خسرت عملة بيتكوين الإلكترونية أكثر من 20% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي يوم الاثنين 11 كانون الثاني/يناير 2021، وهبطت إلى ما يقارب الـ31 ألف دولار أمريكي، بعدما كانت قد حقّقت ارتفاعًا تاريخيًا، وبلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق يوم الجمعة 8 كانون الثاني/يناير 2021، عندما وصلت إلى حوالى 41 ألف دولار أمريكي.
تشهد التقديرات المالية بخصوص البيتكوين انقسامًا في الآراء بين كبار الخبراء الماليين، بين من يرى في البيتكوين عملة المستقبل، والاستثمار الأفضل لمن يريد الحفاظ على أصوله، وبين من يرى فيها فقاعة تضخّمت في فترة قياسية
وتوالت إعلانات من كبار المصرفيين والخبراء الماليين عن ارتياحهم لانخفاض قيمة عملة بيتكوين الإلكترونية الكبير، على اعتبار أن الارتفاع "المخيف" الذي شهدته في الأسابيع الأخير، كان ليكون فيما لو استمر، مؤشرًا ودليلًا على وجود أزمات اقتصادية وبنيوية كامنة سيكون لها تأثير سلبي على سوق المال العالمي. إذ يمكن أن يكون الأمر مشابهًا لأزمة الذهب في سبعينات القرن الماضي.
اقرأ/ي أيضًا: 3 أسئلة نخجل من طرحها حول المال.. لحظة ما هو المال؟!
وبالرغم من الانحدار المفاجئ مؤخّرًا، فإن قيمة بيتكوين قد تضاعفت بنسبة 300 % خلال السنة الأخيرة. ولا يزال عدد من المضاربين والمستثمرين متفائلًا بشأن مستقبل هذه العملة الإلكترونية، في الوقت الذي يؤكّد فيه مسؤول كبير في شركة Black Rock، أحد أكبر شركات الأصول في العالم، أنه يتوقّع أن تحلّ البيتكوين مكان الذهب مستقبلًا، كاحتياطي رئيسي لمواجهة التضخّم وضعف الدولار الأمريكي.
من جهته، قال جيف كوري رئيس مجموعة غولدمان ساكس، البنك الاستثماري المعروف، إن بيتكوين بحاجة في الفترة الحالية لضّخ كميات كبيرة من الأموال فيها، عن طريق الاستثمار فيها وشراء الأوراق النقدية الافتراضية، لوقف التدهور في قيمتها الذي شهدته يوم الاثنين. ورأى كوري أن "السوق يصبح أكثر نضوجًا مع الوقت، في ظل وعي المستثمرين الصغار بالتطورات المالية". ورأى أن "الحل الأمثل للوصول إلى الاستقرار في السوق المالي، يكون في زيادة مشاركة المستثمرين الصغار".
بينما رأى الخبراء الاستراتيجيون في مجموعة JPMorgan إن قيمة عملة بيتكوين قد ترتفع إلى حوالي 146 ألف دولار في السنوات القادمة، حيث أنها ستتنافس مع الذهب على المدى الطويل، في مجال الأصول الآمنة. ومع ذلك، فإن خبراء JPMorgan أنفسهم يرون أن الوصول إلى هذا السعر مستقبلًا، يتطلّب الكثير من الثقة بالعملة، وهو أمر لن يتحقق في حال استمرّ سعرها بالارتفاع والانخفاض بنسب عالية خلال فترات قصيرة.
شهدت أسواق المال والبورصة في العام 2020، أسماء هامة جدًا في عالم الاستثمار وفي مجتمع مضاربات وال ستريت، وضعت ثقتها ورهانها على البيتكوين
وينظر المستثمرون اليوم بجدّية إلى بيتكوين كعملة بديلة، خاصة وأن العملات الحقيقية أظهرت أنها قابلة للاهتزاز إبّان الآفات والكوارث. فعلى سبيل المثال، قلّص انتشار فيروس كورونا والطرق المستخدمة لمواجهته، القيمة السيادية للدولار الأمريكي. وقد شهدت أسواق المال والبورصة في العام 2020، أسماء هامة جدًا في عالم الاستثمار وفي مجتمع مضاربات وال ستريت، وضعت ثقتها ورهانها على البيتكوين.
اقرأ/ي أيضًا: العملات الرقمية.. فقاعة اقتصاديّة أم مستقبل للتداول المالي عالميًا؟
على المقلب الآخر، توقّف عدد من المحللين والخبراء الاقتصاديين عند الهبوط المفاجئ لقيمة بيتكوين، فوصفوا العملة الإلكترونية بالفقاعة التي ستنتهي في المستقبل، وقالوا إن عدم الاستقرار في سعرها وتغيّره السريع صعودًا وهبوطًا، يؤكّد أنها لا تصلح لأن تكون الملاذ الآمن الذي ينصحون الناس استثمار أصولهم فيها. رجل الأعمال الأمريكي المعروف مارك كوربان، مالك فريق دالاس مافريكس الناشط في رابطة كرة السلة الأمريكية - NBA، اعتبر أن ظاهرة التداول بالعملات المرقمة، تشبه بالضبط الفقاعات التي خلّقها الإنترنت في السنوات الأخيرة كأمازون وإيباي، وقال أن الاستثمار بها لن يكون مضمونًا.
من جهته، حذر جيفري جوندلاش، الرئيس التنفيذي لشركة Double Line Capital، يوم الاثنين من أن الحركة في سوق عملة البيتكوين قد تزداد سخونة بعد تشغيلها الهائل في الأشهر الأخيرة. وأكّد جوندلاش أنّه لا يفضّل الاستثمار في المجالات التي تشبه بيتكوين، لأنّها غير ثابتة وعرضة لتغيّرات سريعة. وشبّهها بدوره بالفقاعة التي لا ينصح بالوثوق بها.
يبدو واضحًا إذًا اليوم الانقسام في الآراء بين كبار الخبراء الماليين، بين من يرى في البيتكوين عملة المستقبل، والاستثمار الأفضل لمن يريد الحفاظ على أصوله، وبين من يرى فيها فقاعة تضخّمت في فترة قياسية، وهي مهددة بالانهيار في أي فترة، وما الانهيار السريع في قيمتها مؤخرًا سوى دليل ملموس على ذلك.
اقرأ/ي ايضًا:
150 مليار دولار سنويًا أرباح تجارة الرقيق بغطاء التكنولوجيا الحديثة