ألترا صوت – فريق التحرير
تستعيد هذه المساحة الأسبوعية، كل أربعاء، ترجماتٍ منسية مختلفة الاتجاهات والمواضيع، كُتب لها أن تؤدي دورًا معينًا في لحظةٍ ما، قبل أن يطوي الزمن صفحتها فيما بعد، لتصير ترجماتٍ "طي النسيان"، بعيدة عن اهتمامات الناشرين العرب. إنها، بجملةٍ أخرى، مساحة يخصصها "ألترا صوت" لرد الاعتبار لهذه الترجمات، عبر لفت انتباه القراء والناشرين العرب إليها، في محاولةٍ لجعلها قيد التداول مجددًا.
"كيف يحيا الإنسان"، هو عنوان كتاب المفكر والأديب الصيني لين يوتانج (1895 – 1976)، الصادر في طبعته العربية الأولى سنة 1967 عن "دار الكتاب العربي" في العاصمة اللبنانية بيروت، بترجمة خيري حماد. وفيه يسعى يوتانج إلى الإجابة على السؤال الذي عنونَ به مؤلَّفه، عبر أسلوبٍ جمع فيه بين الفلسفة والأدب والعلم والتحليل النفسي في آنٍ معًا.
يعقد يوتانج في كتابه العديد من المقارنات بين الشرق والغرب من جهة، وبين الديانات الكونفوشيوسية والطاوية والبوذية والمسيحية، من جهةٍ أخرى
الكتاب الصادر للمرة الأولى عام 1938، ووفقًا لما جاء في مقدمة مؤلفه، يُعتبر: "شهادة شخصية عن التجارب التي مرت بي في فكري وحياتي. وأنا لا أهدف منها إلى الموضوعية، ولا إلى ادعاء وضع حقائق حياتية، فأنا في الواقع أزدري ادعاء الموضوعية في الفلسفة، إذ إنني أركِّز كل اهتمامي على الرأي".
اقرأ/ي أيضًا: تُرجم قديمًا: رواية الأصول وأصول الرواية
ويضيف يوتانج: "كنت أوثر أن أسمي ما أكتبه "بالفلسفة الغنائية"، مستعملًا هذه الصفة على اعتبار أنها انعكاس لوجهة نظر ذاتية وفردية. ولكن مثل هذا الوصف مفرط في الجمال. ولذا فعليَّ أن أتجنبه، مخافة أن أكون قد غاليت في الأمل، وحملت القارئ بعيدًا معي فيه، بحيث أدفعه إلى توقع أكثر مما أستطيع، لا سيما أن المحتوى الأساسي لفكري هو نثر واقعي، وعلى مستوى تسهل المحافظة عليه لأنه أكثر انسجامًا مع الطبيعة".
يتيح الكتاب للقارئ العربي، بحسب مترجمه، إمكانية عقد مقارنةٍ بين الصين ما قبل الثورة وبعدها، لتبيُّن التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية والثقافية التي تمخضت عنها. بالإضافة إلى إحاطته بتفاصيل ومعلوماتٍ واسعة حول أدب الصين وفلسفتها في مختلف العصور، ذلك أنه يضيء على مجموعة واسعة من الأعمال الأدبية والفكرية الفارقة في تاريخ الصين، منذ أيام كونفوشيوس، ومينسيوس، ولاوتسي، وتشوانغ سي، وصولًا إلى الزمن الذي أُلِّف به الكتاب.
في السياق ذاته، يعقد المؤلف العديد من المقارنات بين الشرق والغرب من جهة، وبين الديانات الكونفوشيوسية والطاوية والبوذية والمسيحية، من جهةٍ أخرى. إلى جانب استعراضه وجهات نظر عدد من الفلاسفة الصينيين حول الحياة التي قاموا بمقاربتها من خلال منهجٍ فلسفيٍ يقوم على الجمع بين: "الواقعية العظيمة والافتقار إلى المثالية، وحب الدعاية والاحساس الشاعري الرفيع بالحياة"، بحسب تعبيره.
كما يستعرض أيضًا الآراء المسيحية والإغريقية والصينية حول الجنس البشري. إضافةً إلى فرده فصلًا كاملًا للحديث عن كرامة الإنسان، وفضوله، وأحلامه، وعناده، وابتكاره للنكتة، وموقع جميع ما سبق في الحضارة الإنسانية، ودوره في تطورها أيضًا.
يضيء لين يوتانج في كتابه على مجموعة واسعة من الأعمال الأدبية والفكرية الفارقة في تاريخ الصين
ويُخصِّص المفكر الصيني بقية فصول كتابه، لتقديم قراءة موسعة في تجارب مجموعة من الفلاسفة. والبحث في مسائل عديدة ترتبط بالعمل، والكسل، والبطالة، والتعامل مع فائض الوقت، والزواج، وبناء الأسرة، وكل ما هو متصل بالحياة اليومية للفرد البشري، بغض النظر عن مدى أهميتها أو حاجته إليها.
اقرأ/ي أيضًا: تُرجم قديمًا: 50 قصيدة من الشعر الأمريكي
وتحت عنوان "التمتع بالثقافة"، تناول لين يوتانج مواضيع الذوق الأدبي والفكري، والفنون البصرية، وفني القراءة والكتابة، وأساليب التعبير المتبعة والسائدة في المجالات السابقة. قبل انتقاله إلى مناقشة علاقة الإنسان بالله والدين. ومنها باتجاه التفكير الذي بيَّن موقعه في جميع المواضيع التي قام بتناولها في كتابه.
اقرأ/ي أيضًا: