يتواصل تأخر سن الزواج في مصر بشكل مرعب، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المزرية التي لا تسمح للشباب بأخذ خطوات جدية نحو بوابة الزواج وتكوين أسرة جديدة، فالشاب الذي يعمل بأجر لا يتجاوز 100 دولار في الشهر، بالكاد يكفي متطلبات حياته الأساسية كشاب يعيش في منزل أسرته، كيف له أن يسعى إلى تكوين أسرة تحتاج منه مسؤوليات جديدة ومصادر دخل أخرى لكي يصبح بإمكانه تأجر شقة صغيرة تجمعه بزوجته، بل كيف له أن يتكفل بمصاريف الزواج الأولية من الأساس.
يتواصل تأخر سن الزواج في مصر بشكل مرعب إذ يقدر عدد من تجاوزوا الثلاثين دون زواج 13.5 مليونًا، من بينهم 11 مليون فتاة
أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن من تجاوزوا الثلاثين ولم يتزوجوا يقدر عددهم بحوالي 13.5 مليونًا، من بينهم 11 مليون فتاة و2.5 مليون شاب، وهي نسبة مرعبة ورقم ضخم يزداد يومًا بعد يوم، وفي ظل هذه الأزمات المادية التي تحول بين الشباب والزواج، تعلن النائبة البرلمانية عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، عن اقترابها من الانتهاء من إعداد مشروع قانون ينظّم عملية "الخطوبة" حيث يضع لها تعريفًا محددًا وشروطًا مقيدة للطرفين، ووضع غرامات على الطرف المتسبب في فسخ الخطوبة في حال فسخها.
اقرأ/ي أيضًا: الزواج في مصر بعد تعويم الجنيه.. معجزة!
تقنين الهدايا والشبكة والمهر وشرط جزائي!
قالت عبلة الهواري إن قوانين الأحوال الشخصية في مصر لم تتطرق من قبل إلى تعريف الخطوبة أو تقنينها، وإن مشروع القانون الذي تعده يضع تعريفًا محددًا لهذه الفترة، ويحمي الأسر من العلاقات غير الجادة التي قد يتورط فيها أبناؤهم، عن طريق توثيق عقد الخطوبة بين الطرفين، ويدرج في هذا العقد كل التفاصيل التي قد تصنع خلافات بين الأسرتين في حال فسخ الخطوبة فيما بعد، مثل قيمة الشبكة أو المهر، وأحقية كل طرف في استرجاع ما قدمه للطرف الآخر، بما في ذلك الهدايا التي تُقدم خلال فترة الخطوبة، كما يتضمن القانون شرطًا جزائيًا أو غرامة مالية في حال فسخ الخطوبة يتحمل قيمتها الطرف الذي يفسخ العقد، كذلك يحدد القانون حدًا أقصى لفترة الخطوبة لا يمكن تجاوزه وذلك "لضمان الجدية وعدم الاستهتار"، فحسب تصريح النائبة، "هذا القانون يأتي لحماية حقوق الطرفين، فلا يمكن للخاطب أن يدخل منزل المخطوبة ويتواجد به بشكل دائم لأكثر من سنة ثم يقوم بفسخ الخطوبة بعد ذلك!".
تعد نائبة برلمانية مصرية مشروع قانون ينظم عملية الخطوبة حيث يضع لها تعريفًا وشروطًا ويضع غرامات على الطرف المتسبب في فسخها
اقرأ/ي أيضًا: 11 سؤالاً يجب أن تطرحيه قبل زفافك!
هل يخالف القانون المادة (2) من الدستور المصري؟
تنص المادة الثانية من الدستور المصري الحالي أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، فهل يخالف مشروع القانون هذه المادة؟
ترفض النائبة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، مشروع القانون فتقول "الخطبة هي عرف مجتمعي لا يحكمها القانون، وإنما تحكمها التقاليد والعادات وتختلف من فئة لأخرى ومن مستوى اجتماعي لآخر، والأساس في الخطبة هو التعارف وليس الإلزام، وهي مسألة لا علاقة للشرع بها وإنما ترجع للقيم الأسرية".
واعترض أستاذ علم الاجتماع سمير عبدالفتاح على مشروع القانون المذكور، مصرحًا أن "توثيق عقد الخطوبة يعني الزواج، ومن حق الخاطب أن يختلي بزوجته لأن العقد أصبح شرعيًا"، وقال الشيخ مظهر شاهين أن التوثيق لا مانع منه شرعًا، على أن يتضمن تفاصيل الزواج المتمثلة في قيمة الشبكة وموعد الزواج الرسمي وفترة الخطوبة بين الطرفين وما إلى ذلك، ولكنه انتقد البند المتعلق بدفع غرامة معينة في حال فسخ الخطوبة مصرحًا أن الخطوبة ليست فترة تأجير كتأجير سيارة أو تكتك! وأن هذا التوثيق أو العقد غير ملزم بالزواج، لأن من الممكن أن تظهر بعض العيوب في فترة الخطوبة التي تؤدي إلى فشل العلاقة فلا يمكن توقيع غرامة على هذا الأمر، بالإضافة إلى أن هذا البند سيزيد من عزوف الشباب عن الزواج نظرًا للعوائق المادية، وقد يخلق مشاكل أسرية تهدد بانهيار الأسرة فيما بعد كأن يستمر الخاطب في العلاقة من أجل ألّا يدفع الغرامة المنصوص عليها.
اقرأ/ي أيضًا: