بالإضافة إلى إنتاجه الغزير كروائي، وكاتب قصص قصيرة، وشاعر، وناقد أدبي. تكشف مجموعة من رسائل جون أبدايك حجم مراسلاته الغزيرة. المقال المترجم الآتي يسهب في ذلك.
لا شك أن سعاة البريد في مدينة بيفرلي، ماساتشوستس، حفظوا عن ظهر قلب الطريق المؤدي من مقر عملهم إلى منزل المؤلف الشهير جون أبدايك، الواقع في جهة الساحل الشمالي للمنطقة. إذ يخبرنا الكاتب الشهير آدم بيغلي، في السيرة الذاتية للمؤلف، أن زوجته مارثا قالت إنه "إذا كان يستطيع استخدام البريد الإلكتروني، لكان سيقضي ساعات يومه في الرد على الرسائل، لذا، اعتمد بشكل رئيسي على خدمة البريد وفيديكس".
حفظ سعاة البريد في مدينة بيفرلي، ماساتشوستس، الطريق المؤدي من مقر عملهم إلى منزل جون أبدايك
كتبت كاتي رويفه في كتابها "ساعة البنفسج: خلاصة الكتاب العظماء" قائلةً "لقد كانت مراسلات جون أبدايك ساحرة، ومفعمة بالحياة، ورائعة، لأنها تستحضر روح الكاتب بشكل أكثر وضوحًا وقوةً مما نُشر من فتات في سيرته الذاتية. قد لا يكون من المستغرب أن كثير من الأعمال عن الصداقة بالنسبة لأبدايك، سوف تكون موجودة في هذه الصفحات".
اقرأ/ي أيضًا: "أنت قدري": أسرار علاقة دي بوفوار مع عشيقها الشاب في رسائل جديدة
لكن على الرغم من اشتمال قائمة مراسلات جون أبدايك على أسماء مثل جون بارث، وجويس كارول أوتس، وإيان ماكيوان، إلا أنه ليس فقط كبار المؤلفين، والأصدقاء المقربين من تلقوا رسائله. فقد اكتشف جيمس شيف، الأستاذ المشارك في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة سينسيناتي، من خلال عمله على الحجم الهائل من الرسائل الخاصة بالكاتب جون أبدايك، آلاف الرسائل والبطاقات البريدية، ولاحظ أن المؤلف قد رد على جميع رسائل الأشخاص الذين راسلوه دون أن يعرفهم.
يقول شيف "على الرغم من أنه ليس من المفاجئ استمراره في مراسلة المحررين، والمترجمين، والناشرين، والنقاد، والصحفيين، وأصدقائه من الكتاب، إلا إن ما يثير الاهتمام هو مدى كرمه في الرد على رسائل القراء، والمعجبين، والأشخاص الغرباء تمامًا عنه".
ووفقًا لما أكدته مارثا، كان زوجها جون أبدايك يتلقى طلبات لتوقيع أوتوغرافات تذكارية، وصور فوتوغرافية، وتبرعات، ومقابلات، ودعوات لإلقاء كلمات بشكل يومي. إلا أن جون أبدايك قد استجاب على ما يبدو لجميع هذه الطلبات، بغض النظر عن مدى كبر أو صغر الحدث.
يقول شيف "من المثير للدهشة، قدرة جون أبدايك على الرد بإسداء النصيحة أو بالتعليق، على الرغم من أن القارئ قد يكون أحد طلاب المرحلة الثانوية، أو أحد المتقاعدين في الخامسة والثمانين من عمره، والذين كانوا يرسلون له قصصًا قصيرة أو قصائد للتعليق النقدي عليها". وأضاف شيف "لقد أجاب أيضًا على أحد الأشخاص الغرباء، الذي طلب منه كتابة كلمة تشجيعية لابنه البالغ من العمر تسع سنوات، والذي يعاني من مرض الصدفية -عانى جون أبدايك من نفس الحالة المرضية لسنوات طويلة-. أعتقد أن الرد بالغزارة التي اتبعها أبدايك لهو أمرٌ استثنائي".
كانت مراسلات جون أبدايك ساحرة، ومفعمة بالحياة، ورائعة، لأنها تستحضر روح الكاتب
يعتقد شيف أن التجربة التي مر بها جون أبدايك خلال فترة مراهقته عندما طلب عينات من أعمال رسام الكارتون المفضل لديه، ربما تفسر جزءًا من اجتهاده في الرد على معجبيه. يقول شيف "بالنظر للسرعة التي كان يُصوغ بها رسائله وبطاقاته البريدية، فإن فصاحته تظهر بشكل ملحوظ. فعلى الرغم من أن بعض هذه الرسائل والبطاقات البريدية ربما تكون سطحية وعادية جدًا، إلا أن غالبيتها العظمى تكشف عن سعيه لقول كلمات مرحة وذكية. فقد تضمنت أفضل مراسلاته كلامًا فاتنًا وفنيًا تمامًا كما في أعماله الأدبية، عارضًا من خلالها نفس نظرته المتفحصة للتفاصيل، وموهبته في سرد الكلمات الرقيقة الساحرة، ونظمه للجمل المفعمة بالحب. فلا أحد يستطيع كتابة العبارات كما يكتبها أبدايك، كما أن نشر هذه الرسائل سوف يظهر جانبًا مختلفًا من موهبته، فهذه النصوص كتبت على مستوى عال في نوع أدبي آخر".
اقرأ/ي أيضًا: في صندوق بريد فرجينيا وولف
يسعى شيف لنشر كتابه الذي يدور حول رسائل جون أبدايك بحلول عام 2021 – إلا أنه يعتقد أن ثمة المزيد من رسائل أبدايك في مكان ما. يقول شيف "على الرغم من قراءتي لآلاف الرسائل الموجودة في المكتبات المختلفة، إلا أنه لا يزال هناك الآلاف منها قابعة في الأدراج والخزائن وأماكن التخزين لدى الكثير من الناس. لذا، فأنا متحمس لسماع قصص هؤلاء الأشخاص، وقراءة الرسائل التي كتبها أبدايك لهم".
اقرأ/ي أيضًا: