ألترا صوت – فريق التحرير
لم يكن الشاعر الفلسطيني توفيق صايغ (1923 – 1973) غزير الإنتاج، إن كان على صعيد الشعر، حيث لا يزيد رصيده عن ثلاث مجموعاتٍ شعرية، وبضع قصائد جُمعت ونُشرت بعد رحيله. أو الترجمة، التي اقتصر نتاجه فيها على ثلاثة كتبٍ صدر أخرها بعد ستين عامًا على وفاته. وحتى النقد، إذ يشتمل نتاجه فيه، على دراسة وحيدة خصصت لتجربة الشاعرة العراقية نازك الملائكة.
يضم الكتاب خمسين قصيدة من الشعر الأمريكي المعاصر، ترجمها توفيق صايغ إلى العربية بعد انتقائها من منجز 37 شاعرًا أمريكيًا
"50 قصيدة من الشعر الأمريكي"، هو عنوان كتاب توفيق صايغ الذي صدرت طبعته الأولى عام 1963، عن "دار اليقظة العربية" في العاصمة السورية دمشق، في حين صدرت طبعته الثانية عن "دار رياض الريس للكتب والنشر" مطلع تسعينيات القرن الفائت، وذلك في إطار نشرها لأعمال الشاعر الفلسطيني الكاملة، بعد قرابة سبعة عشر عامًا على وفاته.
اقرأ/ي أيضًا: تُرجم قديمًا: مطبخ، خيالات ضوء القمر
يضم الكتاب خمسين قصيدة من الشعر الأمريكي المعاصر، ترجمها توفيق صايغ إلى العربية بعد انتقائها من منجز 37 شاعرًا أمريكيًا، هم: روبرت فروست، والاس ستيفنز، وليم كارلوس وليمز، عزرا باوند، هيلدا دوليتل، روبنسون جفرز، ماريان مور، جون كرو رانسوم، أرشيبالد مكليش، إدوارد إستلين كمينغز، ريتشارد أبرهات، كنيث ركسروث، ويستان هيو أودن، ثيودور ريتكه، تشارلز أولسون.
إلى جانب: إليزابيث بيشوب، كنيث باتشن، مي سارتون، ديلمور شفارتز، مورييل روكسير، كارل شابيرو، راندال جاريل، يوسيه غارثيا فيلا، جون شياردي، بيتر فيريك، روبرت لويل، وليم مرديث، لورنس فيرلنغيتي، ريتشارد ويلبور، جيمز مريل، روبرت كريلي، ألن غنزبيرغ، فيليب لامانثيا، وليم ستانلي مروين، إيدريين سسيل ريتش، غريغوري كورسو، وأخيرًا جون هولاندر.
يتوزَّع هؤلاء الشعراء على ثلاث فئات، هي: الشعراء الذين برزوا قبل الحرب العالمية الثانية، ولكنهم واصلوا نشاطهم بعد انتهائها. ويشير توفيق صايغ هنا إلى أنه قرر، في كل الحالات تقريبًا، ألا ينتقي من شعرهم: "إلا ما كان نتاج هذه الفترة الأخيرة حتى وإن كان على جودته أدنى مرتبة أحيانًا من نتاجهم السابق لها". أما الفئة الثانية، فتشمل الشعراء الذين: "وطدوا مقامهم أثناء الحرب وكتبوا عنها وعن انطباعاتهم حولها". بينما تضم الثالثة: الشعراء المغلوبين على أمرهم".
ولهذا السبب، جاءت المجموعة، بحسب ما أشار إليه صايغ، خالية: "من ذكر بعض مشاهير الشعراء المحدثين، لكن الذين كُتب كل شعرهم أو أفضله قبل الحرب، كما جاءت خالية من ذكر بعض الشعراء الآخرين، الذين ظلوا يكتبون، أو الذين برزوا أثنائها أو بعدها، لكني أراهم، شخصيًا، أقل أهمية من سواهم، أو لا أميل نحوهم قدر ما أميل نحو غيرهم من الشعراء".
أما فيما يخص عملية اختياره للقصائد، يقول مؤلف "معلقة توفيق صايغ": "كان عليَّ أن أختار من كل شاعر أشهر قصائده، أو أفضلها، أو أكثرها تمثيلًا لشعره، أو أحبها إليَّ. فعندما كنت أعثر على قصيدة تجتمع فيها كل هذه الصفات، كانت تسهل مهمتي، لكن عندما كانت تتعارض، كان عليَّ أن أفاضل بين هذه الصفات، وأنتقي إحداها".
لجأ صايغ في ترجمته للقصائد، إلى أسلوبٍ يبتعد عن الترجمة الحرفية والخلَّاقة معًا، بحيث لا يشهوِّه الأصل، أو يجور عليه
ويشير الشاعر الفلسطيني الراحل في مقدمته، إلى حيرته بين ترجمة القصائد ترجمة حرفية، طلبًا للأمانة وبهدف تقديم صورة صادقة لحال الشعر الأمريكي في ذلك الوقت، أم ترجمة خلَّاقة تُترجم القصيدة لا أبياتها، وتصوغ الأصل من جديد، بحيث تكون الترجمة بديلًا، وتكون القصيدة الجديدة، بحسب تعبيره، نتاج الشاعر الأصلي والشاعر المترجم.
اقرأ/ي أيضًا: تُرجم قديمًا: نهاية اليوتوبيا
ويلفت توفيق صايغ إلى أنه، وبعد التفكير والمحاولة، لجأ إلى أسلوبٍ يبتعد عن الترجمة الحرفية والخلّاقة في آنٍ معًا، بحيث لا يشوِّه الأصل، ولا يجور عليه. لذا: "كانت ترجمتي العربية قريبة من الأصل الإنجليزي، أو بالأحرى الأمريكي في بعض الأحيان، ما استطعت، لكن حاولت فيها أيضًا أن تكون عربية، وأن تعطي القارئ العربي ما شاء الشاعر الأصلي أن يعطي قارئه".
اقرأ/ي أيضًا: