18-ديسمبر-2017

برج شانغهاي (كيلاي شين/Bloomberg)

خرج أخيرًا للعلن، إنه برج شانغاي، ثاني أطول مبنى في العالم، والذي يتضمن تكنولوجيا متطورة تستخدم للمرة الأولى في ناطحات السحاب. فلم تأخر كل هذا الوقت، بعد أن كان من المبرمج أن يجهز قبل سنتين؟ وماهي أبرز مميزاته؟ في هذا التقرير، المترجم عن وكالة بلومبيرغ، تفاصيل أكثر.


بعد أكثر من عامين من وضع الشريط الأحمر، الذي منع المستأجرين من الانتقال إلى ثاني أطول ناطحة سحاب على مستوى العالم، وهو برج شانغهاي، افتُتحت ناطحة السحاب بهدوء، وبدأت الشركات في شغل الأماكن المخصصة للمكاتب بداخلها.

تبدي الصين اهتمامًا كبيرًا للترويج لنفسها عبر العالم كقوة رأسمالية ويندرج بناء برج شانغهاي في هذا السياق

تشغل الآن أكثر من 60 شركة المساحات المخصصة للمكاتب في الطوابق البالغة 128 طابقًا، بما في ذلك كبرى الأسماء في الصين، مثل آنت فايننشال، التابعة لمؤسس مجموعة علي بابا، الملياردير جاك با. ويقع في الطابق السفلي أحد فروع (فات برجر)، الذي يتيح للعاملين في المبنى زيارته بعد ساعات العمل لتناول ما يريدون من طعامٍ أو شراب.

ولكن لا تتوقعوا ترحابًا كبيرًا على الرغم من كون البناية التي تكلف بناؤها 2.4 مليار دولار، الأغلى في الصين على الإطلاق، ورغم اعتبارها ثاني أطول مبنى في العالم، ورغم امتلاكها أسرع مِصعد على الإطلاق، وبعض من التكنولوجيا والبرامج المعمارية الأكثر تقدمًا على مستوى العالم. إذ قالت تشنغ لوه، المتحدثة باسم البرج: "نرغب أن نبقى بعيدين عن الأضواء. لا نخطط أن ننظم احتفاليةً كبيرةً بالافتتاح حتى إذا كانت كل الأشياء جاهزةً؛ لأننا كشفنا عن أشياء كثيرة للجمهور".

كان من المفترض أن تُفتتح ناطحة السحاب البالغ طولها 632 مترًا في منتصف 2015. إلا أن حجمها وتعقيدات بنائها أجّلا الافتتاح؛ من أجل استيفاء اللوائح المتعلقة بالسلامة من الحرائق، ويُعزى جانب من هذا إلى عدم وجود أي قوانين بناء تلائم بعضًا من سماتها، وذلك على الرغم من سرعة وتيرة التنمية في الصين ودفعها من أجل دعم شنغهاي لتكون مركزًا ماليًا عالميًا.

قال جاسون بار، أستاذ الاقتصاد بجامعة روتجرز، في نيو جيرسي الذي يتركز مجال بحثه حول العقارات "تبدي الصين اهتمامًا كبيرًا للترويج لنفسها عبر العالم في احتضانها للنمو الاقتصادي والرأسمالية العالمية. يشير مضمون بناء البرج إلى أن نظام الصين السياسي والاقتصادي على نفس قوة الرأسمالية الغربية".

اقرأ/ي أيضًا: ماذا وراء انفتاح الصين على رؤوس الأموال الغربية؟

صراع مع التشريعات 

توضح تعقيدات البرج، التي تبرز في في طبقته الخارجية الملتوية التي صُممت لتقليل التمايل في الرياح، إضافة إلى مصاعده المضادة للحرائق، كيف تتطور التشريعات الصينية كي تجاري وتيرة التنمية التكنولوجية المتسارعة. تتبنى الصناعات، بدءًا من الصناعات الجوية ومرورًا بصناعات البناء وحتى الصناعات العسكرية الثقيلة، بل وتبتكر بعضًا من أكثر الأنظمة تقدمًا حول العالم، إلا أن الأجهزة التشريعية في الصين لا تزال في الغالب متعثرة بالممارسات والقواعد التي وضعت منذ عقود ماضية.

برج شانغهي في الوسط بجوار مركز شانغهاي المالي العالمي وبرج جينماو (كيلاي شين/Bloomberg)

قال دان وايني، مدير العمليات بشركة جينسلر للتصميم والهندسة المعمارية التي صممت البرج: "كان هناك دفع وجذب خلال المشروع حيث كنا نصمم شيئًا لا يوجد أي قانون له، لذا كنا في حاجة إلى كتابة القانون، وقد تحركت المداولات حوله ذهابًا وإيابًا لحوالي سبعة أعوام". تضمنت القوانين الجديدة استخدام المصاعد للإخلاء حال وقوع حرائق، وهي تقنية تحدث لأول مرة في أحد البنايات المرتفعة في الصين.

افتُتحت منصة المراقبة أعلى البرج للعامة في نيسان/ أبريل، إلا أنها لم تكن تحصل على الإجازة من سلطات السلامة، وذلك حسبما تقول مجموعة شنغهاي البلدية للاستثمار المملوكة للحكومة، وهي واحدة من كبار المستثمرين في البرج. وقد أُعلن عن الانتهاء من أعمال بناء البرج رسميًا في 18 تموز/ يوليو الماضي.

من أسباب تأخير افتتاح برج شانغاي العالمي تأخر المنظومة التشريعية الصينية وبالتالي الاشتغال على قوانين جديدة إضافة إلى التكنولوجيا المتطورة جدًا المعتمدة فيه

اقرأ/ي أيضًا: تعرف إلى المعهد الأضخم في العالم.. الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية

آمن تمامًا

يقول وايني من شركة جينسلر: "يجب أن يكون آمنًا تمامًا. لا يريد أي شخص تحمل مخاطرة أن يسير أي شيء بصورة خاطئة". يوضح وايني أن الحائط الخارجي الزجاجي الملتوي لبرج شنغهاي، لم يُجرَّب من قبل على بنايةٍ بهذا الحجم، ومن ثم تطلَّب تصميم برنامج متقدم. وأضاف أن "كل لوح من الألواح الزجاجية البالغة 20 ألف لوح زجاجي، كان يجب أن تخضع جميعها لقياساتٍ شديدة العناية باستخدام الليزر وهذا ما أبطَّأ من وتيرة البناء".

الواجهة الزجاجية لبرج شنغهاي (كيلاي شين/Bloomberg)

دعمت عديد من صور التكنولوجيا المستدامة التصميم المعماري المستقبلي. تولد توربينات الرياح، البالغ عددها 270 توربينًا الطاقة للمبنى. يُعاد تدوير الأمطار ومياه الصرف؛ لاستخدامها في المراحيض وري الحدائق الموجودة في المبنى.

قال بار من جامعة روتجرز: "يُعتبر برج شنغهاي أيقونةً عالمية تمثل القوة المالية والاقتصادية للصين. إنها طريقة لإبراز العظمة الاقتصادية للصين كلها ولشنغهاي أيضًا".

اقرأ/ي أيضًا:

 "طنجة تيك".. ماذا وراء تدفق الاستثمارات الصينية نحو المغرب؟

مشكلة التعليم.. أكبر المخاطر التي تهدد اقتصاد الصين؟