يتزينَّ بأجمل الحلي والحناء، يرقصن على إيقاع الموسيقى الصحراوية "الحسانية"، وسط تعالي الزغاريد. ارتبطت هذه الطقوس بحفلات الزفاف لكن الصورة هنا بصحراء المغرب تختلف فهو احتفال بالطلاق، حيث دأبت النساء من العائلات المتوسطة وميسورة الحال على الاحتفال بعد انتهاء عدة الانفصال والتي تقارب الثلاثة أشهر وعشرة أيام.
دأبت النساء الصحراويات في المغرب على الاحتفال بالطلاق على وقع الموسيقى والزغاريد
ويحرص المجتمع الصحراوي على إحياء هذه العادة التي لها دلالات اجتماعية عدة، منها إشهار الطلاق للملأ أو كتعبير من الأهل على سرورهم برجوع ابنتهم إلى بيت العائلة ولمساعدتها على تجاوز الحالة النفسية التي أنتجتها التجربة الأولى، وينظم الاحتفال أحيانًا بهدف إغاظة الطليق.
تقول الشابة الصحراوية أبركهم هبان لـ"الترا صوت": إنه "إذا كان طلاق المرأة عمومًا يعتبر بمثابة "نكسة" لها، فإنها في المجتمع الصحراوي مناسبة لتجديد ثقة هذا المجتمع في المرأة إلى درجة الاحتفال بها ومنحها نفسًا جديدًا للحياة". تتابع أبكهم أن "قيمة المرأة داخل المجتمع الصحراوي ترتفع كلما جربت الزواج مرتين أو ثلاث مرات، لتحتل مكانة اجتماعية عالية، وتستشار داخل أسرتها".
ويفضل بعض الرجال في الصحراء الزواج من المرأة المطلقة باعتبارها الأكثر تجربة والأكثر قدرة على تأسيس أسرة وكذلك لـ"نضجها" نظرًا لأن زواجها الأول يكون في سن مبكرة، وبالتالي تكتسب خبرة أكثر في الحياة الزوجية وفي تسيير أمور البيت عكس البنت البكر.
في ذات السياق، تقول فاطمتو، وهي مطلقة صحراوية: إنه "لا تشعر المرأة الصحراوية المطلقة بأنها موضوع إهانة أو تجريح كونها أصبحت تحمل صفة "مطلقة"، وهي لا تتعرض لضغوطات مفترضة من الأسرة لأجل التسريع بزواج آخر".
فلسفة الطلاق في الصحراء تختلف عن باقي مناطق المغرب، فعكس فاطمتو وأبركهم، تقول مريم لـ"الترا صوت": "في المدن الداخلية مثل الدار البيضاء هناك نظرة سلبية ضد المرأة المطلقة، يؤمن المجتمع بالمظاهر ويطعن في الشرف ويطلق أحكام مسبقة على المرأة دون مبررات ما يسهم في اهتزاز كيانها وتدمير نفسيتها حتى وإن كان الرجل هو من قرر الانفصال".
تضيف مريم وهي تتحدث بخجل عن قصة طلاقها، وهي في ربيعها العشرين، "خوفًا من نظرة مجتمعنا للمرأة المطلقة قررت أن أصبر على زواج فاشل منذ بدايته لكني طلبت الطلاق في آخر المطاف لتبدأ معاناة من نوع آخر. إنها المعاناة مع مجتمع لا يرى في المرأة المطلقة سوى "عاهرة" اختارت التمرد على الزوج والأعراف دون تفكير في أبنائها". تقول مريم: إن "هذا الوضع اضطرني إلى الانعزال في بيت عائلتي، وأصبحت مراقبة بشدة من طرف إخوتي الشباب".
جدير بالذكر أن آخر إحصاءات كشفها وزير العدل والحريات المغربي، مصطفى الرميد أكد فيها تراجع حالات الطلاق الرجعي في مقابل ارتفاع حالات الطلاق الذي يتم بالاتفاق الودي بين الطرفين، إذ تم تسجيل 14 ألفًا و992 حالة طلاق ودي فيما سجلت 1877 حالة طلاق رجعي سنة 2013. كما ارتفعت حالات الطلاق الذي يكون بطلب من الزوجة وبلغت 40 ألفًا و850 حالة، حسب إحصاءات نفس السنة.
اقرأ/ي أيضًا: