26-سبتمبر-2024
مدارس الأونروا

جيل كامل على وشك فقدان الأمل "كامبردج"

التعليم الفلسطيني تحت الهجوم، وجيل كامل على وشك فقدان الأمل، كان هذا عنوانًا لدراسة أعدها فريق من الأكاديميين بجامعة كامبريدج البريطانية، وبالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، تناولت أثر العدوان الإسرائيلي على غزة على قطاع التعليم.

الدراسة حسب الجامعة البريطانية هي الأولى التي تقيس بشكل شامل خسائر العدوان على قطاع التعليم، منذ بداية العدوان الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، كما توضح بالتفصيل التأثير المدمر على الأطفال والشباب والمعلمين.

وأظهرت الدراسة أن أطفال غزة فقدوا بالفعل 14 شهرًا من التعليم منذ عام 2019، بسبب انتشار فيروس كورونا، والعمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة، إضافة إلى العدوان الحالي، وعلى هذا الأساس وضع الباحثون نماذج لعدة احتمالات تخص مستقبل الجيل الحالي لشباب غزة، اعتمادًا على موعد انتهاء العدوان ومدى سرعة استعادة النظام التعليمي.

غزة

واتخذت الجامعة السيناريوهات التي وصفتها بالأكثر تفاؤلًا، بافتراض وقف إطلاق النار الفوري وتكاتف الجهود الدولية السريعة لإعادة بناء النظام التعليمي، ومع ذلك سيخسر الطلاب عامين من التعليم، وإن استمر العدوان حتى عام 2026، فقد تمتد الخسائر إلى خمس سنوات، ونوهت الدراسة إلى اعتبارات ثانية لا يمكن تجاهلها، كتأثيرات الصدمات النفسية على الطلاب، ناهيك عن المجاعة والنزوح القسري، وكلها عوامل تعمل على تعميق أزمة التعليم في غزة.

مديرة مركز أبحاث الوصول العادل والتعلم بجامعة كامبريدج: "التعليم الفلسطيني يتعرض للهجوم في غزة، لقد كان للعمليات العسكرية الإسرائيلية تأثير كبير على التعلم"

وفي غياب الدعم الدولي العاجل والواسع النطاق للتعليم، يشير الباحثون إلى وجود تهديد كبير ليس فقط لتعلم الطلاب، بل وأيضًا لإيمانهم العام بالمستقبل ومفاهيم مثل حقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك، تُظهر الدراسة أن التعليم أصبح أقل أولوية في جهود المساعدات الدولية، لصالح مجالات أخرى. "إن التعليم، ببساطة، لا يُنظر إليه على أنه منقذ للحياة".

وقالت الأستاذة بولين روز، مديرة مركز أبحاث الوصول العادل والتعلم بجامعة كامبريدج: "التعليم الفلسطيني يتعرض للهجوم في غزة، لقد كان للعمليات العسكرية الإسرائيلية تأثير كبير على التعلم". وأضافت بولين روز: "بالإضافة إلى التخطيط لكيفية إعادة بناء نظام التعليم المحطم في غزة، هناك حاجة ملحة للحصول على الدعم التعليمي للأطفال الآن، التعليم حق لجميع الشباب. ولدينا مسؤولية جماعية لحمايته".

مديرة مركز الدراسات اللبنانية: "أن آفاق الشباب في غزة تنطفئ، وتظهر نتائجنا أنهم يفقدون الأمل معها، التعليم هو محوري لتثبيت دوامة الانحدار هذه، إذا تم محوه ببساطة، فإن العواقب ستكون بعيدة المدى".

وأخطرت الدراسة بأن أكثر من 90% من المدارس تضررت في غزة، بفعل العدوان الإسرائيلي، والعديد منها لا يمكن إصلاحه. حيث زادت نسبة ما وصفته بـ"فقر التعليم" بمقدار 20%، فيما يخص الأطفال بسن العاشرة الذين لا يستطيعون قراءة نص مكتوب، وذلك لا يأخذ في الاعتبار التأثيرات الأوسع للعدوان على الأطفال والمعلمين.

وبيّنت الدراسة الأثر الهائل للصدمات التي يتعرض لها الجيل الحالي من الشباب والأطفال في غزة، مشيرة إلى أن الأمر يحتاج لجيل كامل من أجل التغلب عليها، خصوصًا مع تواجد "العواقب النفسية المدمرة للأطفال الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون بالفعل في خوف دائم وانعدام الأمل بعد 17 عامًا من الحصار، ونقلت عن مها شعيب، مديرة مركز الدراسات اللبنانية: "أن آفاق الشباب في غزة تنطفئ، وتظهر نتائجنا أنهم يفقدون الأمل معها، التعليم هو محوري لتثبيت دوامة الانحدار هذه، إذا تم محوه ببساطة، فإن العواقب ستكون بعيدة المدى".

أكثر من 10 أطفال يفقدون أطرافهم يوميًا بفعل العدوان الإسرائيلي، مع تحذيرات من ارتفاع أعداد الإعاقات الأقل وضوحًا، مما سيزيد من الضغوط على نظام تعليمي غير مجهز لدعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

وقدرت منظمة إنقاذ الطفولة أن أكثر من 10 أطفال يفقدون أطرافهم يوميًا بفعل العدوان الإسرائيلي، مع تحذيرات من ارتفاع أعداد الإعاقات الأقل وضوحًا، مما سيزيد من الضغوط على نظام تعليمي غير مجهز لدعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

كما سلطت الدراسة الضوء على المعاناة الهائلة التي تحملها المعلمون والمدراء جسديًا وعقليًا: "لقد ألحقت عمليات القتل والنزوح والحقائق اليومية للحياة أثناء الحرب خسائر فادحة بقدرتهم على المشاركة بشكل هادف في التعليم، وسوف تؤثر سلبًا على جهود إعادة الإعمار".

كما قال الأستاذ يوسف سيد من جامعة كامبريدج: "من المهم أن ندرك أن المعلمين والمستشارين، مثل بقية السكان، عانوا بشدة، هناك أدلة على التزام غير عادي من جانب المعلمين الذين يسعون إلى الحفاظ على التعلم، ولكن من المحتم أن يؤثر الحرمان والقتل والصعوبات على قدرتهم على القيام بذلك".

أطفال غزة

ودعت الدراسة إلى ضرورة وقف إطلاق النار، وأظهرت تحليلاتها أن 3.5 في المائة فقط من المساعدات المقدمة إلى غزة تم استثمارها في التعليم: "لقد أهمل المانحون الرئيسيون مثل الولايات المتحدة وألمانيا التعليم في حزم مساعداتهم"، كما حذرت من عواقب طويلة الأجل على الجيل القادم بغزة، فيما لو لم يحصل المزيد من التمويل المنظم لدعم التعليم في القطاع.

وأشارت إلى ضرورة اتخاذ خطوات فورية تركز على استئناف التعليم، والتي تشمل توفير المشورة، ومساحات التعلم الآمنة، ودعم الطلاب والمعلمين ذوي الإعاقة. كما دعت إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم وإنهاء الاحتلال، بما يتماشى مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية والقرار الذي اعتمدته الأمم المتحدة مؤخرًا، حيث يمكن حينها فقط إعادة بناء نظام التعليم في غزة. وسيتطلب هذا التركيز على توظيف المزيد من المعلمين والمستشارين للتعامل مع حجم الخسارة التعليمية والصدمات التي يعاني منها الأطفال والشباب.

ونقلت الدراسة تصريحًا للمفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، والذي قال: "التعليم هو الأصل الوحيد الذي لم يُحرم منه الشعب الفلسطيني. لقد استثمروا بفخر في تعليم أطفالهم على أمل مستقبل أفضل. واليوم، يعيش أكثر من 625 ألف طفل في سن المدرسة يعانون من صدمات عميقة تحت الأنقاض في غزة. يجب أن تكون إعادتهم إلى التعلم أولويتنا الجماعية، إن الفشل في القيام بذلك لن يؤدي فقط إلى ضياع جيل، بل سيزرع أيضًا بذورً للمزيد من التطرف والكراهية والعنف" على حد تعبيره.