في الولايات المتحدة، بدأت دعوى قضائية عادية، مثلها مثل العديد من القضايا الأخرى: رفع رجل يدعى روبرتو ماتا دعوى قضائية ضد شركة طيران أفيانكا، مدّعيًا أنه تعرض لإصابة عندما اصطدمت عربة الخدمة المعدنية بركبته أثناء جرها من قبل المضيفة في رحلة إلى مطار كينيدي الدولي في نيويورك.
لكن عندما طلب الفريق القانوني التابع للشركة من القاضي في مانهاتن رفض القضية وإسقاطها، اعترض محامي السيد روبرتو ماتا بشدة، وقدم دعمًا للقضيّة من 10 صفحات، فيها أمثلة عديدة على قرارات سابقة من المحكمة في قضايا شبيهة، في محاولة لإقناع القاضي بالنظر في القضيّة.
لكن برزت مشكلة واحدة: لم يتمكّن القاضي ولا محامو الدفاع عن الشركة من العثور على تلك القضايا التي تضمّنها التقرير والأحكام الصادرة بشأنها.
أما السبب، فهو أن التقرير بأكمله من اختلاق نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي "شات جي بي تي"، والذي اعتمد عليه المحامي لتدعيم قضيّته.
وقد اعترف المحامي بذلك، وهو محام صاحب خبرة، اسمه ستيفن شوارتز، ويعمل لدى شركة محاماة معروفة، ووضع نفسه تحت رحمة القاضي يوم الخميس الماضي، 25 أيار/مايو، حين أقرّ بإفادة خطية بأنه استخدم برنامج الذكاء الاصطناعي لإجراء أبحاثه القانونية، مشيرًا في الإفادة ذاتها أنه اكتشف أنّه لا يمكن الاعتماد عليه في مثل هذه الشؤون.
وبحسب نيويورك تايمز، فإن السيد شوارتز محام متمرّس مارس مهنة القانون في نيويورك لمدة ثلاثة عقود، وقد أخبر القاضي بأنه لم يكن يقصد خداع المحكمة وتضليلها، مشيرًا إلى أن تلك كانت المرّة الأولى التي يلجأ بها لاستخدام "شات جي بي تي"، وأنه لم يكن على دراية كافية بأن نتائجه قد تكون خاطئة وتفتقر إلى الدقة أو أنها قد تختلق أشياء لا وجود لها من الأصل.
كما قال المحامي شوارتز إنه "يأسف بشدة" للاعتماد على "شات جي بي تي"، وأنه لن يفعل ذلك أبدًا في المستقبل دون التحقق بشكل دقيق من صحّة ما يحصل عليه من نتائج وإجابات.
أما القاضي، فأشار إلى أنه قد تفاجأ حين تعامل مع تقرير معتمد على قرارات قضائية سابقة مفبركة، مع اقتباسات واستشهادات داخلية مزيفة، وأمر بحسب ما نقلت نيويورك تايمز بجلسة في الثامن من حزيران/يونيو المقبل لمناقشة العقوبات المحتمل فرضها على المحامي.
وبينما يكتسح الذكاء الاصطناعي عالم الإنترنت ويشغل الناس من جميع القطاعات، فإن هذه الحالة تؤكّد بحسب تقرير التايمز على أن الذكاء الاصطناعي ما يزال بعيدًا عن أداء دور البشر، كما أنها فتحت الجدل بشكل واسع بين المحامين في الولايات المتحدة وخارجها حول مدى فائدة نماذج الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" في عمل المحامين، وأخلاقيات التعامل معه، وسبر نطاق فوائده ومخاطره.