ألترا صوت – فريق التحرير
أثار موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتشدد من ترشيح القاضية المحافظة آمي كوني باريت لمنصب المحكمة العليا الشاغر، بعد وفاة القاضية الليبرالية التقدمية روث بادر غينسبيرغ في أيلول/سبتمبر الماضي، موجة جديدة من الاستقطاب السياسي بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، والتي تشهد ذروتها في الوقت الراهن مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية التي يطمح من خلالها ترامب للفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض.
أثار موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتشدد من ترشيح القاضية المحافظة آمي كوني باريت لمنصب المحكمة العليا الشاغر موجة جديدة من الاستقطاب السياسي
وبدأت اللجنة القضائية جلسة الاستماع الأولى لتعيين كوني باريت في المنصب الشاغر للمحكمة العليا، يوم الاثنين، والتي من المتوقع أن تستمر لأربعة أيام متوالية، على الرغم من المعارضة القوية للأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ في ظل بروز أمل ضئيل لتحقيق هدفهم بتأجيل التصويت على اختيار الاسم الذي سيخلف غينسبيرغ في منصبها إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
اقرأ/ي أيضًا: الجمهوريون يعارضون تصريحات ترامب حول رفضه تسليم السلطة سلميًا
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز البريطانية فإن كوني باريت، وهي من القضاة المحافظين قام ترامب بتعيينها بمنصب قاضية فيدرالية في الدائرة السابعة بمدينة شيكاغو في عام 2017، قالت في بيان نشر قبل مثولها أمام اللجنة القضائية، الأحد، إنها تؤمن بأن الأمريكيين "من جميع الخلفيات يستحقون محكمة عليا مستقلة تفسر دستورنا وقوانيننا كما هي مكتوبة".
ومن المتوقع أن يوافق مجلس الشيوخ على تعيين كوني باريت في المنصب، بالنظر لأن تعيينها في هذا المنصب سيمنح الأغلبية المحافظة ستة مقاعد في المحكمة العليا في مقابل ثلاثة مقاعد لليبراليين، والتي ستكون من أولى مهامها في حال وافق مجلس الشيوخ على تعيينها في المنصب، المشاركة في نقاش برنامج أوباما كير في العاشر من الشهر القادم، والذي يسعى ترامب إلى جانب حكام الولايات الجمهوريين لإبطاله، بالأخص أنها كانت من القضاة الذين انتقدوا رئيس المحكمة العليا جون روبرتس عندما وافق على البرنامج في عام 2012.
وكانت المرشحة الديمقراطية لمنصب نائب الرئيس في البيت الأبيض كامالا هاريس قد وصفت جلسة الاستماع التي ستمهد لانتخاب كوني باريت في المنصب بأنها "غير شرعية"، وأضافت السيناتور عن ولاية كاليفورنيا في كلمة عبر الفيديو بأن جلسة الاستماع المنعقدة ليست سوى "محاولة واضحة للتشويش" على موقف كوني باريت الرافض لبرنامح الرعاية الصحية الذي سيمنع ملايين الأشخاص من الاستفادة منه في وقت تكافح الولايات المتحدة للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد الذي أودى بحياة أكثر من 214 ألف أمريكي.
ووفقًا لما ذكرت وكالة رويترز البريطانية، فإن كوني باريت ستخضع خلال جلسات الاستماع التي تنعقد الثلاثاء والأربعاء، لاستجواب مطول من أعضاء مجلس الشيوخ، وتعد جلسات الاستماع خطوة أساسية قبل عقد جلسة التصويت على تعيينها في المنصب في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الجاري، والتي في حال الموافقة على ذلك ستبقى في منصبها في المحكمة العليا مدى الحياة، وتشير التوقعات لموافقة مجلس الشيوخ على ذلك، بالنظر لسيطرة الجمهوريين على المجلس بنسبة 53 مقعدًا في مقابل 47 للديمقراطيين.
ووفقًا للوكالة البريطانية فإنه من أبرز البنود التي من المرجح إلغاؤها من برنامج أوباما كير للرعاية الصحية، يتمثل بإلغاء البند الذي يسمح بتغطية للأشخاص الذين يعانون من أمراض سابقة، وهي تعني أنه لا يمكن لشركات التأمين رفض الزبائن بسبب أعمارهم أو جنسهم أو وضعهم الصحي، وهو ما سيعطي للجمهوريين فرصة لإلغاء البرنامح بعدما فشلوا سابقًا سواءً في الكابيتول هيل أو في المحاكم الأمريكية بتعطيل البرنامج.
وقال رئيس اللجنة القضائية السيناتور الجمهوري لندسي جراهام – المقرب من ترامب – في جلسة الاستماع الافتتاحية إن الأسبوع الجاري سيكون "طويلًا ومثيرًا للجدل"، وأضاف مناشدًا أعضاء مجلس الشيوخ باحترام الإجراءات المتبعة لعملية التصويت بقوله "لنتذكر إن العالم يراقبنا"، قبل أن يشير مستدركًا بأنه في حال لم يكن هناك أي مفاجآت تذكر، فإن المؤكد في نهاية الأمر تصويت الجمهوريين بنعم في مقابل تصويت الديمقراطيين بلا.
من جهته أدان السيناتور الديمقراطي عن ولاية فيرمونت باتريك ليهى ما وصفه بـ"الاندفاع الجنوني" للجمهوريين من أجل تسريع تعيين كوني باريت في منصب المحكمة العليا الشاغر، متهمًا الجمهوريين بمحاولتهم تحريف المحكمة العليا عن استقلاليتها، وجعلها بدلًا من ذلك ذراعًا لليمين المتطرف والحزب الجمهوري، لافتًا إلى أن الجمهوريين وضعوا في قائمة ما فشلوا في إلغائه عبر المحاكم برنامج أوباما كير.
وكان الجمهوريون في مجلس الشيوخ قد رفضوا مناشدات الديمقراطيين المرتبطة بتأجيل جلسة الاستماع بسبب المخاوف من فيروس كورونا، وهو ما دفع بالمرشحة لمنصب نائب الرئيس إلى جانب بعض الأعضاء بالمشاركة عبر الفيديو، فيما حضر السيناتور الجمهوري عن ولاية يوتا مايك لي بشكل شخصي جلسة الاستماع على الرغم من تأكيد إصابته بفيروس كورونا قبل سبعة أيام.
والجدير بالذكر أني كوني باريت (48 عامًا) أمريكية كاثوليكية ملتزمة، تعيش مع أولادها السبعة – بينهم اثنين بالتبني – في ولاية إنديانا، ويعرف عنها أنها المرشحة المفضلة للجمهوريين بسبب مواقفها المتشددة من قضايا حق الإجهاض وزواج المثليين والهجرة، رغم تأكيدها بأن إيمانها لن يؤثر على رأيها القضائي، وأن تفسيرها للدستور الأمريكي مبني على الرؤية التي أرادها له من وضعه، لا كدستور يتوافق مع تغير الأزمان.
أني كوني باريت (48 عامًا) أمريكية كاثوليكية ملتزمة، ويعرف عنها أنها المرشحة المفضلة للجمهوريين بسبب مواقفها المتشددة من قضايا حق الإجهاض وزواج المثليين والهجرة
ويبقى أكثر ما يثير الجدل في سجلها عملها كمساعدة في مكتب قاضي المحكمة الدستورية العليا السابق أنتوني سكاليا، الذي يعد من أهم القضاة المحافظين على مدار التاريخ الأمريكي، وذلك حتى وفاته في 2016، وهو الأمر الذي ينظر إليه المعلقون الديمقراطيون على أنه قد يدفع المحكمة العليا إلى اليمين أكثر من أي وقت مضى، مما يصعب من إنهاء سيطرة اليمين على المحكمة لسنوات أو حتى لعقود في حال تعيينها في المنصب.