09-فبراير-2022
porn addiction

(Getty Images)

تم الإعلان مؤخرًا عن إطلاق أول مبادرة استشارية لتقديم النصائح والتوجيهات والخطوات العلاجية للتخلص ممّا يطلق عليه "إدمان الإباحية" أو إدمان مشاهدة المواد الإباحية، وذلك عبر تقديم المساعدة اللازمة التي تساعد الراغبين بالتعافي خلال فترة تصل إلى ثمانية أسابيع، في السعودية ودول الخليج. 

يهدف الموقع إلى تقديم مساعدة متخصصة للحدّ من آثار التعلق بمشاهدة المواد الإباحية بين الشباب في السعودية والخليج 

جاء إطلاق المبادرة الموجّهة للشباب في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية من قبل برنامج "عفّة"، ويهدف إلى تقديم مساعدة متخصصة للحدّ من آثار التعلق بمشاهدة المواد الإباحية بين الشباب الذكور، إضافة إلى الإعلان عن خطة لتطوير الموقع لتقديم مساعدة متخصصة للفتيات.

وقد أتى الإعلان عن الموقع على لسان سعود الحساني، مدير برنامج "عفة" السعودي الذي انطلق عام 2019، والذي أوضح في برنامج حواري الآثار الصحية والنفسية لتعاطي المواد الإباحية والتعلق بها، وارتباطها ببعض الظواهر السلبية في المجتمع مثل التحرش وارتفاع نسب المشاكل الزوجية والطلاق، إضافة إلى المشاكل الجوهرية في المواد الإباحية والتي تقتات على استغلال الفتيات القاصرات في دول العالم.

 

 

وبلغة الأرقام، أشار الحساني إلى أن المواقع الإباحية تحقق عشرات مليارات المشاهدات سنويًا، وأن نسبة كبيرة من محتوى الإنترنت يمكن تصنيفه تحت بوابة المواد الإباحية. وتعتمد خطة العلاج من هذا النوع الفريد من الإدمان بحسب الموقع على ثلاثة محاور هي العلاج السلوكي والمعرفي، والعلاج الروحي، وتوفير البيئة الداعمة الآمنة التي تحافظ بشكل مطلق على خصوصية الأفراد.

ما هو إدمان الإباحية؟

تشكّل المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت قطاعًا تقدر قيمته بعشرات مليارات الدولارات، ومن الصعب، حاليًا على الأقل، كبح جماح هذا القطاع الذي أثر على الغالبية العظمى من مرتادي الإنترنت، من كلا الجنسين، ومن جميع الفئات العمرية، حتى من الأطفال. وهذا القطاع يعتمد وفق تقارير عديدة على ممارسات تنتهك حقوق الإنسان وكرامته، إذ يرتبط بشبكة التجارة بالبشر، والاغتصاب، والابتزاز، والاستغلال، وعالم المخدّرات. 

Getty

وتسيطر شركة "مايندغيك" (MindGeek)، الكندية، على عدد من أكبر المواقع الإباحية في العالم. واحد من هذه المواقع يحقق زيارات تتجاوز 150 مليون زيارة شهريًا، وهي أرقام من المرجّح أنها قد حققت طفرة أكبر خلال العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا وقضاء الملايين من الناس وقتًا أكبر أمام أجهزة الهاتف، وزيادة القدرة على الاتصال بالإنترنت، وغياب القوانين التي تراقب نشاط هذه المواقع والقدرة على الوصول إليها. وبحسب الدراسات المختلفة، فإن الرجال والنساء يمكن أن يعانوا من إدمان الإباحية وإدمان الجنس عبر الإنترنت. 

كيف تعرف إن كنت مدمنًا على الإباحية؟ 

ما يزال موضوع الإدمان على الإباحية موضع جدل واسع في عالم الطب النفسي والعلاج السلوكي، إذ لم يتفق المختصون على العديد من النقاط حول هذه الظاهرة، وكيف تبدأ ومتى تتعمق ومتى تنتهي ويتعافى منها الإنسان لو وجدت بالفعل حالة كهذه، يعاني فيها من إدمان قسري على الإباحية وعلى نحو يبدو مرضيّا.

إلا أن ثمة مؤشرات أساسية قد تدلّ على أن الشخص يعاني من إدمان الإباحية

1) عدم القدرة على التوقّف

حين تفقد القدرة على السيطرة على نفسك وسلوكك وتجد أنّك غير قادر على عدم اللجوء إلى المواد الإباحية. هذه علامة واضحة على أنك تعاني من هذه المشكلة، خاصة في حال أثر هذا السلوك على روتين حياتك السابق وعطّل علاقاتك الشخصية أو المهنية بشكل واضح.  

2) النهم المستمر للمواد الإباحية

 يترافق هذا الإدمان كذلك مع عدم القدرة على الاكتفاء من المشاهدة. فإضافة إلى الرغبة الجامحة الشديدة في النقر على موقع إباحي، فالمدمن عادة لا يستطيع أن يتوقف عن المشاهدة ولا يكتفي من ذلك. وهذه ثاني العلامات المهمة التي يجب التنبه إليها. 

 

 

3) تراجع الرغبة الجنسية مع الشريك

إن كنت مدمنًا على الإباحية، فإن ذلك قد يؤدي إلى فقدان الرغبة في ممارسة العلاقة الحميمية الحقيقية في السرير، إضافة إلى أنك قد تتوقف عن رؤية الجاذبية في زوجك/زوجتك، وعدم الاستجابة إلى الرغبة العاطفية لدى الطرف الآخر في التواصل الجنسي.

هل يمكن أن تعاني الفتاة من إدمان الإباحية؟ 

قد يرتبط تعاطي المواد الإباحية وإدمانها بالذكور عادة أكثر من النساء، وهو ما أدى إلى ضعف الاهتمام البحثي بمتابعة الظاهرة وآثارها لدى الفتيات. إلا أن إدمان المواد الإباحية لا يقتصر على الذكور، إلا أنه وبحسب العديد من التقديرات، فإن النساء عمومًا أقل استهلاكًا للإباحية من الرجال، كما أن أنماط المشاهدة والاستهلاك للمواد الإباحية لديهنّ مختلفة عن الذكور. وبما أن الأبحاث والدراسات الطبية والاجتماعية حول هذه الظاهرة محدودة، ولاسيما في المنطقة العربية، فإنه يصعب تقدم صورة واضحة عن الظاهرة بين النساء، باستثناء الانطباعات العامّة التي يقدمها المختصون والناشطون في هذا المجال. وقد تناولنا ظاهرة إدمان الإباحية بين الفتيات في مقال تفصيلي سابق على موقع التراصوت. 

 

شركات تقنية لمحاربة الظاهرة

تعدّ مبادرة "برنامج" عفة السعودي مبادرة رائدة وجريئة عربيًا للتعامل مع ظاهرة إدمان الإباحية. لكن شهد العالم خلال العامين الماضيين، خلال جائحة كوفيد-19، عددًا واسعًا من المبادرات الفردية والرسمية والاجتماعية للتصدي للتنامي المتوحّش لاستهلاك وانتشار المواد الإباحية، خاصة بين الشباب والأطفال، وهي مواد بدأت تتسلل إلى منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة إنستغرام وتيك توك، والتي تشير العديد من التقارير إلى أنّها تسهّل وصول الشباب اليافعين من كلا الجنسين إلى الموادّ الإباحية

من بين المبادرات التي انطلقت في المملكة المتحدة العام الماضي (2021)، موقع إلكتروني مختص بحظر إمكانية الوصول للمحتوى الإباحي على أجهزة المستخدم. الموقع يدعى "ريموجو" (Remojo)، وهو برنامج قد يكون الوحيد من نوعه في العالم في المساعدة على التخلص من إدمان الإباحية، وقطع الطريق للوصول إليها بشكل تقني محكم.  الموقع قائم على خطة اشتراك مدفوعة، توفر للمستخدم تقنية قادرة على خلق حائط منيع لا يمكن تجاوزه، يحظر كافة المواقع الإباحية والمحتوى الإباحي، ويمكن الاستفادة منه على أجهزة الكمبيوتر والهواتف والأجهزة المحمولة الأخرى. كما يوفر الموقع العديد من المواد الإرشادية التي تدعم المستخدم وتساعده في التخلص من  هذه الحالة. 


للمزيد حول برنامج "ريموجو" المناهض للإباحية يمكن الاطلاع على هذا المقال السابق على التراصوت

وللمزيد حول ظاهرة الإباحية ومشاكلها يمكن الاطلاع على هذه السلسلة من المقالات على التراصوت.