انتابت العائلة الملكية البريطانية حالة من عدم الاستقرار منذ إعلان الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل، توقفهما عن المشاركة في أعمال الجمعية الخيرية المشتركة مع شقيقه الأكبر الأمير ويليام وزوجته كاثرين ميدلتون، وتأسيسهما لجمعيتهما الخيرية الخاصة بهما تحت مسمى "ساسكس رويال"، وذلك بعد ثلاثة أشهر من قرارهما الانتقال من الإقامة في قصر كينسينغتون إلى كوخ فروغمور في مدينة ويندسور، في آذار/مارس 2019.
ازداد التوتر في بريطانيا بعد إعلان الأمير هاري وزوجته ميغان الانفصال عن العائلة الملكية لتأسيس حياتهما الخاصة
وازداد التوتر بعد أن كشفت الصحافة البريطانية عن وجود خلاف بين الشقيقين الملكيين، والذي انتهى أخيرًا بإعلان الزوجين الشابين الانفصال عن العائلة الملكية لتأسيس حياتهما الخاصة، الأمر الذي دفع للتساؤل عن مستقبل العائلة الملكية، في الوقت الذي شرعت فيه الحكومة البريطانية بتنفيذ إجراءات خروجها من الاتحاد الأوروبي بعد تصويت البرلمان البريطاني على ذلك.
اقرأ/ي أيضًا: اعترافات صادمة للأمير هاري.. مشاكل نفسية إثر وفاة والدته
الموافقة على قرار هاري منعًا لـ"حرب ملكية"
أرسل قرار هاري بالاشتراك وميغان انفصالهما عن العائلة الملكية، مجموعة من الإشارات حول مستقبل الحكم الملكي في بريطانيا، في ظل مطالب الدول المتمتعة بالحكم الذاتي، بالانفصال عن بريطانيا بعد قرار خروجها من الاتحاد الأوروبي، كما هو الحال مع إسكتلندا التي صوت 62% من سكانها على رفض عملية البريكست العام الماضي. ودفع قادة أيرلندا الشمالية وويلز للتفكير بالأمر عينه، نظرًا لعدم وجود خطة واضحة، بالإضافة إلى القلق الشديد الذي يسود تفاصيل البريكست.
وأثار المرشح لقيادة حزب العمال المعارض، كلايف لويس، مستقبل العائلة الملكية مؤخرًا، بعد أن قال إنه يعتقد بضرورة تنظيم استفتاء على مستقبل العائلة الملكية، فيما قال غراهام سميث المتحدث الرسمي باسم منظمة ريبابليك، التي تقود حملة لانتخاب رئيس للدولة، إن قرار هاري وميغان "يثير تساؤلات حول مستقبل الملكية"، مشيرًا إلى أن هذا القرار كفيل بأن يجعل دافعي الضرائب يتساءلون عمن سيموّل عملية تأمين الزوجين ونمط حياتهما الباذخة في الخارج، إذ أشارت تقارير إلى أن كلفة الحراسة أو المرافقة الشخصية للزوجين قد تصل إلى خمسة ملايين دولار سنويًا في حال قررا الانفصال نهائيًا عن العائلة الحاكمة.
لكن رئيس الحكومة البريطانية بوريس حونسون، قلل من أثر انفصال الزوجين عن العائلة الملكية، مستغلًا الموقف ليصف نفسه بأنه "من أشد المعجبين بالملكة"، واصفًا العائلة الملكية بـ"الثورة الرائعة للبلاد". وأضاف جونسون: "أثق تمامًا أنهم (العائلة الملكية) سيحلون هذا الأمر. أعتقد أنهم سيتمكنون من حل هذا بسهولة".
ويأتي قرار هاري وميغان بعد أقل من ثلاثة أشهر على إعلان الأمير أندرو، النجل الثالث للملكة إليزابيث، تخليه عن جميع مهام الملكية، بعد التقارير التي تحدثت عن علاقة تربطه برجل الأعمال الأمريكي جيفري أبستين، الذي وُجد منتحرًا داخل زنزانته في مركز ميتروبوليتان الإصلاحي بنيويورك، بعد إدانته بالاعتداء واستغلال القاصرات جنسيًا.
وأشارت تقارير صحفية إلى أن أندرو التقى برجل الأعمال الأمريكي لأول مرة في عام 1990، وفقًا لخطاب أرسل من قبل قصر باكينغهام الملكي لصحيفة التايمز البريطانية في عام 2011، ونشر الخطاب بعد أن كشفت الصحيفة البريطانية عن صورة جمعت أندرو مع فرجينيا غيوفر، التي كانت معروفة باسم فرجينيا روبرتس، وذلك عندما كانت تبلغ من العمر 17 عامًا. وقالت فرجينيا في شهادتها، إنها أجبرت على ممارسة الجنس مع أندرو لثلاث مرات.
من جهة أخرى، أمرت الملكة إليزابيث، رجال الدين، بمضاعفة جهودهم لوضع مخطط لمستقبل مقاطعة ساسكس، في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة بعد انفصال هاري الذي كان دوق ساسكس.
هذا وقد أشارت صحيفة ديلي ميل البريطانية إلى أن الانقسام بين هاري وعائلته "عميق"، قائلة إن العلاقة بين هاري وشقيقه الأكبر الأمير ويليام "لا يمكن إصلاحها". وقال بعض المقربين من العائلة الملكية إن هاري وميغان لم يتركا خيارًا أمام الملكة سوى الاستسلام لمطالبهم لمنع "حرب ملكية".
إليزابيث تدعم قرار هاري بعد محادثات هادئة
مثّل إعلان هاري وميغان تنحيهما عن الحياة الملكية، عبر حسابهما الرسمي على منصة إنستغرام، في الثامن من كانون الثاني/يناير الجاري، صدمة داخل الأوساط الملكية بشكل عام، نظرًا لعدم إخطارهما للعائلة الملكية بقرارهما المفاجئ، رغم تردد شائعات حول هذا القرار قبل أشهر من الإعلان عنه، وذلك من خلال تركيز الصحافة البريطانية على الخلافات بين الشقيقين الملكيين.
وقال هاري وميغان في بيانهما على إنستغرام، إنهما ينويان التنحي عن أدوراهما باعتبارهما أفرادًا في العائلة الملكية، في مقابل العمل على الاستقلال المادي، مؤكدين على مواصلتهما الدعم الكامل لـ"سمو الملكة". ولفت البيان إلى أن هاري وميغان سيقسمان وقتهما بين أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة، من أجل تنشئة ابنهما آرتشي هاريسون.
وعَكَس تصريح الملكة عدم معرفتها بقرار الزوجين قبل إعلانهما عنه رسميًا على إنستغرام، إذ نقل عنها قولها في وقت سابق من الأسبوع الماضي: "ما زال النقاش مع دوق ودوقة ساسكس في مراحل مبكرة. إننا نتفهم رغبتهما في اتباع أسلوب مختلف، لكن هذه أمور معقدة تستغرق وقتًا لحلها".
وكانت إليزابيث الثانية قد عقدت اجتماعًا، يوم الإثنين الماضي 13 تشرين الثاني/يناير الجاري، بحضور ولي العهد ووالد هاري الأمير تشارلز، وشقيقه الأكبر ويليام، في مزرعة ساندرينغهام الخاصة بها في نورفولك بشرق بريطانيا، انتهى بإعلانها تقديم الدعم الكامل لرغبة الزوجين في بدء حياة جديدة لهما مستقلة عن العائلة الملكية. وكانت ميغان غائبة عن الاجتماع بسبب تواجدها في كندا، ولم تستطع الانضمام لهم عبر الهاتف كما كان معلنًا سابقًا، بسبب مخاوف أمن القصر من تعرض المكالمة للاختراق من أطراف مجهولة.
وقال بيان صادر عن الملكة عقب نهاية الاجتماع: "رغم إننا كنا نفضل أن يبقيا متفرغين للشؤون الملكية، إلا أننا نحترم رغبتهما في عيش حياة أكثر استقلالًا كعائلة مع بقائهما كجزء هام من عائلتي"، مشيرةً إلى أنهما أوضحا بشكل قاطع عدم رغبتهما الاعتماد على أموال العائلة الملكية، موضحةً أن القرارات النهائية بهذا الخصوص سيتم اتخاذها خلال الأيام القادمة.
ووفقًا لصحيفة ديلي ميل، فإن هاري وصل قبل موعد الاجتماع بما يقرب من ساعتين ونصف. وقالت الصحيفة البريطانية إن أحد أصدقاء هاري نقل لها أن الأخير أراد إخبار الملكة بوجهة نظره الخاصة عن القصة، قبل وصول والده وشقيقه الأكبر، مشيرةً إلى أنه بعد حديث هاري مع الملكة على انفراد، جرى مواصلة النقاش مع باقي الحضور "بهدوء".
الأمير هاري لا يريد تكرار سيناريو والدته
يعتبر تجريد الأميرة ديانا (1961 – 1997) والدة الأمير هاري، من لقبها "صاحبةً للسمو الملكي"، أحد أبرز الأسباب التي دفعت هاري للانفصال عن العائلة الملكية، للحفاظ على حياته الزوجية مع ميغان، فقد وصلت رسالة غاضبة من إليزابيث الثانية بعد بضعة أسابيع من خروج ديانا في مقابلة مع "بي بي سي"، ينص مضمونها على أنه حان موعد طلاق أميرة ويلز من ولي العهد تشارلز، بعد مضي ثلاثة أعوام على انفصالهما. وتضمنت الرسالة حينها تجريد ديانا من لقبها الملكي.
وكان تجريد ديانا، التي قضت في حادث سيارة مع صديقها عماد الفايد في أيلول/سبتمبر 1997، بسبب كشفها في مقابلتها مع "بي بي سي" عن وجود ثلاثة أشخاص في زواجها من تشارلز، في إشارة إلى علاقته العاطفية مع دوقة كورنوول كاميلا، التي أدت لطلاقها من زوجها ضابط الجيش أندرو باركر باولز في 1995، قبل أن تتزوج رسميًا من تشارلز في 2005.
وفي المقابلة التي شاهدها حينها ما يزيد على 22 مليون شخص، وصفت ديانا تشارلز بـ"العدو"، قائلةً إن العائلة الملكية بحاجة ماسة للتحديث. وفيما كانت تصر على احتفاظها باللقب الملكي نظرًا لأن ابنها الأمير ويليام يعتبر الملك المستقبلي لبريطانيا، فإن تشارلز أصر على تجريدها من لقبها الملكي، ما يدل على قطع صلتها بالعائلة الملكية، وفقدانها الحق بالمطالبة بالعرش البريطاني مستقبلًا.
ويربط هاري ما حدث مع والدته سابقًا بما تتعرض له ميغان في الوقت الراهن، خاصة أن حياة ديانا كانت مادةً دسمةً للصحافة البريطانية حينها، حيثُ يقول إن "التاريخ يعيد نفسه" عندما ينظر لـ"الحملة الشرسة" التي تتعرض لها ميغان. ويضيف هاري معقبًا على ذلك: "فقدتُ أمي، وها أنا ذا أشاهد زوجتي تسقط ضحية لنفس القوى الجبارة".
وخلصت التحقيقات في حادث السيارة الذي أودى بحياة ديانا وصديقها الفايد، إلى أنها قتلت بسبب مخالفة للقانون نتيجة للإهمال الجسيم من السائق والصحفيين، إذ كان السائق هنري بول يقود تحت تأثير الكحول، بينما كان الصحفيين يلاحقون السيارة بالدراجات النارية. وقال هاري في 2017 إن "الأشخاص (الصحفيين) الذين طاردوها عند الجسر، كانوا هم أنفسهم الذين التقطوا صورًا لجثتها على المقعد الخلفي في السيارة".
غير أن نيكول كيتي، المؤرخة للعائلة الملكية، تقول إنه رغم الشهرة التي تحظى بها ميغان كممثلة، فإن "ذلك لا يقارن بشهرة الانضمام إلى العائلة الملكية"، موضحةً: "نعم كانت ميغان شهيرة، لكنها لم تكن من ممثلات الصف الأول، كأنجيلينا جولي أو نيكول كيدمان. ولقد قالت هي ذلك بنفسها، بأنها لم تختبر قبل ذلك هذا المستوى من الاهتمام العام".
أسباب انفصال الأمير هاري عن العائلة الملكية
حظيت ميغان باهتمام الصحافة البريطانية والعالمية منذ اللحظة التي أعلن فيها هاري عن علاقتهما بشكل رسمي، وحتى ما بعد تاريخ زواجهما بعام تقريبًا في أيار/مايو من عام 2018، فقد بدأت الصحافة بالكتابة عنها على اعتبار أنها تجسد "جميع التغيرات التي يشهدها المجتمع في السنوات القليلة الماضية، وكأن العالم كان يستعد لاستقبالها". إلا أن علاقتها مع الصحافة بدأت تأخذ منحى سلبيًا اعتبارًا من العام الماضي.
وكان من أول ما تناولته الصحافة البريطانية، غياب والد ميغان عن حفل زفافها، والذي قيل بادئ الأمر إنه بسبب المرض، قبل أن يقال في وقت لاحق إن غياب والدها بسبب خلافات مع ميغان. كما كشفت الصحافة رفض الملكة ارتداء ميغان لتاج أرادت الظهور به في حفل زفافها، بسبب أنه مصنوع في روسيا.
وبعدها توالى هجوم الصحافة على الزوجين معًا بسبب تجديد منزلهما في فروغمور كوتيج داخل قلعة ويندسور، بمبلغ 2.4 مليون جنيه إسترليني. وعادت ميغان لتثير الجدل مرةً أخرى بسبب إضافتها المزيد من الألماس على خاتم خطوبتها الأصلي الذي صممه هاري بنفسه من ثلاثة أحجار، اثنان كانا لوالدته ديانا، والثالث من بتسوانا، ما وصفته الصحافة بـ"اللفتة الطيبة لهاري التي لم تكن في سبيل مواكبة الموضة".
إضافًة لذلك، فإن موجة الاستقالات التي عصفت بموظفي ميغان، دفعت بالصحافة البريطانية لإثارة المزيد الجدل حول شخصيتها، إذ قالت إن الخدم يطلقون على ميغان لقبي "مي غان" و"الدوقة الصعبة"، لأنها ترفع صوتها باستمرار، وترسل طلباتها إليهم عبر البريد الإلكتروني في ساعات الصباح الأولى.
هذا وأرجعت المحللة ليزا ريسبرز فرانس، الانتقادات التي تعرضت لها ميغان من بعض البريطانيين إلى أصولها. وقالت فرانس إن "ميغان ممثلة أمريكية مطلقة، ثنائية العرق، بعيدة كل البعد عن التصور الخيالي لدى الكثيرين حول الزوجة المناسبة لعضو محبوب من العائلة الملكية البريطانية. وفي حين رحب بها الكثيرون في المملكة المتحدة، لم تكن وسائل الإعلام البريطانية الشعبية وشريحة كبيرة من جماهير تويتر لطفاء حيال الأمر".
يربط الأمير هاري ما حدث مع والدته الأميرة ديانا بما تتعرض له زوجته ميغان، خاصة أن حياة ديانا كانت مادة دسمة للصحافة وكذلك ميغان
وكانت تقارير صحفية قد أشارت إلى أن هاري وميغان يسعيان في المرحلة القادمة لإدارة مؤسسة تحت اسم ساسكس رويال، ستكون علامة تجارية لمجموعة من النشاطات بما فيها الملابس والأدوات المكتبية والمجلات وبطاقات المعايدة وجمع التبرعات الخيرية وإدارتها وتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية، إضافةً لتنظيم وإدارة "مجموعات الدعم المعنوي". ومن المتوقع أن يحصلا على 650 ألف دولار من الأرباح في العام الأول لهما.
اقرأ/ي أيضًا: