مع انتهاء عام 2020 بدأ المسافرون بالسؤال حول ما يمكن توقعه في العام المقبل وما بعده من حال وأحوال السفر. خاصة بعد التعطيل الذي أصاب هذا القطاع بسبب انتشار فيروس كورونا وإغلاق الدول حدودها ومطاراتها. إذ تغيرت تدابير السفر بسبب الجائحة، وأصبحت تدابير السلامة التي تم وضعها تشكل شروطًا جديدة للسفر.
الرهان على اللقاحات!
من المتوقع أن يحتاج المسافرون، بمجرد توفر لقاح لفيروس كورونا على نطاق واسع، إلى إثبات أنهم تلقوا اللقاح من أجل السماح لهم بالسفر. فالعنصر الجديد سيكون توثيق الحالة الصحية لضمان قبول توثيق بيانات السفر والسماح به. ويمكن أن يتم توثيق البيانات الطبية عبر تطبيقات محددة من قبل المستشفيات أو الوزارات المعنية بالصحة وبالأمن وشركات الطيران. وستعمل هذه الشركات على طلب شهادة التطعيم ضد فيروس كورونا أو أي فيروس جديد ربما سيجتاح العالم في المستقبل.
من بين العديد من الأشياء التي كشفها انتشار فيروس كورونا عن صناعة السفر، أن كل أطراف قطاع السفر من شركات وفنادق ومؤسسات خدمات لم تكن مستعدة للتعامل مع أزمة بهذا الحجم، تمامًا مثل الحكومات في غالبية الدول
تساؤل أساسي يطرح نفسه: كم من الوقت يجب الانتظار حتى يتم السفر؟ فهل التوزيع الأولي للقاح يمكن أن يعني عودة السفر جماعيًا على متن الطائرات والسفن، أم أن الأمر يحتاج إلى سنوات من أجل تلقيح البشرية جمعاء ضد فيروس كورونا! كثيرون يعتقدون أن التلقيح سيكون تدريجيًا ويتطلب عدة أشهر وربما سنوات ما بعد 2021 حتى يتم توزيع اللقاح على نطاق واسع عالميًا، خاصة مع ارتفاع تكاليف التطعيم التي لا يمكن أن تتحملها الدول الفقيرة. ما يجعل مسألة التلقيح غير حاسمة في أثرها على عودة أحوال السفر إلى ما كانت عليه قبل جائحة كوفيد 19.
اقرأ/ي أيضًا: "بريكست" دخل حيز التنفيذ.. كيف سيسافر البريطانيون داخل القارة العجوز؟
غموض منحنى الأسعار
فيما خص تكاليف السفر، فهل سترتفع هذه التكاليف أم ستنخفض بعد أن يعود الطلب على الرحلات من قبل المسافرين. وهل سيكون هناك حوافز من قبل الشركات من أجل تحفيز هذا القطاع مجددًا؟ فالعديد من مواقع السفر خصصت مكافآت وألغت عدة رسوم وأضافت عدد الأميال المجانية التي يمكن الحصول عليها مع كل رحلة مما يخول المسافر للسفر أكثر فأكثر. وأعطت العديد من الشركات محفزات لرجال الأعمال لحثهم على السفر وتأدية أعمالهم بشكل مباشر. وبعض الشركات قدمت للمسافرين بطاقات شراء مختلفة وتخفيضات في عدة مجالات لاستمالتهم.
وفي حال فكر المسافر بإلغاء رحلته لظرف ما، فهل ستكون الإجراءات المرنة موجودة؟ إذ مع انتشار فيروس كورونا، صار التعامل أكثر مرونة في قطاع السفر من طرف شركات الطيران والرحلات البحرية وشركات تأجير المنازل والسيارات والفنادق وغيرها، بحيث أن كل هذه الشركات كانت تهدف إلى طمأنة المسافرين أنهم لن يخسروا الكثير في حال إلغاء الحجوزات. وبعض الشركات صارت تطرح عروضًا متنوعة على المسافرين واتبعت سياسة كسب الزبائن والحفاظ عليهم والاهتمام بتلبية رغباتهم في كل ما يتعلق بالسفر. لكن تبقى مسألة تكاليف السفر ووفرة العروض والخصومات المتعلقة بهذه التجارة مبهمة إلى حد كبير، إذ يمكن أن ترتفع الأسعار بشكل مفاجئ إذا عاد الطلب إلى مستوياته الطبيعية قبل الجائحة، وربما تفوق الأسعار المستويات السابقة للجائحة في حال تسجيل ارتفاع كبير في الطلب.
تعقيدات الرحلات الجماعية
أما عن الرحلات العائلية للراغبين في السفر مع الأقارب وأفراد العائلة وفي مجموعات، فمن اللافت أن أبرز ما شهده السفر في عام 2020 هو غياب الرحلات الجماعية العائلية، أو ما يمكن تسميته الرحلات متعددة الأجيال. فهذا النوع من الرحلات يعتبر أكثر تعقيدًا نظرًا لكثرة العدد، وأكثر صعوبة في إيجاد حجوزات توافق على استقبال مجموعات كبيرة من الناس سويًا.
اقرأ/ي أيضًا: القطاع السياحي العربي أسير جائحة كورونا لعام 2020
إضافة إلى التحذيرات الصحية المستمرة فيما يتعلق بضرورة الوقاية الخاصة من فيروس كورونا بالنسبة لكبار السن، الأمر الذي يحد من فرص السفر العائلي، إلى جانب عدم سهولة إلزام الأطفال بالإجراءات الوقائية خارج المنزل. ما يعقد إمكانية السفر العائلي في ظل الجائحة.
تحول في بوصلة السفر!
عن اتجاهات السفر الجديدة التي يمكن توقعها في عام 2021، يمكن التكهن بنمو في قطاع الرحلات صوب الغابات والمناطق الجبلية والريفية، والابتعاد عن المدن والأماكن المكتظة، والقيام بالأنشطة الترفيهية التي تراعي التباعد الاجتماعي كقيادة الدراجات الهوائية والمشي في الطبيعة، ما سينعش السفر الداخلي إلى حد كبير.
لكن هل ستعاود الرحلات البحرية نشاطها بعد أن أصابها العطب في العام المنصرم؟ وهل يمكن للمسافرين التمتع بالرحلات البحرية مع الالتزام بصحة وسلامة الراكبين وطاقم العمل والمجتمعات المضيفة. وما هي المدة المسموح بها للرحلة البحرية أن تمضيها في المياه؟ إنها أسئلة ذات أهمية قصوى نظرًا لأن الرحلات البحرية عادة ما تحتاج لوقت طويل نسبيًا ما يجعل من السفينة حاضنة ممكنة للفيروس، خاصة أن الرحلات البحرية تكون حاشدة وتتضمن برامج ترفيهية بعكس الرحلات الجوية. فهل يمكن للمسافرين في البحار الالتزام بالإجراءات الصحية المعتمدة كوضع القناع والتباعد الاجتماعي وغيرها لفترات طويلة مقارنة بالسفر الجوي؟. يمكن القول أن هذا النوع من التساؤلات بانتظار إجابات متخصصة ومعمقة، ولا يحتمل المغامرة والتجريب العشوائي.
ويبقى السؤال الأهم: هل سنشعر بالأمان خلال السفر؟ من بين العديد من الأشياء التي كشفها الوباء عن صناعة السفر، أن كل أطراف قطاع السفر من شركات وفنادق ومؤسسات خدمات لم تكن مستعدة للتعامل مع أزمة بهذا الحجم، تمامًا مثل الحكومات في غالبية الدول. لذا هناك تساؤل دائم من قبل المسافرين عن إجراءات السلامة العامة، يبدو أنه من أبرز محاور الحديث عن مستقبل السفر في ظل استمرار الجائحة.
اقرأ/ي أيضًا: