لن تُمحى من ذاكرة الصحافة السورية السّقطة التاريخية لـ"ملحق الثورة الثقافي"، حين قام بترجمة قصيدة "طباق" لمحمود درويش عن الإنجليزية إلى العربية.
لماذا اختارت "دار ألكا" ترجمة قصص "العراق بعد مئة عام" بدلًا من جمع النصوص العربية الأصلية من أصحابها؟
قصيدة عربية تترجم الى العربية؟ انفجرنا سخرية آنذاك، وكان الناقد صبحي حديدي أبرز من تناول ذلك الأمر، في مقال غاضب، فالملحق نشر القصيدة وكأنّه حقّق سبقًا صحفيًا، ما جعل حجم الكارثة يتضاعف.
اقرأ/ي أيضًا: صورة للعراق بعد قرن من الاحتلال الأمريكي
ذكّرني بهذه الحادثة خبر إصدار ترجمة كتاب "العراق بعد مئة عام" عن "دار ألكا"، مع أنّ الكتاب أساسًا أنطولوجيا قصصية مكتوبة بالعربية، حرّرها الكاتب العراقي حسن بلاسم بتكليف من دار "كوما برس" التي أصدرتها مترجمةً إلى الإنجليزية.
شارك في الكتاب مجموعة من الكتّاب العراقيين راحوا يتخيّلون أحوال العراق بعد قرن على الاحتلال الأمريكي. لكنّ المصيبة الآن أنّه يترجم مرة أخرى إلى لغته، فالكتاب ذاته يصدر وكأنه كتاب أجنبيّ.
ما هو أسوأ من التذكير بما فعله ذلك الملحق أنّ الطبعة المترجمة لهذا الكتاب تسحب من الملحق تلك الميزة الاستثنائية، وتجعلها سابقة قابلة للتكرار!
انتبهت إلى هذا الكتاب لأننا، في "ألترا صوت"، كتبنا عنه مرتين، الأولى حين واكبنا صدوره، والثانية حين اخترنا إحدى المراجعات المكتوبة بالإنجليزية عنه وترجمناها إلى العربية.
حين أعلن الكاتب حسن بلاسم عن صدور الكتاب بالعربية ظننا أنه أعدَّ القصص الأصلية قبل ترجمتها، لكي تنشر في فضائها اللغوي، خصوصًا أن صيغة الكتاب جديدة عربيًّا، فحسن بلاسم اتفق مع مجموعة من الكتاب العراقيين على كتابة نصوص سردية تتخيّل العراق في المستقبل، بعد قرن من الاحتلال الأمريكي، ولأن الكتاب قام على تلك الفرضية ذهبت نصوصه إلى فضاءات الفانتازيا والخيال العلمي.
في خبر صدور الكتاب، ثمة أمران مثيران للانتباه: الأول وجود ترجمة للنصوص، والثاني خطأ طباعي في العنوان.
إذا كان الأمر الأول قد أعاد إلى الذهن قصة قصيدة "طباق"، فإن الثاني الذي جعل العنوان "العراق بعد مئة عام من الاحتلال الأمريكي" خطأً "العراق بعد مئة عام من الاحتلال للأمريكي" أي أنّ العنوان يقول إنّ العراق احتل أمريكا كواقعة، والكتاب سوف يرصد ذلك بعد قرن افتراضيًّا. هكذا جعل خطأ العنوان الفرضية واقعًا، وبالتالي تبطل الفرضية الأدبية التي قام عليها الكتاب كليًّا.
هناك أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات من كل من لهم صلة بهذا الكتاب: لماذا اختارت "دار ألكا" ترجمة النصوص بدلًا من جمع النصوص الأصلية من أصحابها؟ ما الذي دفعها الى أخذ المقترح الغربي الذي نحصل عليه على الدوام عوضًا عن أن نطالع هذا المقترح السرديّ العربي على القارئ الغربي؟ ما الذي يقوله الكاتب حين يرى نصه مترجمًا إلى لغته الأم؟ أليس هذا انتهاكًا؟ ما الذي يبقى من كتاب بعد خطأ في عنوانه؟
اقرأ/ي أيضًا: