الترا صوت – فريق التحرير
إذا كنت تعتقد أن اللغط حول فيسبوك، والواقع الافتراضي، والميتافيرس كان مبلاغًا به، فانتظر حتى العام القادم. فحسب ما يخبرنا التقرير التالي المترجم عن صحيفة وول ستريت جورنال يتوقع أن تكشف آبل عن شيء سيحظى بنفس الاهتمام الذي نالته النظارات المتبثة على الرأس والتي كان من المحتمل أن تكون منتج آبل الأهم بعد هاتف الآيفون.
يتوقع أن تكشف آبل عن شيء سيحظى بنفس الاهتمام الذي نالته النظارات المتبثة على الرأس والتي كان من المحتمل أن تكون منتج آبل الأهم بعد هاتف الآيفون
تركز منصات ميتا، كما تسمى الشركة الأم لفيسبوك الآن، على بديل لواقعنا الحالي، يمكن أن نختفي داخله ونحن مستلقون على أرائكنا. تزيد آبل الرهان بمنتجها الجديد الذي يقول المحللون إنه عبارة عن سماعة أو نظارات ذكية توفر الوصول إلى طبقة من المعلومات والأشياء والبيانات المنتشرة عبر رؤيتنا للعالم الحقيقي مثل الكثير من غبار البكسل الرقمي أو ما يسمى الواقع المعزز. في حين أن الشركة لم تكشف عن خططها، يتوقع المحللون وغيرهم من المطلعين على الصناعة أن يتم الإعلان عن أول جهاز واقع معزز من آبل بحلول نهاية سنة 2022.
اقرأ/ي أيضًا: مارك زوكربيرغ يضع "ميتا" على مسار "ميتافيرس" الطويل والمكلف
تحدث تيم كوك الرئيس التنفيذي للشركة عن الواقع المعزز لفترة طويلة لدرجة أنه فقد بريقه رغم أهميته لآبل وللصناعة كلها. يمكن أن يكون الواقع المعزز وسيلة أخرى للوصول إلى الإنترنت، أو سيشمل تجربتنا كلها ويكون بوابة أساسية إلى ميتافيرس التي تدعي العديد من الشركات أنها تقوم ببنائها. في كلتا الحالتين، قد يكون تأثير سمعات الواقع المعزز وسوقها ضخمًا، وهناك عدة عوامل تضع آبل في وضع فريد لبناء خندق حول أعمالها في الواقع المعزز كما حدث مع آيفون.
أصدرت شركات أخرى أو ستكشف قريبًا عن مجموعة متنوعة مفاجئة من أجهزة الكمبيوتر المماثلة القائمة على الوجه. ربما تمتلك مايكروسوفت أنجح جهاز واقع معزز حتى الآن مع سماعة هولولنس 2 بالرغم من أن وزنها يبلغ نصف كيلو تقريبا، وتبدأ من 3500 دولار، وتستهدف العملاء من رجال الأعمال. تضع الشركة المستهلكين في الاعتبار مستقبلا. يقول اليكس كيبمان، المهندس الذي يعمل على الواقع المختلط في مايكروسوفت "ستكون سماعات الرأس من مايكروسوفت غامرة، ومتاحة بسعر معقول، وتأتي في شكل مقبول اجتماعيًا".
تعد سماعات الرأس هذه جزءًا من ظاهرة أوسع تُعرف مجتمعة باسم "الحوسبة المكانية"، ومن المحتمل أن تكون الاختراع الأهم بعد الهاتف الذكي. يشتمل المفهوم على مجموعة من أجهزة الكمبيوتر المعتمدة على الوجه: سماعات رأس للواقع الافتراضي فقط مثل تلك المباعة من قبل العلامة التجارية Meta's Oculus التي تغمر الناس بالكامل في dom افتراضي؛ الواقع المعزز وسماعات "الواقع المختلط" التي تضيف كاميرات ويمكن أن تمرر لمرتديها نظرة للعالم الخارجي؛ والنظارات الذكية خفيفة الوزن التي تشبه النظارات مع إمكانية عرض معلومات أمام الشخص - تشبه إصدار أكثر تطورًا من نظارة Google Glass الأصلية.
لكن آبل في المقآبل ستعزز واقعها البديل ببعض المزايا الفريدة التي ستمكنه من التفوق على المنتجات التي سبقته إلى السوق. أولاً، ستحتوي كل خوذة تصنعها آبل على الشرائح التي تصنعها آبل بنفسها والتي لا تجاريها أخرى من ناحية الأداء في الأجهزة المحمولة خصوصًا من ناحية القدرة الحوسبية التي يمكن استخراجها منها مقآبل كل واط من البطارية.
هذه ميزة لا يستهان بها ستمكن آبل من تجاوز القيود الفيزيائية التي عانت منها منتجات الواقع البديل الأخرى مثل خوذة مايكروسوفت الثقيلة هولو لينز التي تفتقد الأناقة، أو خوذة أخرى من شركة ناشئة تدعي ماجيب ليب تعاني من نفس مشكلة الحجم.
تتمتع آبل بميزة نوعية أخرى، هي منظومة منتجاتها التي تضفي زخمًا إضافيًا على منتج الواقع المعزز الخاص بها. تسهل هذه المنظومة على عملاء آبل الوصول إلى منتجها وإدماجه في استعمالهم اليومي لمنتجاتها. بإمكان أجهزة الواقع البديل لآبل أن تكون مرشدًا ملاحيًا أو تعرض إشعارات الرسائل أو أن تمكن العملاء من إجراء مكالمات فيديو عبر عدساتها الشفافة. أصبحت آبل بمنتجاتها المحمولة والملبوسة شركة الحوسبة في الحياة اليومية، ولعل هذه هي الطريقة التي يفضل بها الناس استخدام التكنولوجيا، رفيقًا في الحياة اليومية بدلاً من أن تكون عالمًا بديلاً ينغمسون فيه كذلك الذي دعت له شركة ميتا.
في الوقت الحالي قد تبدو فكرة عرض العالم في نظارة تعرض تعليمات الملاحة أثناء القيادة أو الرسائل أو محادثات الفيديو أو أي شيء آخر على هواتفنا المحمولة، في مجال نظرنا، فكرة غير مقنعة. خصوصًا وأن سوق خوذات الواقع الافتراضي مازالت صغيرة لا تتجاوز بضعة عشرات الملايين من الوحدات المباعة سنويًا. لكن إن كان بإمكان أحد توفير المميزات التي تقدمها كل من خوذات مايكروسوفت وماجيك ليب فهي شركة أبل.
حققت شركات أصغر لا تمتلك الموارد التقنية والحصة السوقية التي تملكها آبل قفزات كبيرة في هذا القطاع. مؤخرًا طرحت شركة فوزيكس Vuzix أخر إصداراتها وأخفها وزنًا وأكثرها أناقة. ما زالت كبيرة الحجم مقارنة بالنظارات العادية، لكن بها كاميرات وحاسوب وبطاريات ومصممة للاستخدام اليومي ووضعت فيها الشركة خلاصة تجربتها الطويلة في تصنيع نظارات الواقع الافتراضي للشركات ووزارة الدفاع.
وأضافت شركة سناب كذلك وظائف واقع افتراضي جديدة لآخر إصدار من نظاراتها التي أتاحتها للمطورين فقط حتى الآن. وتعمل شركة نياتينك المنفصلة عن جوجل والتي اشتهرت بلعبة الواقع الافتراضي الشهيرة بوكيمون، على إنتاج نظارات ذكية خفيفة الوزن، لديها القدرة على ملئ العالم المحيط بمستخدميها بأجسام ثلاثية الأبعاد واقعية المظهر.
حتى الآن كان إنتاج نظارات واقع افتراضي خفيفة الوزن تحديًا أرهق كل الشركات التي قررت خوض هذا المضمار. لكن بقاء الحال من المحال. فخلال عشر سنوات فقط سنصل إلى الغاية العظمى لصناع خوذات الواقع الافتراضي وهو إنتاج نظارات واقع معزز خفيفة بما يكفي وذات بطاريات طويلة العمر بما يكفي للاستخدام اليومي. أحد الحلول الممكنة لتحقيق ذلك هو نقل عمليات الحوسبة لأجهزة يستخدمها الناس يوميًا بشكل متواصل، وهي أجهزة الهواتف المحمولة، ثم ربطها بالنظارات عن طريق تقنية الوايفاي 6e الجديدة التي تمكن من نقل حجم كبير من البيانات بين النظارات وأجهزة الهواتف المحمولة. وهنا تبرز الميزة النوعية لشركة آبل بفضل شعبية أجهزة هواتفها وقدراتها الحوسبية. هذا بالإضافة إلى أجهزتها الأخرى مثل الساعات وسماعات الرأس.
المشكلة الأخرى التي يواجهها هذا السوق، هو صعوبة إقناع الناس باستخدام النظارات الذكية. يطرح هذا الأمر تحديات ثقافية وتحديات في التصميم. رأينا ذلك في الفشل الذريع الذي عانت منه نظارات جوجل. والمشاعر المختلطة التي عبر بها الكثير من المعلقين على الجهود المشابهة مثل محاولة شركة ميتا التعاون مع شركة راي بان لوضع كاميرات في النظارات الشمسية. وهنا تمتلك آبل ميزة أخرى وهي قدرتها على تسويق أجهزتها وأن تسوق تلك الأجهزة لنفسها بنفسها. ولديها جيش عريض من المطورين لتطوير البرمجيات والخدمات اللازمة لتشغيل هذه الأجهزة. مما يخلق لدى المستخدمين ما يسمى بشعور الخوف من التخلف أو تفويت الصيحة.
إذا نجحت ميتا في بناء عالم افتراضي برمجي وتمكنت آبل من إنتاج الخوذات اللازمة للوصول إليه واستخدامه، لن تكون المرة الأولى التي تستخدم فيها أجهزة آبل للوصول إلى منتجات فيسبوك الشهيرة مثل انستغرام وواتساب وفيسبوك، وكلها تطبيقات ذات شعبية كبيرة على هواتف أيفون.
حتى الآن كان إنتاج نظارات واقع افتراضي خفيفة الوزن تحديًا أرهق كل الشركات التي قررت خوض هذا المضمار
تعتقد بعض الشركات أن المحرك الأساسي الذي سيدفع الناس لتبني استخدام منتجات الواقع الافتراضي هو مجال ألعاب الفيديو، لكن كما هو حال الهواتف المحمولة التي مكنت الناس من الوصول إلى تطبيقات عدة واستخدامها بأشكال مختلفة بسبب اتصالها بالانترنت، فكذلك منتجات الواقع الافتراضي قد تصل إلى الجمهور العريض محمولة على عجلات ومحركات عدة بدلاً من استخدام واحد ومجال واحد. قد نرى قريبًا يومًا تكون فيه منتجات الواقع الافتراضي بديلاً وخليفة لأجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة، وهنا تبرز الكعكة التي تتصارع حولها شركات التكنولوجيا العملاقة فيسبوك وآبل وجوجل ومايكروسوفت ومئات الشركات الأخرى. هذا سباق محموم إلى المستقبل.