يدب الرعب في قلوب الكثير من اليمنيين تخوفًا من تفشي فيروس كورونا، فالبلاد ما فتئت تتعافى من وباء الكوليرا الذي حصد نحو ثلاثة آلاف روح خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى وفاة المئات بسبب الدفتيريا وحمى الضنك، ناهيك أن الحرب خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
يدب الرعب في قلوب الكثير من اليمنيين تخوفًا من تفشي فيروس كورونا، فالبلاد ما فتئت تتعافى من وباء الكوليرا الذي حصد نحو ثلاثة آلاف روح خلال السنوات الماضية
كيف سيواجه اليمن كورونا؟
في الوقت الذي أصبح الفيروس فيه وباءً عالميًا في غضون أسابيع قليلة، على الرغم من الإجراءات الاحترازية والإمكانات الحديثة التي تتمتع بها معظم تلك الدول، فكيف سيواجه اليمن كورونا، في ظل الدمار الذي لحق بالبلاد؟ حيث أدت الحرب إلى خروج ما نسبته 50 بالمئة من المنشآت الصحية عن الخدمة. تلاحق تلك الأسئلة اليمنيين في يومياتهم، وفي مجالسهم وأحاديثهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ/ي أيضًا: ريهام المختاري.. مهندسة يمنية تخترع سترة لغسيل الكلى بأقل من ربع التكلفة
حتى الآن لا وجود لأية حالات إصابة بفيروس كورونا في اليمن، غير أن الاستعداداتِ المحليةَ والأممية تجري على قدمٍ وساق درءًا لحدوث أية إصابات. وعلى الرغم من عدم تسجيل أي حالات إلا أن البلاد تشهد اختفاءً ونقصًا حادًا في الكمامات الطبية من السوق والصيدليات ومحلات بيع الأدوية والمستلزمات الطبية، ناهيك عن الارتفاع الجنوني في أسعارها، عند بعض كبار تجار المستلزمات الطبية، الذين يتهمون باحتكارها في السوق.
منظمة الصحة العالمية، أعلنت في تغريدة على "تويتر" عدم وجود أي حالات إصابة بفيروس كورونا في اليمن، كما أكدت استعدادها لاحتواء أي إصابات. وقالت المنظمة الدولية إن "نطاق الاستعداد للوقاية مستمر، وإذا تم تأكيد حالة ما، فستكون هناك أنظمة للتحكم والاحتواء جاهزة للاستجابة".
وفي ذات السياق أعلنت وزارة الصحة التابعة لميليشيات الحوثيين بالعاصمة صنعاء، اتخاذ جملة من التدابير في إطار الاستعدادات لأي طارئ وإجراءات وقائية لما قد يحدث. وأنشأت الوزارة مركزًا للعزل الصحي بمساعدة المنظمات الدولية في منطقة الروضة لحجز أي مصابين قادمين من مطار صنعاء.
يقول الدكتور عبدالحكيم الكحلاني، المتحدث الرسمي باسم اللجنة الفنية المشتركة لمكافحة كورونا، بالعاصمة صنعاء، إنه تم إعداد خطة طارئة مع جميع أجهزة الدولة المختصة، لمواجهة الفيروس. وأضاف عبدالحكيم، في حديثه لـ"الترا صوت"، أنه "عقب ذلك بدأنا التجهيزات في بناء مراكز عزل في العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى التي تخضع لسيطرة حكومة صنعاء (التابعة للحوثيين)، بالإضافة إلى تفعيل فرق الترصد الوبائي في العديد من المحافظات اليمنية".
ولفت الكحلاني إلى وجود مختبر جاهز للفحص وأيضًا محاليل طبية للكشف عن الإصابات بكورونا في حال وقوعها. وأكد أن المركز الوطني بصنعاء هو المكان الوحيد في اليمن، الذي يمكن من خلاله تشخيص الحالات المصابة بالفيروس، ما يجعل الكثير من سكان المحافظات الأخرى، تحت تهديد كورونا. وهو ما لم نستطع التأكد منه، مع غياب المعلومات الكافية، ودخول المرض إلى حلبة الاستقطاب بين القوى المتصارعة في البلاد.
وأوضح عبدالحكيم أنه تم بناء عدة مراكز للعزل الصحي استعدادًا لظهور أي إصابات بالفيروس، بعضها خُصص للرجال والبعض الآخر للنساء. وحتى المطارات اليمنية، على الرغم من إغلاق أهمها، اتخذت تدابير احترازية لمنع دخول كورونا إلى البلاد، فأنشأت مراكز للحجز الصحي.
وأعدت الخطوط الجوية اليمنية بصنعاء غرفة عمليات مصغرة مع الشركات التي تنقل المسافرين إلى اليمن وأيضًا مطار القاهرة والأردن ومطارات العديد من الدول، لموافاتها بأسماء الركاب الذين سيدخلون اليمن، وبالأخص القادمين من الصين والدول المشتبه بها، حسب حديث محمد الحامري، مدير السلامة وتأكيد الجودة في الخطوط الجوية، وعضو لجنة مكافحة كورونا، لـ"الترا صوت".
وتعمم غرفة العمليات الأسماء على المراكز الصحية والمنافذ البرية والجوية، في جميع المحافظات حتى يتم فحص المسافرين قبل دخولهم. ولفت الحامري إلى أن المسافرين إلى اليمن يحتجزون في ماليزيا وفي العديد من الدول الأخرى أربعة عشر يومًا قبل وصولوهم إلى اليمن، وهي فترة الحضانة. مؤكدًا أن المسافرين من الصين لا يصلون إلى اليمن إلا بعد فترة تصل إلى عشرين يومًا، وخلال هذه الفترة، في حال عدم ظهور الأعراض عليهم، فإنهم يكونون غير مصابين بالفيروس.
وفي ذات السياق يقول الناطق باسم وزارة الصحة في الحكومة التابعة للحوثيين، يوسف الحاضري، إن الإجراءات الصحية ستطبق على جميع القادمين من خارج اليمن بمن فيهم الدبلوماسيون. وبحسب الحاضري فإن الوزارة قامت بتطبيق نظام الفحص الطبي على المسافرين القادمين من ثلاث عشرة دولة.
وأكد الحاضري في تصريح لوسائل إعلام محلية، أنه سيتم تطبيق الحجر المنزلي على جميع القادمين من الدول التي تعاني من تفشي كورونا وسيتم توعية أهاليهم بكيفية التعامل معهم، لافتًا إلى تواصل وزارته عبر الصحة العالمية مع المطارات الواقعة تحت سلطة حكومة هادي، لكي تضمن سلامة جميع اليمنيين بالإضافة إلى تشديد الإجراءات على المنافذ البرية الرابطة بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين والحكومة الشرعية.
حصار وحجر
كما اتخذت حكومة هادي هي الأخرى، العديد من الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي كورونا. وطالبت وزارة الخارجية فيها، من جميع مواطني الدول الأخرى الراغبين بزيارة اليمن بضرورة الإفصاح عما إذا سبق لهم زيارة الدول المنتشر فيها فيروس كورونا خلال الـ 14 يومًا السابقة لوصولهم اليمن".
اقرأ/ي أيضًا: الصحة في اليمن.. موت بالرصاص وآخر بالمرض
وأعلنت الوزارة في بيان لها، تعليق العمل بتأشيرات الزيارة للدخول للأراضي اليمنية بشكل مؤقت حتى إشعار آخر، لأي مواطن أجنبي قادم من الدول المنتشر فيها الفيروس بشكل كبير، ويستثنى من ذلك من يقدم ما يثبت عدم إصابته.
كيف سيواجه اليمن كورونا، في ظل الدمار الذي لحق بالبلاد؟ حيث أدت الحرب إلى خروج ما نسبته 50 بالمئة من المنشآت الصحية عن الخدمة؟
ويبدو أن الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي الإماراتي على البلاد، لعب دور الحجر الصحي الشامل، فلا يوجد مسافرون يدخلون البلاد، فمعظم المنافذ البرية والبحرية والجوية مغلقة، وعلى الرغم من ذلك تعمل السلطات اليمنية على منع وصول الفيروس إلى البلاد، إذ لن يكون الوباء أكثر رحمة باليمنيين من الكوليرا والدفتيريا وحمى الضنك والعديد من الأمراض الأخرى التي ما زالت تفتك بالسكان، بحسب أطباء يمنيين.