لم يختلف عيد الأضحى هذا العام عن سابقيه في اليمن، عدا أنه يأتي في سياق سنوات الحرب التي ألقت بظلالها الكئيبة وآثارها الوخيمة على مختلف النواحي المعيشية للمواطن اليمني، الذي وجد نفسه مكتوف اليدين أمام الكوارث التي تعصف بوطنه، وبين المتطلبات العيدية التي تحتاجها أسرته.
مسميات غالبية الطقوس التي تمارس خلال المناسبات الدينية في اليمن منذ آلاف السنين، ما تزال متداولة لليوم
ورغم ذلك فما يزال اليمنيون متمسكين بممارسة عاداتهم وتقاليدهم العتيدة التي تتعدد في مسمياتها ومصطلحاتها المتنوعة فعيد الأضحى المسمى بالعيد الكبير أيضًا، ما يزال ييطلق عليه "عيد اللحمة"، وعيد الفطر هو "عيد الجعالة" .
اقرأ/ي أيضًا: عيد الأضحى في حضرموت.. 13 يومًا من الاحتفالات الجماعية
وفي حديث لـ"الترا صوت"، يسرد باحثون ومتخصصون في التراث، المسميات المرتبطة بعيد الأضحى في مختلف المناطق اليمنية.
ويرى المحاضر في الاتصال الإنساني، سيف مكرد، أن "مسميات غالبية الطقوس التي تمارس خلال المناسبات الدينية في اليمن منذ آلاف السنين مثل عيد الأضحى، ما تزال متداولة إلى اليوم، وأن بعض تلك المسميات والمصطلحات المتسقة مع الأمكنة، لها ارتباط وثيق بعادات خالصة باليمنيين كانت تمارس قبل الإسلام".
الشعليلة والتهشيل
خلال أمسيات الأيام التسعة من ذي الحجة، التي تسبق عيد الأضحى، يتجمع الأطفال في الحارات والأحياء السكنية في صنعاء ومناطق قريبة منها، وهم يحملون في أيديهم الفوانيس التي تعمل بالغاز، أو الشموع، احتفالًا بقدوم العيد.
هذه العادة تسمى اليوم بـ"الشعليلة"، وفي السابق كانت تسمى بـ"التنصير". وسبب التسمية يعود إلى يوم انتصار أحد أئمة اليمن، في إحدى المعارك التي كان توقيتها يصادف العشر الأوائل من ذي الحجة.
وفي مناطق يافع جنوبي اليمن، يُطلق على هذه العادة "التهشيل"، وفيها يخرج الأطفال منذ الصباح الباكر لجمع الرماد ووضعه في علب معدنية وبلاستيكية صغيرة ليتم رشه بالغاز، ورص العلب فوق أسطح البيوت ثم إشعالها مساءً، مع إطلاق الألعاب النارية في وقت واحد. وفي بعض المناطق الشمالية يستخدم الأطفال "الطماش"، وهي من الألعاب النارية المستخدمة في الأعياد.
المداد والحزاوي
حينما يتفق أشخاص على جمع مال وجبة عشاء يتناولونها خلال الأيام التي تسبق العيد، فعليهم تجهيز الوجبة التي يطلق عليها "المداد"، بمعنى أن كل فرد يمد ويعاون بقسط من المال لتغطية التكاليف المالية.
وفي ليالي العيد يحكي كبار السن قصصهم ومآثرهم لأبنائهم وأحفادهم، في سرد حكائي يعرف باسم "الحزاوي". وفي يوم التاسع من ذي الحجة، أي يوم عرفة السابق على أول أيام العيد، يجتمع الناس في مناطق من حضرموت مكبرين ومهللين، في يوم أسموه بـ"المساقوفة"، وهو مصطلح انبثقت حروفه من عبارة "مساء الوقفة"، أي وقوف حجاج بيت الله الحرام بعرفات.
عسب وجعالة العيد
يحرص اليمنيون في مختلف مناطقهم على توزيع النقود على الأطفال والنساء في صباح أيام العيد، تحت مسمى "عسب العيد"، التي هي "العيدية" في العديد من الدول العربية.
وعند تبادل الزيارات في صباح العيد الباكر، تقدم العائلات اليمنية "الجعالة" لزوارها، والجعالة هي حلويات ومكسرات خاصة باليمنيين، كالزبيب متعدد الأنواع والمذاق، و"الدغش" وهو العتر المحمص، وغير ذلك مثل الجوز واللوز والكعك وأصناع الحلويات.
تنصاع
والتنصاع هي رياضة يتبارز فيها الرماة بهدف إصابة الهدف الذي يسمى باللهجة المحلية بـ"النصع"، وغالبًا ما يكون هدفًا ذا قيمة. والتنصاع من العادات اليمنية القديمة التي تمارس أيام الأعياد في المناطق الجبلية.
وفي عادة أخرى بمدينة لحج، جنوب اليمن، تقام "سمرة المسندي"، حيث يجتمع الشعراء المتبارزين بأشعارهم في ليالي العيد.
المدرهة
في صنعاء والمناطق الشمالية، وخلال الفترة التي تسبق العاشر من ذي الحجة، تنصب المدرهة، أو الأرجوحة، في فناء منزل الحاج.
والمدرهة من طقوس توديع واستقبال الحجاج، ففي الصباح والعصر، تقوم عدد من النساء باختيار اثنتين منهن ممن يحفظن الأهازيج، واحدة تردد والأخرى تجيب، وكلاهما فوق المدرهة تتدرهان، والأخريات إما يستمعن وإما يرددن وراءهن.
ومن النصوص في أهازيج المدرهة: "ردع من الشارع في ذمتش عيالي/ في ذمتش زرع الكبد أما الصغير غالي". ومن النصوص التي تردد في أهازيج توديع واستقبال الحجاج، الذين يأتون من قرى ومناطق بعيدة للمشاركة في المدرهة مع أهل الحاج وجيرانه: "جيت أدره واعتني من بلاد بعيدة.. ومن بلاد خلف الجبال ياريتها قريبة".
التنصاع، رياضة يتبارز فيها الرماة بهدف إصابة الهدف الذي يسمى باللهجة المحلية بـ"النصع"، وهي من طقوس الاحتفال بالعيد في اليمن
ومع مرور الأيام أصبحت عادة التدره أو المدرهة واجبًا اجتماعيًا تحرص النسوة على إحياء طقوسه التي لا تتعدى ساعة من الزمن.
اقرأ/ي أيضًا:
ارتفاع أسعار الملابس الجديدة بنحو 80%.. واليمنيون: "العيد عيد العافية"!