01-أغسطس-2024
تشييع إسماعيل هنية

(Getty) من مراسم تشييع إسماعيل هنية في العاصمة كهران

دعا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، "جميع الأطراف" في منطقة الشرق الأوسط إلى وقف "الأعمال التصعيدية"، وذلك بعد ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين أن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، أصدر أمرًا بضرب "إسرائيل" بشكل مباشر، ردًا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، فجر أمس الأربعاء، في طهران.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الخميس، أن بلينكن ضمن رده على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة منحت إسرائيل "شيكًا على بياض" لتنفيذ عمليات في الشرق الأوسط، قوله: "المسار الذي تشهده المنطقة حاليًا هو نحو المزيد من الصراعات والدماء والمعاناة وانعدام الأمن، ومن المهم أن نكسر هذه الدائرة، ويبدأ ذلك بوقف إطلاق النار".

وأشار بلينكن إلى أنه "لنصل إلى هناك، يجب على جميع الأطراف أولًا، التوقف عن اتخاذ أي إجراءات تصعيدية"، وتابع مضيفًا بأنه "يجب عليهم إيجاد أسباب للوصول إلى اتفاق (وقف إطلاق النار)، وليس البحث عن أسباب لتأخير أو رفض الاتفاق".

أعرب العديد من أعضاء مجلس الأمن الدولي عن قلقهم إزاء مخاطر اتساع نطاق النزاع في الشرق الأوسط بعد اغتيال إسماعل هنية

ورأى بلينكن في تصريحاته التي نقلتها الصحيفة الأميركية من منغوليا أنه "من الضروري أن تتخذ جميع الأطراف الخيارات الصحيحة خلال الأيام المقبلة"، موضحًا أن "تلك الخيارات هي التي سوف تصنع الفارق بين الاستمرار في المسار المليء بالعنف والمعاناة وانعدام الأمن، أو الانتقال إلى شيء مختلف تماما وأفضل بالنسبة لجميع الأطراف المعنية".

وفي السياق، أعرب العديد من أعضاء مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، عن قلقهم إزاء مخاطر اتّساع نطاق النزاع في الشرق الأوسط بعد اغتيال هنية، في طهران بضربة صاروخية تقول طهران و"حماس" إن الاحتلال الإسرائيلي يقف ورائها، في الوقت الذي أصدر رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أمرًا لوزراء حكومته بتجنب التعليق على حادثة الاغتيال.

وشيّع جثمان هنية في وقت مبكر من صباح، اليوم الخميس، في العاصمة الإيرانية طهران، بمشاركة عدد كبير من الأشخاص والمسؤولين، بمن فيهم الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وأظهرت مقاطع فيديو وصور متداولة حضور، آية الله خامنئي، مراسم التشييع، وقام بإمامة الصلاة على جثمان هنية.

وجاء اغتيال هنية في مقر إقامته بطهران، بعد ساعات قليلة من إعلان جيش الاحتلال اغتيال القيادي العسكري البارز في "حزب الله" اللبناني، فؤاد شكر، الملقب بـ"الحاج محسن"، بضربة جوية استهدفت المبنى الذي كان يتواجد فيه في الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسي لـ"حزب الله" في العاصمة اللبنانية.

خامنئي أمر بتوجيه ضربة مباشرة لـ"إسرائيل"

وقال صحيفة "نيويورك تايمز" نقلًا عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين إن، آية الله خامنئي، قد أصدر أمرًا بتوجيه ضربة لإسرائيل بشكل مباشر، ردًا على اغتيال هنية، وأضافت الصحيفة أن القادة يدرسون شن هجوم بمسيّرات وصواريخ على أهداف عسكرية بمحيط تل أبيب وحيفا، وأن من بين الخيارات هجوم منسق من إيران واليمن وسوريا والعراق لتحقيق أقصى تأثير.

وقال المسؤولون الإيرانيون وفقًا لما نقلت الصحيفة الأميركية إن خامنئي أمر الحرس الثوري والجيش بإعداد خطط للهجوم والدفاع إذا توسعت الحرب، مشيرين إلى أن إيران ستحرص على تجنب ضرب الأهداف المدنية في أي هجوم على إسرائيل.

إلى ذلك، قال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو: إن "تل أبيب" جاهزة لأي سيناريو بعد اغتيال القيادي في "حزب الله"، وفيما تجنّب نتنياهو الإشارة إلى ضلوع "تل أبيب" بعملية اغتيال هنية في طهران، فإنه شدد في الوقت نفسه على أنه لن يوقف العدوان على قطاع غزة، وتابع مضيفًا "لقد أوضحت منذ بداية الحرب أننا في حرب ضد محور الشر الإيراني"، على حد تعبيره.

وأشار نتنياهو في تصريحاته، أمس الأربعاء، إلى أنه "خلال الأسابيع الماضية وجهنا ضربات مباشرة لحماس وحزب الله والحوثيين"، وتابع مضيفًا "أغلقنا الحسابات مع محسن (فؤاد) شاكر قائد أركان حزب الله وأحد المقربين من نصر الله، وسنغلق الحسابات مع من يحاول ضربنا"، مشددًا على أن "إسرئيل" مستعدة "لأي سيناريو".

إلى ذلك، نعى "حزب الله" رسميًا، فؤاد شكر، أمس الأربعاء، وقال في بيان "نزفه شهيدًا كبيرًا على طريق القدس"، واصفًا إيّاه بأنه "رمز من رموز المقاومة الكبار من صانعي انتصاراتها وقوتها واقتدارها ومن قادة ميادينها الذين ما تركوا الجهاد حتى النَّفْسِ الأخير".

فؤاد شكر
صورة نشرها "حزب الله" للقيادي البارز فؤاد شكر الملقب بـ"الحاج محسن" (إكس)

وأعلن الحزب أن تشييع شكر سيتم، اليوم الخميس، في الضاحية الجنوبية على أن تعقبه كلمة للأمين العام للحزب، حسن نصر الله، وأضاف البيان أن موقف الحزب السياسي من عملية الاغتيال التي وصفها "بالاعتداء الآثم والجريمة ‏الكبرى"، سيعبر عنه، نصر الله، في ‏مسيرة تشييع شكر.

في غضون ذلك، كشفت القناة الـ14 الإسرائيلية أن أربع مقاتلات من طراز أف-35 الإسرائيلية شاركت في الهجوم الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، أول أمس الثلاثاء، مشيرة إلى أن المقاتلات أطلقت أكثر من 10 صواريخ على المبنى الذي كان يتواجد فيه شكر.

نتنياهو يرغب باستدامة الحرب

وفي سياق تعليقه على التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في قطاع غزة، حسام الدجني، أن إبلاغ الرسالة إلى إيران ولبنان، يعكس رغبة نتنياهو في استدامة الحرب، بغض النظر عن رقعتها الجغرافية.

وأضاف الدجني في حديث لـ"التلفزيون العربي" أن نتنياهو يريد أن يحقق نتائج من خلال جر الولايات المتحدة إلى حرب واسعة في المنطقة، باعتبار أن نجاحه في هذا المسعى، وإفشاله مشروع إيران الإستراتيجي النووي، و"تقليم أظافرها" في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، سيكرس نفسه "ملك ملوك إسرائيل".

وأوضح الدجني أن دون تحقيق تلك الأهداف، سيتحمل نتنياهو الفشل، وانعكاس تداعيات عملية "طوفان الأقصى" التي وقعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مما سيؤدي إلى نهاية مستقبله السياسي، وسيكرس التاريخ فشله، باعتباره صاحب قانون التعديلات القضائية الذي تسبب في انقسام المجتمع الإسرائيلي، إضافة إلى إخفاقه في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وأشار الدجني إلى أن الولايات المتحدة متنبهة تمامًا لتلك الخطوة التي يسعى إليها نتنياهو، وأنها في إطار علاقاتها مع إسرائيل لا يمكنها التخلي عن تل أبيب، بحكم الرابط التاريخي وكون هذه الأخيرة تمثل رأس حربتها في المنطقة. لكنها في الوقت نفسه لا تريد توسيع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، وهي مقاربة أدركها نتنياهو، ولهذا السبب نفذ عمليتي الاغتيال في لبنان وإيران.

واعتبر الدجني أن نتنياهو يدرك أن الرد الإيراني أو الرد من قبل حزب الله اللبناني، أو غيرهم من المقربين لإيران في المنطقة، سيلزم الإدارة الأميركية والرئيس، جو بايدن، بالدفاع عن إسرائيل.

وأشار الدجني إلى أن مساعي نتنياهو لإقحام الولايات المتحدة في الحرب، تعرقلها دوائر الاستخبارات الأميركية، التي ترى أن التورط العسكري يمكن أن يكون ذريعة لاستغلال روسيا والصين للوضع، والتوجه حينها لحسم ملفات دولية كبرى في أوكرانيا وتايوان، وهو ما يخشاه بايدن وإدارته، لا سيما أن التجربتين الأميركيتين في أفغانستان والعراق لا تزالان ماثلتين في وعي الناخب الأميركي، الذي يستعد للاقتراع في الاستحقاق الرئاسي بعد أقل من 100 يوم.

وكان وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، قد أكد في تصريحات صحفية عقب اغتيال القيادي في "حزب الله" أن بلاده "ستُدافع عن إسرائيل إذا تعرّضت لهجوم من حزب الله ردًا على الضربة الإسرائيلية".