ألتراصوت- فريق التحرير
أصدرت محكمة فرنسية يوم الإثنين، 8 تشرين الثاني/نوفمبر، حكمًا غيابيًا بالسجن 15 عامًا، في حق الكاهن اللبناني منصور لبكي، وذلك على خلفية تهم موجهة إليه بارتكاب اعتداءات جنسيّة بحق قاصرات.
وقد أعلنت المحكمة أن مذكرة التوقيف التي صدرت بحق الكاهن منصور لبكي عام 2016 ستبقى سارية، ليكون مطلوبًا للعدالة في فرنسا.
أعلنت المحكمة أن مذكرة التوقيف التي صدرت بحق الكاهن منصور لبكي عام 2016 ستبقى سارية، ليكون مطلوبًا للعدالة في فرنسا
وقد جاء الحكم على منصور لبكي بعد سنوات من الملاحقة والتحقيق والترافع أمام المحاكم الفرنسية، حيث يتهم منصور لبكي بالاعتداء على ثلاث قاصرات، أثناء إقامته في بلدة دوفر لا ديليفراند، حيث كان مسؤولًا عن إدارة ميتم تابع للكنيسة بين عامي 1990 و1998.
ويعد منصور لبكي أحد أشهر رجال الدين اللبنانيين، وهو معروف بترانيمه المسيحية والمؤلفات الروائية والأعمال الخيرية والبرامج التلفزيونية والإذاعية. فترانيمه التي لحنها تحظى بتأثير بات مكرّسًا في التقاليد المسيحية المارونية في عدة دول حول العالم، سواء في لبنان أو سوريا وحتى فرنسا. وكثيرًا ما وصف منصور لبكي بأنه صاحب "شخصية كاريزمية ساحرة توحي بالإيمان والورع"، إلا أنها صورة قد تهشّمت بشكل لا يمكن إصلاحه بعد ظهور تفاصيل شهادات الفتيات اللواتي تقدمن للشكوى ضدّه في فرنسا بتهم الاعتداء الجنسي عليهنّ وهنّ قاصرات.
يذكر أن الحكم الذي صدر ضد منصور لبكي في فرنسا ليس الأول بحقه، إذ كان الفاتيكان قد أصدر حكمًا عليه في 2012 أثبت أنّه متورّط بجرائم اعتداء جنسي على ثلاث قاصرات، وقد ثبت الحكم الذي أصدره المجمع الفاتيكاني بالاستئناف عام 2013، علمًا أن منصور لبكي يواجه هذه التهم في حقّه منذ العام 1975، ويبلغ مجموع الشهادات المقدّمة ضدّه حوالي أربعين شهادة من سيدات فرنسيات وفرنسيات من أصل لبناني. أما الحكم الأخير الصادر أمس فيتعلق بشهادات ثلاث مدعيات لم تسقط شكاويهن بالتقادم.
إلا أن إدانة منصور لبكي في فرنسا يوم أمس الإثنين يعدّ سابقة في حقّه، إذ إن الحكم الصادر عام 2012 في الفاتيكان هو حكم كنسي داخلي، أما هذه المرّة فالإدانة ثبتت أمام محكمة جزائيّة، وهو ما يعني إمكان ملاحقته عبر السبل التنفيذية لإلقاء القبض عليه وتسليمه، علمًا أنه قد صدرت مذكرة توقيف دولية بحق لبكي سابقًا، إلا أن لبنان رفض تسليمه.
ويأتي الحكم على منصور لبكي في فرنسا بعد أسابيع من صدور تقرير اللجنة الفرنسية المستقلة المعنية بالاعتداءات الجنسية على الأطفال في الكنائس، والذي كشف أن أكثر من 300 ألف طفل تعرض لانتهاكات أو اعتداءات جنسية ارتكبها رجال دين كاثوليك في فرنسا بين 1950 و2020 أو رجال عاديون يعملون في مؤسسات تابعة للكنيسة.
وتٌتهم الكنيسة الكاثوليكية منذ عقود في قضايا اعتداءات جنسية بحق عشرات آلاف من الأطفال، في مناطق واسعة من العالم، وقبل سنوات شهد الرأي العام الفرنسي حالة سخط واسعة جراء الكشف عن نقل توظيف رهبان ثبت تورطهم بالتحرش الجنسي بالأطفال إلى أفريقيا، بدلًا من عزلهم ومحاسبتهم أمام القانون، وكان السفير السابق للفاتيكان في واشنطن وكبير الأساقفة كارلو ماريا فيغانو، قد دعا البابا فرانسيس للاستقالة جراء تستره على حالات التحرش الجنسي بالأطفال ضمن حدود الكنائس، ما خلق حالة من الغضب لعدم أخذ تلك التهم على محمل الجد، وهو ما دفع البابا فرنسيس عام 2019 إلى رفع "السرّ البابوي" وإتاحة حق النشر فيما يتعلق باتهامات الاعتداء الجنسي داخل الكنيسة الكاثوليكية، كما رفع السرية عن الوثائق ونصوص التحقيقات مع الجهات القضائية ذات العلاقة.
ماذا عن القضاء اللبناني؟
لبنانيًا، لم يتم تحريك أية قضية جزائية ضدّ منصور لبكي كما لم يتم إخضاعه لأية تحقيقات من شأنها بيان حقيقة الاتهامات الموجهة ضدّ منصور لبكي بالاعتداء الجنسي على عشرات الضحايا، ومعرفة ما إذا كان متورطًا باعتداءات مماثلة داخل الأراضي اللبنانية.
تتهم الكنيسة اللبنانية بالتستّر على منصور لبكي
وكان منصور لبكي قد استبق أية محاولات لملاحقته قانونيًا عبر رفع دعاوى أمام القضاء اللبناني يتهم فيها جهات الادّعاء بالتشهير والفبركة واغتيال السمعة. كما يرى مراقبون بأنّ حساسية الوضع الطائفي في لبنان قد يحول دون تعامل القضاء مع أيّة قضيّة ضدّه، نظرًا لكونه شخصية ذات رمزية كبيرة بالنسبة للطائفة المسيحية.
اقرأ/ي أيضًا:
البابا عن فضيحة الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا: "لك يا ربّ المجد ولنا العار"
تقرير صادم يكشف حجم تفشّي الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا