تتدحرج الأزمة السياسية في ألمانيا نحو إجراء انتخابات مبكرة في غضون أقل من شهرين، وذلك على إثر انهيار الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد.
وآخر المؤشرات الدالة على عدم قدرة الفرقاء على احتواء الأزمة سياسيًا، استدعاء المستشار أولاف شولتز لزعيم المعارضة فريدريش ميرتس لاجتماع في ديوان المستشارية، تناول حسب قناة "دويتشه فيله"، "الخطوات التالية عقب خروج أحد الأحزاب من الائتلاف الحكومي"، وكان من المفاجئ أن الاجتماع الذي يبحث الأزمة السياسية لم يستمر لأكثر من نصف ساعة، في مؤشر على مستوى التنافر واختلاف الرؤى بين شولتز ومعارضته الرئيسية التي تضغط من أجل إجراء انتخابات سابقة لأوانها في أقرب وقت ممكن.
يشار إلى أن المستشار الألماني قال عقب إقالة وزير المالية وانهيار "ائتلاف إشارة المرور" الحكومي، إنه "لا يريد طرح مسألة الثقة في الحكومة على البرلمان قبل 15 كانون الثاني/يناير المقبل". وهو موعدٌ لا يمكن فصله حسب المتابعين عن تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي يرى مراقبون ألمان أن لفوزه علاقة بانفراط عقد الائتلاف الحكومي في البلاد.
تمنح استطلاعات الرأي في ألمانيا الصدارة لـ"الحزب المسيحي الديمقراطي"، يليه "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف
ولذلك، ترى المعارضة الألمانية الرئيسية بزعامة ميرتس أن الموعد المقترح من شولتز "متأخر جدًا"، مطالبةً أن تكون بداية الأسبوع المقبل، على أقصى تقدير، موعدًا لطرح "مسألة الثقة"، وذلك بحسب المعارضة "لضمان إجراء انتخابات مبكرة في كانون الثاني/يناير المقبل"، على أمل أن تأتي بحكومة وشخصية بالمواصفات التي تتطلبها المرحلة، وعلى رأسها "تحدي ترامب".
يشار إلى أن الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي قادته أنجيلا ميركل أثناء ولاية ترامب الأولى، يتزعمه حاليًا فريدريش ميرتس مرشح الاتحاد المسيحي (الحزب الديمقراطي المسيحي مع الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري)، لمنصب المستشار في الانتخابات البرلمانية المرتقبة.
وكان ميرتس استبق لقاءه بشولتز مساء أمس الخميس بالقول إنه "لا يمكننا ببساطة أن نتحمل حكومةً بلا أغلبية في ألمانيا لعدة أشهر، ثم خوض حملة انتخابية تستمر لشهور إضافية، وربما التفاوض لأسابيع حول تشكيل ائتلافٍ جديد. يجب أن يتم هذا بسرعة الآن. لهذا سأطلب من المستشار خلال محادثات اليوم أن يفتح المجال لذلك، وسأعرض وجهة نظري أيضًا في وقت لاحق خلال محادثاتي مع السيد رئيس الجمهورية".
لكن شولتس، بالتزامن مع تصريحات ميرتس، أكد مجددًا أنه لا ينوي طرح مسألة الثقة بالحكومة قبل 15 كانون الثاني/يناير، مضيفًا: "قريبًا ستتاح الفرصة للمواطنين لاتخاذ قرار جديد بشأن كيفية المضي قدمًا. هذا حقهم المشروع، ولذلك سأطرح مسألة الثقة في البرلمان بداية العام المقبل".
بدوره، دعا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي سبق أن وصف ترامب بالمحرض على الكراهية، "الزعماء السياسيين في البلاد إلى التحلي بالحكمة والمسؤولية بعد الأزمة السياسية التي أحدثتها إقالة وزير المالية وتفكك الائتلاف الحاكم"، معتبرًا أن ألمانيا "تحتاج إلى أغلبيات مستقرة وحكومة فعالة".
يشار إلى أن شتاينماير "سيكون مسؤولًا عن حل مجلس النواب في حال عدم حصول الحكومة على الثقة البرلمانية مجددًا".
وتشير استطلاعات الرأي في ألمانيا إلى أنّ المحافظين، ممثلين في المعارضة الرئيسية حاليًا، هم الأوفر حظًا في حصد الصدارة، بنسبة 30% من الأصوات، الأمر الذي يجعل ميرتس كذلك هو المرشح الأبرز لمنصب المستشار.
ومع ذلك، لا تكفي هذه النتيجة لتشكيل الحكومة، الأمر الذي سيجعل "المسيحي الديمقراطي" أمام اختبار صعب لتشكيل أغلبية برلمانية، ينصبّ التركيز فيها على "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، الذي تمنحه نتائج الاستطلاعات المركز الثاني.