ألترا صوت - فريق التحرير
تحرش واعتداء جسدي، واستغلال للنفوذ والسلطة جنسيًا، كل هذا مُستمر. وربما صمت الضحايا فترة أو فترات، خوفًا من بطش الجاني، أو من إعادة استخدامه لسلطته في كبت الضحية، أو ربما تحاشيًا لمجتمع يعطي لنفسه الحق في وصم الضحية، ويعنف محاولات البوح الشجاعة.
اتهمت لجنة تحقيق مستقلة، مسؤولًا في الأمم المتحدة باستخدام نفوذه للتعتيم على جرائم التحرش والاعتداء الجنسي
جاءت حملة "#MeToo" بكل تناقضاتها، وبمزاجها غير المنضبط أحيانًا، لكنها إجمالًا ساعدت على فتح الباب على مصراعيه لتمارس ضحية العنف الجسدي والنفسي حقها في التعبير والبوح بما تعرضت له. وإن لم يكن سهلًا لها الكلام في البداية، فإن تضامنًا واسع الانتشار جعل الكلام ممكنًا، والمحاسبة غير مستحيلة، وقد طالت قصص التعدي الجنسي أسماءً كبيرة، ولطخت سمعتها، وإن نجا كثيرون، فإن التشهير، أو حتى دفع الجناة للاعتذار ولوم أنفسهم، يُعد خطوة كبيرة.
اقرأ/ي أيضًا: "البنك الدولي للتحرش الجنسي".. 25% من الموظفات تعرضن للإساءة
ولا زالت فضائح التحرش تنسل من شخصية وأخرى، ومؤسسة وأخرى. فلا متحرش بعيد عن أن تُسلط عليه الأضواء في أي وقت، إذا ما تجرأت الضحية للكشف عما تعرضت له.
تحرشٌ في الأمم المتحدة
لم تكن هيئة الأمم المتحدة بعيدةً عن ضجة الحديث حول جرائم التحرش الجنسي، فوفقًا لما نشرته وكالة أسوشيتد برس، فإن مسؤولين بالأمم المتحدة "معيبون"، ويكرسون لثقافة الإفلات من العقاب، ويعززون بيئة عمل "سامة"، تستدعي استبدالهم فورًا.
يتعلق الأمر باتهامات متكررة بالتحرش الجنسي تحديدًا في برنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز، حيث يُساء تعامل المسؤولين في البرنامج معها بصورة تكرس لثقافة الإفلات من العقاب.
وكان فريق من الخبراء المستقلين المعنيين بالتحقيق في اتهامات بالتحرش داخل البرنامج الأممي، أكّدوا أن المدير التنفيذي للبرنامج، ميشيل سيدي بيه، متورط في التعتيم على جرائم تتعلق باستغلال النفوذ داخل العمل في التحرش الجنسي.
وفي وقتٍ سابق من العام الجاري، قالت موظفات بالبرنامج الأممي، إنهن يتعرضن للتحرش ومضايقات جنسية من بعض العاملين. ووُجهت اتهامات مباشرة لنائب المدير التنفيذي بالاعتداء الجنسي بإحدى الموظفات، وهو الأمر الذي سعى سيدي بيه باستغلال نفوذه للتعتيم على الأمر، بل والدفاع عن نائبه صراحةً بوصفه بأنه "الرجل المناسب".
ومع ذلك فإن لجنة التحقيق المعنية، والتي أجرت مقابلات مع 60% من العاملين في البرنامج الأممي، وحصلت على 100 إفادة خطية، قالت في تقريرها إنها "لا تثق في قدرة القيادة الحالية للبرنامج الأممي على إحداث تغيير ثقافي"، في مسألة التحرش الجنسي، وإعلان عن الضحية عن وقوع الاعتداء عليها.
ووفقًا للتحقيق الذي أجرته اللجنة المختصة، فإن 4% من الموظفين قالوا إنهم تعرضوا لشكل من أشكال التحرش والاعتداء الجنسي خلال العام الماضي. و40% منهم قالوا إنهم تعرضوا لتداعيات إساءة استخدام السلطة والنفوذ. كما أن عديد الموظفين اشتكوا من أن البرنامج الأممي يُدار على طريقة النظام الأبوي، بالإضافة إلى حس المراقبة، والرغبات الانتقامية ضد الموظفين الذين أباحوا عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.
فاتيكان التحرش
أخيرًا يفتح الكرسي البابوي تحقيقًا بشأن الاتهامات الموجهة لرهبان كاثوليك بالاعتداء الجنسي على راهبات في تشيلي. وتبدأ حكاية الإفصاح عن هذه الاعتداءات عند تحقيق استقصائي أجرته محطة تلفزيونية تشيلية في وقتٍ سابق من هذا العام، في ذروة الغضب من الكيفية التي عتمت بها الكنيسة الكاثوليكية على عقودٍ من جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال.
وكشف التحقيق على لسان راهبات حاليات وسابقات، أن راهبات أجبرن على الخروج من النظام الكنسي، بعد أن علا صوتهن بالتنديد بسوء المعاملة الذي تضمن تحرشًا واعتداءً جنسيًا من قبل "رؤسائهن" الدينيين.
ويأتي تحقيق الفاتيكان في هذه الاتهامات تحت ضغوط حملات كشف حوادث التحرش والمتحرشين جنسيًا حول العالم. كما أنه يأتي في الوقت الذي لم ينته فيه الحديث بعد عن حوادث التحرش والاعتداءات الجنسية التي وصلت بعضها للاغتصاب، بحق قُصّر، من قبل قساوسة وكهنة كاثوليكيين تابعين للفاتيكان.
أخيرًا فتح الفاتيكان تحقيقًا في قضية راهبات تشيلي اللواتي تعرضن للتحرش الجنسي من قبل "رؤسائهن" الدينيين في الكنيسة
ولا يبدو أن حوادث التحرش بالراهبات في الكنائس التابعة للفاتيكان، حديثة، فقد كشفت عشرات الراهبات حول العالم عن حوادث مشابهة لما تعرضت له راهبات تشيلي، وعلى مدار سنوات طويلة، غير أن الفاتيكان لم يتخذ موقفًا بشأن تلك الحوادث إلا مؤخرًا، فيما يبدو أنه خضوعٌ إجباري لتداعيات حملة "#MeToo".
اقرأ/ي أيضًا:
تحرش وعنف ومصائب أخرى.. عالمٌ ضد النساء!
بعد كشفهن عن قصصهن مع التحرش.. كيف غيرت حملة "#MeToo" حياتهن؟