21-سبتمبر-2024
حزب الله ينعى

المبنى الذي استهدف الاحتلال الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية (رويترز)

نعى "حزب الله" في سلسلة بيانات منفصلة، 16 عنصرًا وقياديًا من وحدة النخبة "قوة الرضوان"، اليوم السبت، جراء شن الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية استهدفت مبنى سكنيًا في الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك في تصعيد عسكري غير متوقّع، دفع بوكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، للتحذير من توسع دائرة العنف التي يشهدها لبنان والمنطقة.

وجاءت الغارة الأخيرة، بعد أسبوع دامٍ عاشه لبنان جراء انفجار أجهزة اتصال اللاسلكي من طراز "بيجر" و"أيكوم" على مدى يومي، الثلاثاء والأربعاء، ما أسفر عن سقوط نحو 70 شهيدًا وشهيدة، فضلًا عن إصابة المئات بجروح، واتهمت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بالإضافة إلى "حزب الله، وقوف حكومة الاحتلال وراء هذه التفجيرات.

"حزب الله" ينعى 16 مقاتلًا

وفي تصعيد غير متوقّع للمواجهات التي يشهدها جنوب لبنان بين "حزب الله" وجيش الاحتلال منذ 11 شهرًا، ما ينذر بتحول هذه المواجهات إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط، وفقًا لعديد وسائل الإعلام، شنت مقاتلة لجيش الاحتلال من طراز إف-35، أمس الجمعة، غارة جوية استهدفت بأربع صواريخ شقة في منطقة الجاموس، قرب مجمع القائم في الضاحية الجنوبية، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.

ارتفعت حصيلة غارة جيش الاحتلال على الضاحية الجنوبية لبيروت إلى 31 شهيدًا وشهيدة، بينهم ثلاثة أطفال، وسبع نساء

وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، فراس الأبيض، اليوم السبت، في مؤتمر صحفي بثته شبكات تلفزة عربية، إن حصيلة غارة جيش الاحتلال على الضاحية الجنوبية لبيروت ارتفعت إلى 31 شهيدًا وشهيدة، بينهم ثلاثة أطفال، وسبع نساء، فضلًا عن سقوط 68 جريحًا، منهم 15 مازالوا يتلقون العلاج، اثنان منهم في حالة حرجة.

ونعى "حزب الله" في سلسلة بيانات منفصلة، 16 عنصرًا وقياديًا من وحدة النخبة "قوة الرضوان"، بينهم مسؤول العمليات الخاصة، بالإضافة إلى "قوة الرضوان" في الحزب، إبراهيم عقيل، والقيادي العسكري، أحمد محمود وهبي، الذي قاد العمليات العسكريّة لـ"قوة الرضوان" في بداية جبهة الإسناد في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، واستمر حتى مطلع العام 2024، قبل أن يعود لتولي مسؤولية وحدة التدريب المركزي للحزب.

وكان مصدر مقرب من "حزب الله"، قد قال لوكالة الأنباء الفرنسية، إن الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية استهدفت اجتماعًا لقيادة "قوة الرضوان"، موضحًا أن الاجتماع كان في مبنى "تحت الأرض"، ما أدى إلى استشهاد 16 عنصرًا منها، بينهم قياديان.

ويعد عقيل، المعروف باسم "الحاج عبد القادر" أيضًا، من الجيل الأول لـ"حزب الله"، فضلًا عن أنه معاون الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، في شؤون العمليّات كما أنه عضو في المجلس الجهادي، وقام بالإشراف على تأسيس وتطوير وقيادة "قوة الرضوان" منذ تأسيسها بعد انتهاء حرب تموز/يوليو في عام 2006، بحسب بيان الحزب.

وأفاد مراسل "التلفزيون العربي"، محمد شبارو، بأن الاستهداف هو الأعنف الذي تتعرّض له الضاحية الجنوبية لبيروت، مقارنة بالاستهدافين السابقين اللذين أديا إلى اغتيال المسؤول في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، صالح العاروري، في الثاني من كانون الثاني/يناير الماضي، والقيادي في "حزب الله"، فؤاد شكر، نهاية تموز/يوليو الماضي.

وأضاف مراسل "التلفزيون العربي"، أن الاحتلال استخدم خلال الاستهدافين السابقين أسلحة تكتيكية تستهدف طوابق بعينها من المباني، بينما ما حصل اليوم هو تدمير كامل لمبنيين، وتعتبر منطقة مجمع القائم من المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الضاحية الجنوبية، المعقل الرئيسي لـ"حزب الله" في العاصمة بيروت.

تحذيرات من توسّع دائرة الحرب في المنطقة

إلى ذلك، قالت الوكيلة الأممية ديكارلو خلال جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك، أمس الجمعة، بطلب من الجزائر، إن تبادل إطلاق النار بين حزب الله وجيش الاحتلال على الحدود بشكل يومي منذ قرابة العام يشكل "خرقًا متكررًا لوقف الأعمال العدائية وانتهاكًا للقرار 1701"، محذرة من توسّع دائرة العنف في المنطقة.

وأضافت ديكارلو في كلمتها أمام المجلس المكون من 15 دولة "إننا نخاطر برؤية حريق قد يتضاءل أمامه الدمار والمعاناة التي شهدناها حتى الآن"، مؤكدة أنه "لم يفت الأوان لتجنب مثل هذه الحماقة. لا يزال هناك مجال للدبلوماسية. وأحث بشدة الدول الأعضاء التي لديها نفوذ على الأطراف الفاعلة باستخدامه فورًا".

من جانبه، طالب وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، مجلس الأمن في الجلسة ذاتها، بـ"إدانة الهجمات الإسرائيلية الإرهابية بصورة واضحة"، مضيفًا "إما أن يفرض مجلسكم على إسرائيل وقف عدوانها وتطبيق قراري المجلس 1701 و2735، ووقف حربها على كل الجبهات، وعودة النازحين إلى بلدانهم، وإما أن نكون شهود زور على الانفجار الكبير".

وكانت القناة الـ12 العبرية، قد نقلت عن وزير الأمن في حكومة الاحتلال، يوآف غالانت، أمس الجمعة، قوله عقب تنفيذ الغارة الجوية: "حتى بالضاحية في بيروت، سنواصل ملاحقة عدونا من أجل حماية مواطنينا، وسيستمر تسلسل الإجراءات في المرحلة الجديدة حتى تحقيق هدفنا: العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم".

من جانبه، قال رئيس الأركان في جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، أمس الجمعة، إن: "قادة حزب الله الذين قتلناهم اليوم خططوا للسابع من تشرين الأول/أكتوبر على الحدود الشمالية لسنوات، ووصلنا إليهم وسنصل إلى كل من يهدد أمن مواطني دولة إسرائيل"، بحسب ما نقلت القناة ذاتها.

أما رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، فقد اكتفى بتعليق مقتضب على الغارة الجوية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، اقتصر على قوله: "أهدافنا واضحة وأفعالنا تتحدث عن نفسها"، دون أن يخوض في المزيد من التفاصيل.

وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أمس الجمعة، إنه ليس لديه علم بأي إخطار من "إسرائيل" للولايات المتحدة قبل تنفيذ الغارة الجوية في الضاحية الجنوبية، مضيفًا أن "الحرب هناك عند الخط الأزرق ليست حتمية، وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لمحاولة منعها"، وذلك في إشارة للحدود اللبنانية مع شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة.

واشنطن ترسل حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إلى المنطقة

وكانت صحيفة "ستارز آند سترايبس" التي يصدرها الجيش الأميركي، قد قالت، أمس الجمعة، إن حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان"، بالإضافة إلى قوة من 6500 من عناصر البحرية ستنتشر في مهمة في منطقة الشرق الأوسط.

وأعاد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، باتريك رايدر، أمس الجمعة، التأكيد على أن واشنطن مقتنعة بأن الدبلوماسية هي أفضل وسيلة لخفض التوتر مع لبنان، وستضمن أيضًا عدم امتداد القتال إلى صراع إقليمي أوسع، وأضاف أن بلاده كانت تتخوف بشأن احتمال نشوب صراع إقليمي أوسع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وشدد رايدر في حديث لهيئة البث العبرية، على أن الولايات المتحدة "تظل ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل، ما زلنا نحتفظ بقدر كبير من القدرات في منطقة الشرق الأوسط"، وأضاف "التزامنا بالدفاع عن إسرائيل أمر لا جدال حوله وهو التزام قوي، وأعتقد أننا أثبتنا ذلك، وسنواصل تقديم المساعدة الأمنية لإسرائيل".

ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بدأ "حزب الله"، بالاشتراك مع الفصائل الفلسطينية، شن عمليات عسكرية ضد القواعد العسكرية لجيش الاحتلال في شمال الأراضي المحتلة، رد عليها الاحتلال بقصف قرى وبلدات الجنوب الواقعة على "الخط الأزرق" الفاصل مع جنوب لبنان، فضلًا عن شنه غارات متفرقة في عمق الأراضي اللبنانية، وصولًا إلى العاصمة بيروت.

ويقول "حزب الله" إن جبهة الجنوب المشتعلة هي "جبهة إسناد" للفصائل الفلسطينية في غزة، ويربط توقف المواجهات على الجبهة الشمالية بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.