13-أبريل-2018

المجهود الشاق ليس بالضرورة دليل على الإنجاز والجودة (Getty)

يقال: "كما تحرث تحصد"، لكن ليس دائمًا، فخبرتنا العادية تعلمنا أننا قد نحصل أحيانًا على نتيجة أقل مما نستحقه رغم العمل الشاق الذي أهدرناه من أجل طموحنا، فالمردود لا يناسب دائمًا قدر المجهود بالضرورة. فهل يمكن أن نعمل بمجهود أقل وبفاعلية أكبر؟

على عكس السائد من أن أفضل العاملين الذي ينجزون مهامًا متعددة، وُجد أن الأفضل هم الذين يقومون بأقل عدد من المهام

لحسن الحظ، هناك من انبرى للإجابة عن هذا السؤال، إنه البروفسور مورتن هانسن، من جامعة بيركلي الأمريكية، الذي اطلع على 200 بحث أكاديمي بخصوص الموضوع، وأجرى مقابلات مع 120 خبيرًا في هذا الشأن؛ ليخرج لنا في النهاية بكتابه الجديد: "عظيم في العمل: كيف يقوم كبار الفنانين بعمل أقل وبشكل أفضل وبنتيجة أوفر؟"، الذي يلخص فيه حيل العمل الذكي.

اقرأ/ي أيضًا: نكره العمل.. يا رفيق لينين ما العمل؟

دعونا ننظر إلى ثلاثة مفاتيح من النتائج التي توصل إليها البروفيسور هانسن، حتى نتمكن من إنجاز عمل أفضل وفي وقت أقل، لنوفر وقتًا للاستمتاع بحياتنا:

1. قلل مهامك بقدر ما يمكن

ربما يسود الاعتقاد الشائع بأن أفضل العاملين هم الذين ينجزون مهامًا متعددة في وقت واحد، لكن عندما نظر هانسن إلى البيانات، وجد أن أفضل الموظفين هم الذين يقومون بأقل عدد من المهام. 

وعن هؤلاء، يقول هانسن واصفًا سلوكهم: "إنهم يركزون على عدد قليل من الأولويات، وينغمسون في مهامهم الأساسية من أجل إنتاج عمل جيد"، مُضيفًا: "هذا التفاني الشديد لأولوياتهم خلق نتائج غير عادية جعل أداءهم أفضل بكثير من الآخرين، إذ كان لديهم حجم أقل من الأنشطة، ومجهود أكثر تركيزًا، فلا يكفي فقط اختيار الأولويات ولكن أيضا يحتاج المرء إلى الانغماس فيها".

على هذا النحو، يحث البروفيسور هانسن على تحييد جميع المهام والأنشطة غير الضرورية في عملنا بأكبر قدر ممكن، وتوجيه مجهودنا وتركيزنا نحو الأنشطة القليلة المتبقية التي اعتبرناها أولوية لا مفر منها، فعلى رأي مارك توين: "ضع كل بيضك في سلة واحدة، وشاهد تلك السلة!".

حلل كل الأشياء التي تفعلها في عملك، واحتفظ فقط بما هو ضروري، فهل يجب عليك مثلا التحقق من بريدك الإلكتروني كل خمس دقائق؟ أو هل من الضروري حضور هذا الاجتماع بشكل دائم؟ المهم هو أن تفكر مليًا في اختيار أولوياتك، وأن تعثر على طرق وحيل، وربما تطبيقات وبرامج إلكترونية تساعدك في هذا الأمر، لتختصر عليك الكثير من العمل. السر يكمن في القيام بأقل عدد من الأنشطة وتوجيه المجهود والوقت المتبقي نحو هذه المهام.

2. طور مهاراتك

تحسين مهاراتنا المرتبطة بالعمل الذي نشتغل فيه، هو المفتاح الثاني للعمل الذكي، إذ يجعل العمل أكثر سهولة وننجزه بشكل أسرع، وفي نفس الوقت بفاعلية أكبر. 

تحسين مهاراتنا المرتبطة بالعمل الذي نؤديه، من مفاتيح العمل الذكي، إذ يجعل ذلك من العمل أكثر سهولة وننجزه أسرع بفاعلية أكبر

لكن كيف نحسن مواهبنا العملية، ونحن بالكاد نجد وقتًا للاسترخاء؟ ما ينساه معظم الناس هو أن اكتساب مهارة ما لا يتطلب بالضرورة وقتًا طويلًا في تعلمها، إذ يمكن إتقانها في مدة قصيرة، عن طريق "الممارسة المتعمدة والذكية". ويقدم هانسن بعض الخطوات المحددة في هذا الشأن:

اقرأ/ي أيضًا: لتزيد إنتاجيتك.. قلل ساعات عملك!

  • خصص وقتًا لتعلم مهارة واحدة: محاولة الحصول على الأفضل في كل شيء في وقت واحد، لن يوصلك إلى أي مكان. ربما تكون هناك الكثير من المهارات الضرورية التي تتوق لاكتسابها، لكن ليس في وقت واحد، وإنما عليك أن ابدأ بتعلم مهارة واحدة تلو الأخرى.
  • اختر مصادر جيدة: تعلم أي شيء يحدث انطلاقًا من مصادر للتعلم، مثل: الكتب والفيديوهات والمساقات واستشارات الخبراء والموقع التعليمية، وأهم شيء الممارسة وملاحظة المتفوقين. وقبل البدء في مسيرتك، شكّل حزمة مصادر مختارة بعناية، تحتوي على خبرة مركزة ومقدمة بطريقة سهلة، في المجال الذي تنوي تعلمه.
  • خصص 15 دقيقة يوميًا للتقييم: في كل يوم، خصص بعض الدقائق لمراجعة أدائك على المهارة التي تعمل على تعلمها، وقيّم ما تفعله، واسأل نفسك: كيف يمكن أن تتحسن؟ وما الذي يفعله أولائك الأشخاص المتفوقون في تلك المهارة ولا تفعله أنت؟
  • قسم المهارة لعناصر صغيرة: تمامًا مثل لاعبي كرة القدم، فهم يعملون على تحسين عنصر معين من اللعبة في كل مرة، فتارة يركزون فقط على تمرين الضربات الرأسية، وتارة أخرى على حركات المراوغة، وثالثة على تمرير الكرة، وهكذا، قسم إذن المهارة التي تشتغل عليها إلى عناصر صغيرة، ثم اعمل على إتقان كل عنصر منها واحدًا تلو الآخر.
  • احصل على ردود الفعل: عندما تشعر أن مستواك تطور شيئًا ما في مهارة ما، فحاول أن تحصل على انطباعات الناس اتجاهها، واسأل ذوي الخبرة عما يمكنك القيام به لتحسين أدائك في تلك المهمة.

3. اشعر بالشغف والمغزى

يتميز أصحاب الأداء عالي المستوى، عادة، بشغفهم بما يقومون به، إلى جانب أن لديهم أيضًا شعورًا بالهدف في ما يفعلونه، وهو ما يعزز مستويات الطاقة لديهم ويزيد من الجهد المركز الذي يبذلونه.

قام هانسن بتحليل بيانات العينات المدروسة، واكتشف ارتباطًا قويًا بين كثافة الجهد والشغف والهدف، و أجرى تحليلًا إضافيًا يسمى "نمذجة المعادلة الهيكلية"، حيث عمد إلى فصل بين نوعين من الجهد: عدد ساعات العمل في الأسبوع، ومقدار الجهد خلال تلك الساعات. وأظهر التحليل أن الشغف والغاية يتنبآن بشدة بالجهد خلال ساعات العمل، وليس عدد الساعات التي تعمل في الأسبوع.

لكن بعض الناس سيقولون إنهم غير متحمسين لعملهم، وبالتالي فليس لديهم مصدر للإمداد بطاقة الشغف هنا. اكتشف هانسن أشياء مثيرة للاهتمام في هذا الخصوص، إذ وجد أن هناك أشخاصًا لديهم شغف وهدف في كل نشاط ووظيفة يقومون به، لكن كيف يكون هذا ممكنًا خاصة وأن بعض الوظائف تبدو مملة؟

ذلك لأن الناس يعتقدون أن الشغف يجب أن يأتي من الإثارة حول المهام التي نؤديها، لكن هانسن وجد أن هناك ست طرق لاستخلاص الشغف من عملك، وهي:

1. الإثارة بما نفعله. 

2. الشعور بالإنجاز. 

3. التلذذ بتحدي المشكلات الصعبة. 

4. الاستمتاع بصحبة زملاء رائعين في العمل. 

5. حب الاكتشاف وتعلم شيء جديد. 

6. الفخر بالكفاءة التي تملكها.

وفي دراسة أجريت عام 2009 على حراس حديقة حيوان، وجد الباحثون أن بعض العمال رأوا أن تنظيف أقفاص الحيوانات عملٌ قذر، ولا جدارة فيه، في حين رأى آخرون أنه واجب أخلاقي لحماية وتوفير الرعاية المناسبة للحيوانات.

يسود اعتقاد بأن الشغف بالعمل يأتي من الإثارة في المهام التي نؤديها، في حين أن الشغف هو شعور يمكن استخلاصه من أي وظيفة أيًا كانت

نفس الوظيفة، لكن المشاعر مختلفة من الهدف، فقيمة الأشياء التي نفعلها يمكن أن نستمدها من زوايا متعددة، والهدف من كل ذلك هو العمل بشكل أفضل وبمجهود أقل، لنحصل على نتائج ووقت أوفر.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

10 أفكار عمل من المنزل مميزة

5 خطوات تمكنك من إتمام عملك أثناء السفر