08-أغسطس-2024
حرب السودان

الجيش وقوات الدعم السريع إلى جولة مفاوضات جديدة في جنيف (الترا صوت)

بات من شبه المؤكد أنّ الجيش السوداني سيشارك، بعد أقلّ من أسبوع، في مفاوضات سويسرا التي دعت إليها الولايات المتحدة الأميركية لبحث وقف إطلاق النار في السودان، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها في أماكن النزوح.

وكان الجيش السوداني قد وضع، بالتزامن مع الدعوة الأميركية في 22 تموز/يوليو الماضي، شروطًا لخوض جولةٍ جديدة من المفاوضات مع قوات الدعم السريع التي سارعت إلى الاستجابة للدعوة الأميركية. كما قدمت الخارجية السودانية مجموعة من الأسئلة للطرف الأميركي اعتبرت الرد عليها ضروريًا قبل إبداء أيّ موقف من المبادرة الأميركية للتفاوض.

ويبدو أنّ جانبًا من تلك الشروط والأسئلة السودانية لـ"الوسيط الأميركي" قد وجدت إجابةً أميركية إيجابية، الأمر الذي جعل طريق الجيش السوداني إلى سويسرا سالكًا بعد تمنّع وصفه البعض بالمتفهّم نظرًا لعدم تطبيق "إعلان جدة" الموقّع في أيار/مايو 2023، بينما اعتبره آخرون براغماتية و"انتهازية" سياسية لا علاقة لها بمسار التفاوض بقدر ارتباطها بمصالح الجيش والحكومة في بورتسودان.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الثقل الأميركي ودوره في استجابة الفرقاء السودانيين لخوض جولة جديدة من المفاوضات في سويسرا، على الرغم من وجود منبر جدة ونجاحه النسبي في التوصل لهدن إنسانية، وتوقيع إعلان جدة الذي لم يجد الطريق للتنفيذ. وهنا يبرز السؤال الملح، وهو: ما الإضافة التي سيقدمها "الوسيط الأميركي" والتي من شأنها أن تجعل مفاوضات سويسرا فارقة في مسار الحرب السودانية التي دخلت شهرها السادس عشر دون أفق حقيقي لأن تضع أوزارها؟

وضعت واشنطن ثقلها الديبلوماسي لجلب فرقاء الأزمة السودانية إلى مفاوضات جنيف

دعت وزارة الخارجية الأميركية فرقاء الأزمة السودانية إلى مفاوضات في جنيف السويسرية يوم 14 آب/أغسطس الجاري، بمشاركة السعودية كدولةٍ مضيفة مع سويسرا، وبمراقبة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومصر والإمارات، بهدف التباحث حول وقف القتال، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب.

وتبدو الإدارة الأميركية معنيةً أكثر من أي وقتٍ مضى بإحداث اختراقٍ في الأزمة السودانية لاعتباراتٍ أميركية، حسب بعض المحللين، على صلة بتسويق إنجازٍ دبلوماسي قبل مغادرة بايدن للبيت الأبيض، وأمام سباقٍ رئاسي تخوضه نائبة الرئيس بايدن كامالا هاريس أمام المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

تحييد العوائق

وجّهت الخارجية الأميركية دعوتها للجيش السوداني وللبرهان بصفته قائدًا للجيش وليس رئيسًا لمجلس السيادة، وتضمنت الدعوة الأميركية الموجهة للخارجية السودانية أجندة وموعد المفاوضات مع قوات الدعم السريع والدول المستضيفة والجهات المراقبة.

وبعد مناقشة خليةٍ من مجلس السيادة والخارجية السودانية مضمون الدعوة الأميركية، تم الرد على واشنطن بتساؤلات اعتبرتها الخارجية السودانية ضروريةً قبل أي ردٍّ إيجابي أو سلبي على المبادرة.

وانحصرت التساؤلات في 3 أسئلة، هي على التوالي:

  1. ما السبب من إرسال الدعوة إلى البرهان بصفته قائد الجيش دون ذكر تسميته كرئيس لمجلس السيادة؟
  2. لماذا لم تتم مشاورة السودان في الوسطاء والمراقبين ومنهم من يدعم الدعم السريع؟
  3. ولماذا التفاوض في ظل عدم تنفيذ "إعلان جدة" الموقع قبل أكثر من عام في أيار/مايو 2023؟

وجاء الرد الأميركي إيجابيًا على تساؤلات الخارجية السودانية، حيث أعلن اعتراف الخارجية الأميركية بالبرهان رئيسًا لمجلس السيادة واستعدادها لاستخدام صفته الرسمية تلك في الدعوات الرسمية، كما أبدت الخارجية الأميركية استعدادها للتشاور مع نظيرتها السودانية عبر لقاءٍ مشترك خارج السودان لرفع التحفظات والعوائق التي يمكن أن تعرقل المشاركة في مفاوضات سويسرا. أما بشأن إعلان جدّة، فاقترح الطرف الأميركي أن يكون مرجعيةً لمفاوضات سويسرا مع منح الأسبقية لتطبيق ما اتُفق عليه بين الفرقاء حينها.

وفي المكالمة الهاتفية التي جمعت البرهان بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مطلع الأسبوع الجاري، قال البرهان إنه تحدث مع بلينكن: "حول ضرورة معالجة شواغل الحكومة قبل أي مفاوضات"، مضيفًا: "وأبلغته أن المليشيا المتمردة تهاجم وتحاصر الفاشر وتمنع مرور الغذاء لنازحي معسكر زمزم".

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن بلينكن: "تحدث مع البرهان وأكد ضرورة مشاركة القوات المسلحة السودانية في محادثات وقف إطلاق النار في سويسرا"، كما شدد بلينكن على: "الحاجة إلى إنهاء القتال بشكلٍ عاجل، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر الخطوط، لتخفيف معاناة الشعب السوداني".

وبحسب المسؤول السابق عن ملف السودان بإدارة الرئيس باراك أوباما، والخبير حاليًا بالمجلس الأطلسي، كاميرون هدسون، فإنّ أهم ما يميز محادثة بلينكن للبرهان: "اعترافه به رئيسًا للمجلس السيادي ورئيسًا للدولة على أرض الواقع وليس فقط أحد طرفي النزاع، وهذه خطوة جيدة نحو مفاوضات جنيف".

أمّا المبعوث الأميركي إلى السودان، توم بيرلو، فأكد الأحد الماضي أن الدعم السريع لا تملك مستقبلًا في السودان. وهذه هي المرة الثانية التي يصرح فيها المبعوث توم بيرلو بمثل هذه التصريحات، وكان قد صرح قبل شهرين في خطاب أمام مجلس الشيوخ الأميركي، أن لدى الجيش السوداني تاريخ مشرف عكس قوات الدعم السريع التي لا تملك مستقبلًا.