08-نوفمبر-2024
موّلت تبرعات ماسك جهودًا مكثفة لتشجيع الناخبين للتصويت لترامب (منصة إكس)

موّلت تبرعات ماسك جهودًا مكثفة لتشجيع الناخبين للتصويت لترامب (رويترز)

ارتفعت القيمة المالية الصافية لأغنى الشخصيات في العالم إلى أرقام قياسية، حيث وصلت إلى 64 مليار دولار مع إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية على منافسته، كامالا هاريس، لتكون بذلك أكبر زيادة يومية منذ بدء مؤشر الثروة لوكالة "بلومبيرغ" في عام 2012.

وتعود المكاسب التي حققها الأثرياء إلى ارتفاع الأسهم الأميركية، مما يعكس الرهان على عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وعلى رأس المستفيدين، صاحب منصة "إكس" وشركتي "تسلا موتورز" و"سبيس إكس" الملياردير، إيلون ماسك، الذي راهن على عودة ترامب، وكان جزءًا أساسيًا من حملته الانتخابية، حيث أنفق أكثر من 130 مليون دولار لدعمه، وفق تقديرات إعلامية أميركية، وقد شكل لجنة عمل سياسي باسم "America PAC".

انتقل ماسك من كونه رجل أعمال تقدميًا ومدافعًا عن الأقليات في المعسكر الديمقراطي، ليصبح من أكبر المروجين للنزعة "الانغلاقية" المعادية للمهاجرين

موّلت تبرعات ماسك جهودًا مكثفة لتشجيع الناخبين للتصويت لترامب. وقد أمضى ماسك ليلة الانتخابات مع الرئيس المنتخب في ناديه بفلوريدا. وكان الرئيس المنتخب قد أعلن أنه سيعين ماسك مسؤولًا عن الكفاءة في إدارته.

وتوصل ماسك إلى اتفاق لم يحظ بتغطية إعلامية كبيرة مع ترامب لترؤس لجنة خاصة لخفض الإنفاق الفيدرالي تُطبق "إصلاحات كبيرة"، وفق ترامب، ويعود أصل الفكرة إلى حوار بين ماسك وترامب تم بثه على منصة "إكس" في آب/أغسطس الماضي، حيث اقترح ماسك حينها تأسيس "لجنة معنية بالكفاءة الحكومية" لضمان إنفاق أموال دافعي الضرائب بالشكل الصحيح.

وتبنى ترامب الفكرة وأشاد بماسك باعتباره "أعظم شخص يخفض" التكاليف، في إشارة إلى مقاربة مؤسس "سبايس إكس" و"تسلا" المتشددة في إدارة شركاته، وقال ترامب بإعجاب في معرض حديثه عن ماسك: "عندما يتوقف موظفوك عن العمل، تقول: حسنًا.. جميعكم مطرودون".

ومنذ إعلان دعمه رسميًا لترامب بعد محاولة الاغتيال في بنسلفانيا، انتقل ماسك من كونه رجل أعمال تقدميًا ومدافعًا عن الأقليات في المعسكر الديمقراطي، ليصبح من أكبر المروجين للنزعة "الانغلاقية" المعادية للمهاجرين وحركة "الاستيقاظ"، وفق موقع "ذي إنترسبت".

وقد وصف الموقع ماسك بأنه "مرشح الظل الحقيقي" للحزب الجمهوري، مشيرًا إلى أن تأثيره الكبير ومصالحه تتجاوز حدود الولايات المتحدة، مما قد يهدد الأمن القومي الأميركي.

من جهتها، أشارت وكالة "رويترز" إلى أن الدعم الذي قدمه ماسك لترامب لتحقيق هذا الفوز الكبير في الانتخابات منحه نفوذًا استثنائيًا سيساعد شركاته في الحصول على معاملة حكومية تفضيلية.

ووفقًا لمقابلات أجرتها "رويترز" مع ستة مصادر مطلعة في شركات ماسك، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين يتعاملون بصورة وثيقة مع شركاته، تعكس سياسة ماسك استراتيجية أوسع لإبعاد شركاته عن اللوائح التنظيمية أو إجراءات إنفاذ القانون، وكذلك لتعزيز الدعم الحكومي لها. وقدمت المصادر "رؤية نادرة للاستراتيجية داخل شركات ماسك" للاستفادة الكاملة من علاقته الوطيدة مع ترامب.

وتتمثل مصالح ماسك التجارية في السيارات الكهربائية التي تنتجها شركة "تسلا"، وكذلك المحركات الصاروخية والصواريخ التي تنتجها شركة "سبيس إكس" ورقائق الدماغ التي تنتجها شركة "نيورالينك". وترتبط هذه المصالح التجارية بشكل كبير باللوائح التنظيمية الحكومية أو الدعم أو السياسات.

وقال مسؤول كبير سابق في شركة "سبيس إكس"، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ"رويترز": "يرى إيلون ماسك أن جميع اللوائح التنظيمية تعوق أعماله وابتكاراته. وهو يعتبر إدارة ترامب وسيلة للتخلص من أكبر عدد ممكن من اللوائح التنظيمية حتى يتمكن من تنفيذ ما يريده بالسرعة التي يريدها".

لم يرد ماسك ولا شركاته على طلبات التعليق. وفي بيان أرسل لـ"رويترز"، وصفت حملة ترامب ماسك بأنه "زعيم صناعي قلما يجود الزمان بمثله"، مضيفةً أن "البيروقراطية الاتحادية المنهارة ستستفيد بالتأكيد من أفكاره وكفاءته".

واعتبرت "رويترز" أن انخراط ماسك المتزايد في السياسة يذكر الموظفين الحاليين والسابقين بـ"العصر الذهبي"، حين كان عمالقة الصناعة مثل جي. بي. مورغان وجون دافيسون روكفلر يتمتعون بنفوذ واسع على السياسة الأميركية، مما عاد عليهم بالفائدة وضخم ثرواتهم.

وقد أثار تنامي قوة ماسك حماس مؤيديه، الذين يرون في الحكومة عائقًا أمام عملياته عالية التكنولوجيا. وأشارت "رويترز" إلى أن أرباح شركة "تسلا" قد ترتفع أو تنخفض اعتمادًا على تعامل ترامب مع "مجموعة متنوعة من الدعم والسياسات والخطط التنظيمية للسيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة".

من جهته، يسعى ماسك إلى إقناع الإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة، وهي الجهة التنظيمية الاتحادية الأساسية للسلامة، بتأجيل إجراءات إنفاذ القانون المحتملة المتعلقة بسلامة أنظمة مساعدة السائق الحالية في "تسلا"، مثل "الطيار الآلي" و"القيادة الذاتية الكاملة"، وفقًا لمصدر مطلع على الأمر، الذي أضاف أن "التركيز الأساسي لماسك في السنوات الأربع المقبلة سيكون على إزالة القيود".

لا توجد حاليًا قواعد تنظيمية وطنية تحكم نشر المركبات ذاتية القيادة، مما يعني أن المشغلين مضطرون للتعامل مع قواعد مختلفة في كل ولاية. وقد انتقد ماسك تحديات الإجراءات التنظيمية على مستوى كل ولاية ودعا الشهر الماضي إلى عملية موافقة اتحادية موحدة.

وعلى الرغم من شكاوى ماسك من البيروقراطية الخانقة، فإن شركة "سبيس إكس" تقود العالم حاليًا في مجال إطلاق الصواريخ بتمويل حكومي، كما تبيع شركة "تسلا" ما يقرب من مليوني سيارة كهربائية مدعومة سنويًا.

ويشتكي ماسك أيضًا من أن موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية تبطئ عمل شركته الناشئة "نيورالينك" لزراعة شرائح الدماغ في البشر. ويرى مصدر مطلع على عمليات الشركة أن ماسك قد يستفيد من نفوذه المتزايد في إدارة ترامب لتجاوز بعض الموافقات المتعلقة بالسلامة لهذه العملية.

وقد أعرب ماسك منذ فترة طويلة عن إحباطه من بطء عمل إدارة الغذاء والدواء، وهناك احتمال أن يقوم، إذا تولى منصب إدارة "الكفاءة الحكومية"، بطرد مسؤولي الإدارة الذين يعتبرهم غير فعالين.

وتعكس رغبة ماسك في إنشاء بيئة تنظيمية متساهلة حيث تكون شركاته أمام متطلبات تنظيمية أقل، وإنفاذًا أكثر ليونة للقواعد الفيدرالية الحالية، وفقًا لمصادر في شركات ماسك مطلعة على تعاملاته التنظيمية واستراتيجيته السياسية.

وقالت المصادر إن بعض الوكالات الفيدرالية تكافح بالفعل لحشد الإرادة السياسية لملاحقة شركات ماسك بسبب انتهاكات السياسة المزعومة أو قضايا السلامة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن ماسك هو اللاعب المهيمن في صناعات السيارات الكهربائية وإنتاج المحركات الصاروخية والصواريخ الفضائية.

وحذر أحد مسؤولي "سبيس إكس" السابقين من أن اتخاذ موقف تنظيمي متساهل في قطاع خطير مثل صناعة الصواريخ الفضائية يمكن أن "ينفجر في وجه الجميع ويعيد الصناعة لعقد من الزمن إلى الوراء".