21-يونيو-2024
فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون

أثارت الاتفاقية الدفاعية بين روسيا وكوريا الشمالية قلق الصين (سبوتنيك)

لم تُثر الاتفاقية الدفاعية بين كوريا الشمالية وروسيا قلق الدول الغربية فقط، بل وكذلك الصين التي تُعتبر مقرّبة من كلا الدولتين، وتملك نفوذًا وتأثيرًا واضحًا عليهما يخشى القادة الصينيون أن يتضاءل بعد الاتفاقية الأخيرة، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

ويمكن أن تؤدي الاتفاقية التي وقعها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء الفائت، إلى تغيير ميزان القوى بين الدول الاستبدادية الثلاث. وبينما تقترب روسيا وكوريا الشمالية من بعضهما البعض عبر هذه الاتفاقية، تحاول الصين أن تحافظ على مسافة ثابتة منهما.

وقال خبراء إن قادة الصين يشعرون بالقلق بشأن احتمال فقدان نفوذهم على كوريا الشمالية بعد الاتفاقية، أو أن تؤدي الأخيرة إلى زيادة عدم الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. وتواجه بكين صعوبة في الرد عليها بسبب أهدافها المتضاربة: الحفاظ على السلام في الكوريتين، مع مواجهة الولايات المتحدة والغرب على المسرح العالمي.

لا ترغب الصين في تشكيل تحالف ثلاثي مع كوريا الشمالية وروسيا لأن هذا التحالف قد يؤدي إلى حرب باردة جديدة لطالما أكدت أنها تريد تجنبها

واقتصر تعليق بكين على التصريحات النموذجية، حيث كررت تأكيدها على أنها تسعى إلى دعم السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.

ورأى فيكتور تشا، نائب الرئيس الأول لرئيس قسم آسيا وكوريا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الرد الصيني على الاتفاقية كان ضعيفًا، لافتًا إلى أن ذلك يبدو وكأنه علامة على أن بكين لا تعرف بعد ما الذي يجب عليها فعله.

وأوضح تشا: "كل خيار هو خيار سيئ"، مضيفًا أنه: "إما أنك غير قادر على اتخاذ قرار بسبب وجود وجهات نظر متنافسة بقوة أو أنك غير قادر على اتخاذ قرار لأنك لا تعرف كيفية تقييم الموقف".

ومع أن البعض في بكين قد يرحب بهذه الشراكة بين روسيا وكوريا الشمالية لمواجهة الهيمنة الأميركية على الشؤون العالمية، إلا أن تشا يرى أن: "هناك أيضًا قدرًا كبيرًا من الانزعاج" في الصين لأنها تريد فقدان نفوذها، وانتقال الصراع في أوروبا إلى آسيا، وذلك دون أن تُثار هذه المخاوف علنًا وفق فيكتور تشا الذي قال: "إنهم لا يريدون دفع كيم جونغ أون إلى أحضان فلاديمير بوتين".

وقال ألكسندر جابويف، مدير مركز كارنيجي لأوراسيا وروسيا، إن أكثر ما يجب أن يثير قلق الصين من هذه الاتفاقية هو مساعدة روسيا لبرنامج الأسلحة الكورية الشمالية من خلال تبادل التكنولوجيا المتقدمة، مضيفً أنه: "إذا كانت الصين قلقة بالفعل، فإنها تتمتع بنفوذ في كل من روسيا وكوريا الشمالية، وربما تحاول وضع بعض القيود على تلك العلاقة".

وترى صن يون، مديرة برنامج الصين في مركز "ستيمسون"، إن بكين لا ترغب في تشكيل تحالف ثلاثي مع كوريا الشمالية وروسيا لأنها: "تحتاج إلى إبقاء خياراتها مفتوحة"، لافتةً إلى أن مثل هذا التحالف قد يؤدي إلى حرب باردة جديدة لطالما أكدت بكين أنها تريد تجنبها.

وسيضر التحالف مع بيونغ يانغ وموسكو بأهداف الصين المتمثلة في الحفاظ على العلاقات مع أوروبا، وتحسين العلاقات مع اليابان وكوريا الجنوبية. كما أن التقارب بين كوريا الشمالية وموسكو "يفتح احتمالات واحتمالات عدم اليقين، ولكن استنادا إلى ما حدث حتى الآن، لا أعتقد أن المصالح الوطنية للصين قد تضررت بسبب ذلك".

واعتبر داني راسل، الذي كان كبير الدبلوماسيين الأميركيين لشؤون آسيا في إدارة أوباما، أن توثيق العلاقات بين فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون يمكن أن يضعف نفوذ بكين، ويجعلها "الخاسر الأكبر".

وقال إنه: "بصرف النظر عن الانزعاج من تدخل بوتين في ما يعتبره معظم الصينيين مجال نفوذهم، فإن التكلفة الحقيقية للصين هي أن احتضان روسيا يمنح كوريا الشمالية قدرًا أكبر من الإفلات من العقاب ومجالاً أكبر للمناورة دون مراعاة مصالح بكين".

ولفت راسل إلى أن الزعيم الكوري يسعى إلى تقليل اعتماد بلاده على الصين، وأضاف موضحًا أن: "تخفيف النفوذ الصيني يعني أن كيم جونغ أون يمكن أن يتجاهل دعوات بكين لضبط النفس، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى خلق الفوضى في وقت يريد فيه (الزعيم الصيني) شي جين بينغ بشدة الاستقرار".