دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـ60 على وقع مجازر عديدة ارتكبها جيش الاحتلال في مناطق متفرقة في شمال ووسط وجنوب القطاع، ووسط تحذيرات من سيناريوهات مرعبة وكوارث إنسانية لا يمكن التعامل معها نتيجة توسع العملية البرية وامتدادها إلى جنوب قطاع غزة المكتظ بالنازحين.
ويأتي توسيع الاحتلال الإسرائيلي لعملياته العسكرية البرية في قطاع غزة في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية والصحية بصورة مخيفة نتيجة شح الإمدادات الإنسانية والطبية، ناهيك عن اكتظاظ المستشفيات، أو ما تبقّى منها، بالجرحى الذين أكدت وزارة الصحة في غزة أن كثيرين منهم نزفوا حتى الموت نتيجة عدم توفر الخدمة الصحية المطلوبة لهم شمال قطاع غزة.
غارات مكثّفة شمال وجنوب القطاع
وتعرّضت مناطق مختلفة في شمال قطاع غزة وجنوبه، الليلة الماضية وفجر اليوم الثلاثاء، لقصف عنيف وأحزمة نارية طالت منازل المدنيين والمباني السكنية ومحيط المستشفيات، خاصةً مستشفى "دار السلام" في خان يونس الذي تعرّض محيطه لقصف مكثّف دفع الأطباء والمرضى في المستشفى إلى إطلاق مناشدات لإنقاذهم.
حذّرت مسؤولة أممية من أن امتداد العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى جنوب قطاع غزة قد يؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن التعامل معها
وأفاد مراسل "التلفزيون العربي" بأن آليات جيش الاحتلال توغلت قرب مستشفى "دار السلام" على مشارف بني سهيلا شرق خان يونس.
وأُصيب عشرات الفلسطينيين، صباح اليوم، في قصف مدفعي إسرائيلي شرق مخيم المغازي وسط قطاع غزة. فيما استُشهد وجرح العشرات إثر عدة غارات إسرائيلية طالت منازل المدنيين في جباليا شمال قطاع غزة. كما أسفر قصف مقاتلات جيش الاحتلال لمبنى سكني في جنوب حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، عن استشهاد وإصابة العشرات.
وطال القصف الإسرائيلي المدفعي والجوي والبحري مناطق عدة شمال ووسط القطاع، بينها دير البلح والبريج والمغازي ومحيط المستشفى المعمداني، إضافةً إلى مخيم النصيرات حيث أسفرت غارة إسرائيلية، صباح اليوم، عن استشهاد 10 فلسطينيين على الأقل.
وواصل جيش الاحتلال قصفه العنيف والمكثّف على مناطق مختلفة في جنوب قطاع غزة، حيث استهدفت غاراته مناطق متفرقة في مدينة خان يونس ومحيطها تزامنًا مع تصاعد حدة الاشتباكات بين مقاتلي المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال المتوغلة على محاور عدة جنوب القطاع.
وصباح اليوم الأحد، استهدف قصف إسرائيلي مدرسة تؤوي نازحين شرق خان يونس، كما دمّرت غارة إسرائيلية مسجدًا في منطقة "بطن السمين" في المدينة. فيما أفادت مصادر طبية بوصول 30 شهيدًا وعشرات الجرحى إلى "مستشفى ناصر" بالمدينة جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل.
وقال مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، منير البرش، في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء، إن دبابات جيش الاحتلال تحاصر "مستشفى كمال عدوان"، شمال القطاع. معربًا عن مخاوفه من حدوث مجزرة داخل المستشفى كما حدث سابقًا في مستشفيي "الشفاء" و"الإندونيسي".
المقاومة تقصف بئر السبع المحتلة
أما ميدانيًا، فأعلنت "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، استهداف مقاتليها 3 آليات إسرائيلية بقذائف "الياسين 105" شرق مدينة خان يونس.
وأضافت أنهم استهدفوا دبابة إسرائيلية متوغلة في المحور نفسه بقذائف "الياسين 105". كما قالت، في وقت سابق اليوم، إنها قصفت بئر السبع المحتلة برشقة صاروخية ردًّا على المجازر بحق المدنيين.
من جهتها، قالت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، إنها استهدفت آلية عسكرية إسرائيلية بقذيفة "آر بي جي"، قرب مخبز العودة شرق خان يونس.
في المقابل، أعلن الناطق العسكري باسم جيش الاحتلال إصابة 4 ضباط وجنود من سلاح المظليين بجروح خطيرة خلال مواجهات دارت مع المقاومة الفلسطينية في وسط قطاع غزة خلال الليلة الماضية.
وكان جيش الاحتلال قد أعلن، في وقت سابق اليوم، مقتل ضابط وجنديين، وإصابة ضابط و3 جنود بجروح خطيرة، في المعارك الدائرة شمال ووسط قطاع غزة.
تحذيرات من سيناريو مرعب جنوب القطاع
وفي وقت سابق، حذّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لين هاستينغز، من أن امتداد العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى جنوب قطاع غزة، من شأنه أن يؤدي إلى "سيناريو أكثر رعبًا" قد تعجز العمليات الإنسانية عن التعامل معه.
وقالت هاستينغز، في بيان، إن توسع العمليات البرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي: "أجبر عشرات الآلاف من الفلسطينيين الآخرين إلى اللجوء إلى مناطق تواجه ضغطًا متزايدًا، وحيث ينتابهم اليأس في مسعاهم للعثور على الغذاء، والماء، والمأوى والأمان".
وأكدت أنه لم يعد هناك مكان آمن في غزة، ولم يبقَ مكان يمكن التوجّه إليه.
بدوره، قال المدير العام لـ"منظمة الصحة العالمية" تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عبر تغريدة على منصة "إكس"، إن جيش الاحتلال أبلغ المنظمة بضرورة نقل إمداداتها الطبية من مستودعاتها في جنوب قطاع غزة في غضون 24 ساعة: "لأن عمليات برية ستضعه خارج الخدمة".
من جهته، وصف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، هجمات جيش الاحتلال على قطاع غزة بأنها "مجزرة"، وأن عدد الضحايا المدنيين قد يكون أعلى بكثير مما هو معلن.
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، بأن "إسرائيل" تخطط لإغراق شبكة أنفاق "حركة حماس" بمياه البحر عبر "مضخات كبيرة". وأكد هؤلاء أن هذه العملية ستهدد مصادر المياه في القطاع.
