدث بسبب الضائقة المادّية التي تمرّ بالبلاد، وهنا اعتذرت رسميّاً عن المهمّة، ما جعل الفيفا يفتح من جديد باب الترشيح لاستضافة كأس العالم، وهنا تنافست المكسيك وكندا والولايات المتّحدة على ذلك، فحققت المكسيك الفوز بالإجماع في اجتماع عُقد عام 1983، ولكن قبل انطلاق البطولة بأقل من سنة ضرب المكسيك زلزالاً أودى بمقتل وجرح عشرات الآلاف، وأضرّ بالكثير من البنى التحتية، ومع ذلك أصرّ المسؤولون على إتمام الحدث لأن الملاعب لم تُصب بأذى، فكانت المكسيك أول دولة تستضيف كأس العالم لمرّتين، بعد نجاحها المطلق بتنظيم النسخة التاسعة 1970.
اقتربت اسكتلندا كثيًرا من الوصول إلى كأس العالم بتعادلها مع ويلز، ولم يحتمل قلب مدرب الفريق فرحة هذا الإنجاز فتعرّض جوك ستين لأزمة قلبية مع صافرة النهاية أودت بحياته
سرى نظام فنّي جديد بهذه النسخة التي شارك فيها 24 فريقًا، حيث تم تقسيم المنتخبات إلى 6 مجموعات يتأهل من كل واحدة فريقين إلى دور الـ16، إضافة إلى أفضل 4 فرق احتلت المركز الثالث، ويتم لعب المباريات بطريقة خروج المغلوب من دور الـ16 حتى المباراة النهائيّة، ولم تشهد تصفيات كأس العالم مفاجآت تذكر سوى خروج فريق ويلز المدجج بالنجوم أمثال أيان راش ومارك هيوز على يد اسكتلندا، حيث استطاع لاعبو المدرب جوك ستين أن يخرجوا بتعادل أهّلهم للعب مباراة الملحق مع أستراليا، هذا التعادل أدّى لخروج الويلزيين الذين كانوا بحاجة للفوز، وإلى وفاة جوك ستين بسبب تعرّضه لأزمة قلبية أتت مع صافرة النهاية، فلم يتحمّل قلبه فرحة التأهل شبه المضمون لكأس العالم.
وكان الضيوف الجدد في هذا المونديال هم كندا والدانمارك والعراق، هذه الأخيرة وصلت للنهائيات بعد تخطّيها سوريا في المباراتين الفاصلتين، إذ انتهى اللقاء الأول بدمشق دون أهداف، قبل أن يفوز زملاء أحمد راضي بالطائف في السعودية 3-1، حيث لعب العراقيون خارج أرضهم بسبب الحرب مع إيران، ورافق العراق إلى النهائيّات الفريقان المغربي والجزائري، واللذان سيلعبان في البطولة للمرة الثانية في تاريخهما.
ضمّت المجموعة الأولى الأرجنتين وإيطاليا وبلغاريا وكوريا الجنوبية، وحققت الأرجنتين فوزين على بلغاريا وكوريا الجنوبية وتعادلت مع إيطاليا، ورافق الفريق اللاتيني إلى الدور التالي إيطاليا الفائزة على كوريا، وبلغاريا التي حصدت تعادلين مع كوريا وإيطاليا، وفي المجموعة الثانية خسر المنتخب العراقي مبارياته الثلاث بفارق هدف، وسجّل هدفه المونديالي الوحيد الراحل أحمد راضي، حدث هذا في مرمى بلجيكا التي رافقت الباراغواي والمكسيك صاحبة الضيافة إلى دور الـ16.
كان الفريق المغربي أول منتخب أفريقي وعربي يصل إلى دور الـ16 من كأس العالم
وخسرت كندا كل مبارياتها في مشاركتها الأولى بكأس العالم، والتي وضعتها في المجموعة الثالثة التي ظفر الاتحاد السوفييتي بصدارتها بفارق الأهداف عن فرنسا، فيما خرجت المجر من الدور الأول بفوز يتيم على الكنديين، كما حصدت البرازيل العلامة الكاملة من مجموعتها الرابعة بفوزها على إسبانيا والجزائر وإيرلندا الشمالية، ورافقتها إسبانيا إلى الدور الثاني، في وقت اكتفى به الفريق العربي بنقطة حصدها أمام إيرلندا الشمالية.
وفي المجموعة الخامسة فاجأت الدانمارك خصومها وغلبتهم واحداً تلو الآخر بمشاركتها الأولى في كأس العالم، وتخطّت ألمانيا اسكتلندا وتعادلت مع الأوروغواي، والتي رافقت ألمانيا والدانمارك إلى الدور التالي رغم حصولها على نقطتين فقط، ومجموع أهدافها يساوي ناقص 5.
اعتقد الجميع أن المنتخب المغربي سيكون محطة عبور لفرق مجموعته السادسة، سيّما وأنها تضم بجانبه إنجلترا والبرتغال وبولندا، ولكن صمود شباك أسود الأطلس أمام بولندا وإنجلترا وفوزه على البرتغال 3-1 في الجولة الأخيرة جعل منه أول فريق عربي وأفريقي يتأهّل لدور الـ16 متصدّراً المجموعة السادسة، ورافقه إلى هناك إنجلترا التي فازت على بولندا وخسرت أمام البرتغال، ولم ينفع الأخيرة فوزها على الإنجليز بسبب خسارتها أمام بولندا التي خطفت بطاقة التأهل الثالثة من هذه المجموعة.
انتهت مغامرة المغرب في دور الـ16 عندما تخطّتها ألمانيا الغربية بصعوبة 1-0 بهدف أتى عبر لوثر ماتيوس في الدقيقة87، كما تأهّل أصحاب الأرض إلى دور الثمانية عندما تغلّبوا على بلغاريا بهدفين نظيفين، أوّلهما أتى بتسديدة مقصّية رائعة، في وقت استعرضت به البرازيل عضلاتها وحجزت مكانها في الدور ربع النهائي بفوزها على بولندا 4-0، بينما حطّمت فرنسا آمال إيطاليا في الحفاظ على لقبها وغلبتها 2-0.
فاجأت إسبانيا فريق الدانمارك الذي قدّم أداءً رائعاً في الدور الأول وغلبته بخمسة أهداف لواحد، كان نصيب مهاجمها بوتراغوينيو منها 4 أهداف، كذلك شهد دور الستة عشر تألّق السوفييتي إيغور بيلانوف الذي أحرز هاتريك في مرمى بلجيكا، ولكن ذلك لم ينفع فريقه الذي خسر 4-3 بعد التمديد، وعانت الأرجنتين قبل أن تتأهل لدور الثمانية بفوز صعب على جارتها الأوروغواي 1-0، بعكس إنجلترا التي غلبت الباراغواي بثلاثية كان نصيب الهدّاف غاري لينيكير منها هدفين.
أسفرت مباريات الدور ربع النهائي عن مواجهات بقيت راسخة في تاريخ كرة القدم، إذ التقت البرازيل مع فرنسا والأرجنتين مع إنجلترا وأصحاب الضيافة مع ألمانيا الغربية، وبلجيكا مع إسبانيا، والغريب هنا أن 3 من اللقاءات الأربعة حُسمت بركلات الترجيح، فما هي تفاصيل هذه المباريات، وكيف ستكون بقية مراحل البطولة؟