بعد وصول ليفاندوفسكي إلى قلعة البلاوغرانا، يمكن القول إن إدارة برشلونة وفت بوعودها لجماهير النادي، والتي أتت على لسان مدير الفريق ماتيو أليماني إذ تحدث عن شهر تموز /يوليو ساخن في ما يخص صفقات الانتقال، حيث نجح الفريق بإتمام أربعة تعاقدات مع لاعبين كان يضعهم على لائحة اهتماماته، من بينها صفقتان مجانيتان، وصفقتان انتزعهما بعد صراع مع فرق كبرى أخرى، وكانت رغبة اللاعبين فيها باللعب مع برشلونة هي العامل الأبرز في حسمها، ما يعيد إلى الفريق بعضًا من هيبته التي خسرها في السنوات الماضية، بفعل التخبط الفني والمالي وانتشار الفساد الإداري في أروقة النادي.
الرافعات تنتشل برشلونة!
برشلونة المثخن بالديون والذي فشل في العام الماضي بتسجيل أسطورته ليونيل ميسي في قائمة اللاعبين الجدد نتيجة الأزمة المالية، لجأ تحت إدارة خوان لابورتا لاستراتيجية الرافعات الاقتصادية، وهي استراتيجية معروفة في عالم الاقتصاد، يستخدم من خلالها المستثمر جزءًا من أصوله لتوفير رأس المال اللازم، فباع النادي 15 % من حقوق النقل التلفزيوني للسنوات الـ 25 القادمة، بالإضافة إلى بيع 49.9 % من أسهم شركة التسويق BLM التابعة لأصول النادي ما سيؤمن للنادي مداخيل بقيمة 400 مليون يورو بعد تفعيل الرافعة الثانية.
تعطش الفريق للحصول على تعاقدات جديدة بعد فترة من الجفاف لا يبدو أنه سيتوقف مع وصول ليفاندوفسكي، فالفريق لا يزال يقاتل على عدة جبهات للحصول على المزيد من اللاعبين، في مقدمهم مدافع إشبيليه الفرنسي كوندي، بالرغم من المزاحمة المالية الكبيرة من تشيلسي الإنجليزي، الذي يبدو أنه سيحاول الثأر لخسارته صفقة رافينيا أمام برشلونة بالذات، حيث " البلوز " في وضع مالي أفضل لإتمام الصفقة.
كذلك لم يصرف الفريق النظر عن الحصول على بعض الصفقات المجانية الأخرى، الحديث هنا عن سيزار أزبيليكويتا وماركوس ألونسو مدافعي تشيلسي، فيما لم يُغلق الباب تمامًا حول صفقة النجم البرتغالي برناردو سيلفا، الذي لا يمانع مانشستر سيتي الاستغناء عنه في حال وصول العرض المناسب ( الحديث هنا عن 80 مليون يورو).
ازمة دي يونج تعكّر الأجواء
لا تزال قضية نجم الوسط الهولندي فرينكي دي يونج عالقة، حيث يرغب الفريق ببيعه من أجل توفير سيولة للنادي، وقد تمّ الاتفاق شفهيًا مع مانشستر يونايتد على بنود الصفقة لنقله إلى الأولد ترافورد ، مع تبقّي موافقة اللاعب، إلا أن متوسط ميدان هولندا يرفض الخروج من النادي والالتحاق بمدربه السابق في أياكس أمستردام تين هاغ ويصرّ على البقاء في الكامب نو حتى نهاية عقده.
المعلومات حول دي يونج متضاربة، فالصحافة الإسبانية تشير إلى أن اللاعب يشعر بأنه خُذل في برشلونة، وأنهم يريدون التخلص منه نتيجة لرغبة تشافي، وليس بسبب الضائقة المالية، بدليل توفر الأموال في النادي لإجراء الصفقات، كما أن برشلونة يدين ليونج بمبالغ كبيرة من مستحقات ومكافآت كان وافق على تأجيل الحصول عليها بسبب أزمة النادي، وهو اليوم يريدها كاملةً في حال تم الاستغناء عنه.
تحصّل برشلونة حتى الآن في الميركاتو الصيفي على لاعبين ذوي جودة عالية، فنحن نتحدث عن مهاجم قناص من الصف الأول هو ليفاندوفسكي أفضل لاعب في العالم حسب الفيفا، وهدّاف الدوريات الخمس الكبرى في العام الماضي، وجناح مميز بات له دور مهم مع منتخب البرازيل مؤخّرًا هو رافينيا، معروف بالسرعة والتوغل من العمق ويتميز بالتمريرات الساحرة والقدرة العالية على التسجيل، بالإضافة إلى فرانك كيسيه متوسط ميدان ميلان الإيطالي السابق، وأحد أسباب تتويج الروسونيري بلقب الاسكوديتو في العام الماضي، والدانماركي كريستنسن المدافع الذي لديه هامش كبير للتطور في الدوري الإسباني.
إلا أن الانتصار الأكبر الذي حققه الفريق هذا الصيف هو معنوي بالدرجة الأولى، حيث ظهر برشلونة مرة أخرى كفريق جاذب للاعبين بعد فترة من التخبط. ليفاندوفسكي مثلًا أصرّ على الانتقال إلى برشلونة رغم العروض الأخرى المقدمة له، كذلك رفض رافينا الاتفاق المبدئي بين ليدز وتشيلسي لانتقاله إلى غرب لندن، واستجاب لنداء قلبه واختار البلوغرانا. الأمر نفسه ينطبق على كيسييه كريستنسن المنتهية عقودهما مع فرقهما، وكانت بيدهما مروحة خيارات واسعة لكن رغبتهما ببرشلونة كانت أكبر.
بالإضافة إلى الصفقات الأربع، يمكن القول أن برشلونة عقد صفقة خامسة كبرى، بعدما نجح بإقناع النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي الذي تطوّر مستواه بشكل واضح مع تشافي العام الماضي، بتمديد عقده لعامين إضافين، بينما يأمل جمهور الفريق أن يتخلص انسو فاتي من لعنة الإصابات لتقديم إضافة مهمة في خط الهجوم، فيما ستكون الانظار متوجهة كما العام الماضي على يافعي خط الوسط الذين نضجوا بشكل استثنائي، في مقدمهم بيدري المتوج بجائزة الفتى الذهبي، وجافي الذي حجز مركزًا أساسيًا له مع اللاروخا تحت قيادة لويس إنريكي.
برشلونة جاهز للمنافسة
يستخدم برشلونة الرسم التكتيكي 4-3-3 منذ فترة طويلة، وهو الرسم المفضّل لمدربه تشافي حيث اعتمده خلال الفترة التي استلم بها النادي. في الموسم القادم سيتحصل المدرب الشاب على الأسلحة الفتاكة اللازمة للعب بهذا الرسم، والذي يعتمد بشكل أساسي على جناحين مهاريين ذوي سرعة كبيرة، وبينهما مهاجم قناص قادر على تحويل العرضيات واستغلال أنصاف الفرص والتواجد دائمًا في المكان المناسب، ومن أفضل مِن ليفاندوفسكي للقيام بهذا الأمر.
بعد اكتفاء ريال مدريد بالتعاقد مع شوانيمي، وبطء أتلتيكو مدريد في سوق الانتقالات، ترتفع مؤشرات التفاؤل في البيئة الكتالونية بالقدرة على العودة إلى المنافسة بعد موسم صفري تخلله خروج مهين من دور المجموعات لدوري الأبطال. جماهير برشلونة لا تطيق الانتظار لترى ليفاندوفسكي بالقميص رقم 9 يقود هجوم فريقهم، متوسطًا لاعبين مهاريين من طينة رافينا وديمبيلي وفاتي، وخلفهم خط وسط شاب يبهر الجميع بسرعته في التطور والنضوج، فيما سيعطي كريستنسن إضافة مهمة في خط الدفاع إلى جانب آراوخو. فهل يعود برشلونة إلى المنافسة على جميع الألقاب كما عوّد محبيه؟ الجواب سنعرفه في الفترة القادمة.