كان تأسيس "المهرجان الوطني لمسرح الهواة" بمدينة مستغانم، 400 كيلومتر إلى الغرب من الجزائر العاصمة، خريف عام 1967، إحدى العتبات المهمّة لبروز خطاب مسرحي جزائري من داخل الشارع مباشرة، بعيدًا عن المقولات الأيديولوجية، التي كان يتبنّاها نظام الرّئيس هوّاري بومدين، ويحاول أن يسخّر الفنون، ومنها المسرح، للتبشير بها.
تحرر "المهرجان الوطني لمسرح الهواة" من عبء رعاية الحزب الجزائري الحاكم
ورغم أن المهرجان الوطني لمسرح الهواة كان تحت وصاية "حزب جبهة التحرير الوطني" الحاكم، من خلال "الاتحاد العام للشّباب الجزائريين"، إلى غاية عام 1990، إلا أنه شكّل منصّة حقيقية لبروز وجوه واتجاهات مسرحية، نافست تلك التي كانت تحمل صفة "الاحتراف"، تحت إدارة المسارح الحكومية السّبعة.
اقرأ/ي أيضًا: أيوب عمريش.. سندباد المسرح في الجزائر
اليوم وقد بات المهرجان الوطني لمسرح الهواة تحت وصاية وزارة الثقافة مباشرة، تجاوز الإكراهات المالية والتجاذبات التي كانت تمليها المصالح الشخصية والحزبية، والتي عطّلت بعض دوراته، أصبح ينظّم التصفيات المؤهلة للمشاركة في الدورة الرئيسية، في بعض مدن الشّمال، وهو ما يحرم الفرق المسرحية المتواجدة في محافظات الجنوب من المشاركة، أو يضطرّها إلى التنقل بكل من يترتّب عن ذلك من متاعب، علمًا أن بعض المحافظات تبعد عن الجزائر العاصمة بما لا يقلّ عن 2000 كيلومتر.
في ظل هذه الإكراهات، قرّرت إدارة المهرجان تنظيم تصفياتٍ في مدينة الأغواط المعروفة بكونها بوّابة الصّحراء، بالتعاون مع "الجمعية الثقافية للمسرح/ آفاق الجنوب"، تنطلق اليوم الأربعاء، وتشمل 18 فرقة مسرحية قادمة من محافظات إليزي وبسكرة والمسيلة والجلفة وورقلة ووادي سوف وأدرار، بالإضافة إلى المحافظة المنظمة.
من بين هذه الفرق "التعاونية الثقافية للإنتاج المسرحي" من محافظة الجلفة، و"فرقة مكوذ الياسمين" من محافظة غرداية، و"فرقة العنقاء للمسرح الجامعي" من محافظة بسكرة، و"جمعية الرسالة للمسرح" من محافظة المسيلة، و"جمعية الواحة للفنون" من محافظة ورقلة، و"تعاونية النبراس" من محافظة أدرار، و"فرقة تادميت نجوى" من محافظة إليزي، و"فرقة الدرب الأصيل" من محافظة الأغواط.
لم يعد الجنوب الجزائري يكتفي باستقبال الفرق المسرحية، بل بات منتجًا للمسرح
يقول المخرج المسرحي علّال معامير من جمعية "آفاق الجنوب" المنظمة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة لـ"الترا صوت" إن الجنوب الجزائري لم يعد ذلك الفضاء الذي كان يكتفي باستقبال الفرق المسرحية القادمة من خارجه، بل بات فضاء منتجًا للمسرح أيضًا، فهو يتوفّر على العشرات من الفرق المحترفة والهاوية، التي افتكّت جوائز وازنة في الدّاخل والخارج". يضيف محدّثنا: "من هنا، كان علينا أن نسعى من أجل تقريب تصفيات المهرجانات المحترمة، ومنها مهرجان مسرح الهواة، من الفاعلين المسرحيين، حتى لا يذهبوا ضحية المسافات البعيدة".
وكشف معامير أن الأيام التصفوية ستستقبل 200 ممارسًا مسرحيًا، ليقدّموا ويشاهدوا عروضًا مسرحية، ويشاركوا في ورشات ونقاشات مفتوحة، تهدف إلى تبادل الرؤى والخبرات والتجارب، "فالهدف هو أن نلتقي ونرتقي، أمّا التصفيات، فإجراء شكلي لاختيار بعضنا كي يمثّل كلّنا".
اقرأ/ي أيضًا: