30-أغسطس-2024
الحرب في السودان

جرائم بالجملة ارتكبتها أطراف الحرب في السودان (هيومن رايتس ووتش)

قالت منظّمة "هيومن رايتس ووتش"، في أحدث تقريرٍ لها بشأن السودان، إن "القوات المسلحة السودانية" و"قوات الدعم السريع" والمقاتلين التابعين لها, أعدموا بإجراءاتٍ موجزة أشخاصًا أثناء احتجازهم دون محاكمة، وعذبوهم، وأساءوا معاملتهم، ومثّلوا بالجثث.

ودعت المنظمة الحقوقية قادة القوتيْن إلى أن: "يأمروا بوقف هذه الانتهاكات فورًا وإجراء تحقيقات فعّالة"، كما دعتهم إلى التعاون بشكل كامل مع المحققين الدوليين، وخصوصًا من "بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان"، التي سيشمل نطاق تحقيقاتها هذه الانتهاكات التي تشكل جرائم حرب.

وقال محمد عثمان، المختص بالملف السوداني في "هيومن رايتس ووتش"، إن: "قوات الأطراف المتحاربة في السودان تشعر بأنها محصنة ضد العقاب لدرجة أنها صورت نفسها مرارًا وهي تعدم وتعذب المحتجزين، وتحط من كرامتهم، وتشوه الجثث. ينبغي التحقيق في هذه الجرائم باعتبارها جرائم حرب ومحاسبة المسؤولين عنها، بمن فيهم قادة هذه القوات".

الأطراف المتحاربة في السودان أظهرت تجاهلًا صادما للحياة الإنسانية والكرامة. وينبغي محاسبة القادة على عدم منعهم لهذه الجرائم أو معاقبة مرتكبيها

وأفادت المنظمة بأنها حقّقت في 20 مقطع فيديو وصورة واحدة لعشر حوادث حُمّلت على منصات التواصل الاجتماعي بين 24 آب/أغسطس 2023 و11 تموز/يوليو 2024. وبحسب المنظمة الحقوقية، فإن: "ثمانية فيديوهات وصورة واحدة تصوّر أربع حوادث إعدام خارج القانون، منها إعدامات جماعية لـ40 شخصًا على الأقل. فيما تُظهر أربعة فيديوهات تعذيب وسوء معاملة 18 محتجزًا، يبدو بعضهم مصابون؛ وتُظهر تسعة مقاطع تشويه ثماني جثث على الأقل".

ولفتت إلى أن العديد من المعتدين والضحايا يَظهَرون وهم يرتدون ملابس عسكرية، ما يوحي بأنهم مقاتلين، إلا أن بعض الضحايا يرتدون ملابس مدنية. وفي جميع الحوادث، يبدو المحتجزون غير مسلحين، ولا يشكلون أي تهديد لآسريهم، وفي العديد منها كانوا مقيّدين.

كما أفات هيومن رايتس ووتش بأنها سجّلت 20 حالةً أخرى تُظهر انتهاكات مماثلة من قبل الطرفين، لكنها لم تحقق في هذه الحالات. وذكرت أنه يُفترض أن أربع حالات إعدام صورها الجناة أنفسهم، وثلاث حالات صورها عناصر الدعم السريع، منها إعدام 21 رجلًا على الأقل في الفولة، في غرب كردفان، في حزيران/يونيو 2024.

إضافةً إلى إعدام 14 رجلًا على الأقل في أعقاب هجمات قوات الدعم السريع على مطار بليلة، على بعد 60 كيلومترًا جنوب شرق الفولة، في غرب كردفان في تشرين الأول/أكتوبر 2023؛ وإعدام رجلين على بعد 12 كيلومترًا جنوب الأُبيّض، عاصمة شمال كردفان. والحالة الرابعة هي إعدام القوات المسلحة السودانية لثلاثة محتجزين، ربما أطفال دون سن الـ18 عامًا، في تشرين الأول/أكتوبر 2023 في أم درمان، شمال غرب العاصمة الخرطوم.

وحللت "هيومن رايتس ووتش" أربع حالاتٍ أخرى صَوّر فيها عناصر القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أنفسهم وهم يعذبون المحتجزين ويسيئون معاملتهم، بما في ذلك بالجلد، والضرب، وإجبار المحتجزين على المشي على ركبهم على طرق غير ممهدة. ويشير تحليل المنظمة إلى أن هذه الحوادث وقعت في الخرطوم، والجزيرة، وشمال وغرب كردفان.

وتُظهر ثلاثة فيديوهات، صُورت جميعها في 2024، عناصر القوات المسلحة السودانية يعتدون على جثث عناصر الدعم السريع أو مدنيين، منها فيديو يَظهَرون فيه وهم يلوحون برأسين.

وأشارت المنظمة إلى أنه: "منذ اندلاع النزاع في الخرطوم في 15 نيسان/إبريل 2023، لم توقف قيادات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الانتهاكات أو تعالجها"، لافتةً إلى أنه في تموز/يوليو 2023، "أعلنت السلطات التابعة للقوات المسلحة السودانية عن إجراء تحقيقات وطنية في انتهاكات قوات الدعم السريع، برئاسة النائب العام، لكنها لم تذكر شيئًا عن التحقيق في الجرائم التي ارتكبها عناصرها"

وفي رسالةٍ بتاريخ 23 تموز/يوليو 2024 ردًّا على تقرير سابق صادر عن المنظمة الحقوقية، قدّمت قوات الدعم السريع مدونةً لقواعد سلوك: "تحظر بعبارات غامضة إساءة معاملة المحتجزين، وكتبت أنها أنشأت لجنةً للتحقيق في التجاوزات أو الانتهاكات ومقاضاة المسؤولين عنها. لكنها لم تقدم أي دليل علني على تحقيقاتها أو ملاحقاتها القضائية"، بحسب المنظمة.

وذكرت هيومن رايتس ووتش أنها أرسلت في 19 آب/أغسطس، ملخصًا تفصيليًا لنتائجها بالبريد الإلكتروني مصحوبًا بأسئلة محددة إلى المقدم الفاتح القرشي، المتحدث باسم قوات الدعم السريع، والعميد ركن نبيل عبد الله، المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة. ولم يرد أيٌّ منهما.

ولفتت المنظمة إلى أنه في شباط/فبراير، أفادت: "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" بأن الطرفين احتجزا مئات المقاتلين وأن حالة معظمهم ومكان وجودهم مجهولان.

وكانت "هيومن رايتس ووتش" وثقت سابقًا عمليات تعذيب وإعدام واسعة النطاق لأشخاص عُزّل على يد قوات الدعم السريع في الجنينة وضاحيتها أرداماتا، غرب دارفور، في 2023. كما أفادت مجموعات مراقبة وجماعات غير حكومية أخرى عن إساءة معاملة المعتقلين، وتعذيبهم، وإعدامهم من قبل الجانبيْن في أجزاء مختلفة من البلاد.

ويشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، التي أنشأها "مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" في تشرين الأول/أكتوبر 2023، هي هيئة التحقيق المستقلة الوحيدة التي تتمتع بولاية التحقيق في الانتهاكات المتعلقة بالنزاع في جميع أنحاء السودان.

وبالنظر إلى حجم الانتهاكات وندرة التحقيقات الموثوقة من قبل الأطراف نفسها، قالت "هيومن رايتس ووتش" إنه ينبغي لأعضاء مجلس الأمن تجديد ولاية البعثة في دورة المجلس في أيلول/سبتمبر المقبل.

ومع ذلك، اعتبرت المنظمة أنه ينبغي للهيئات الإقليمية والدولية، ومنها "الاتحاد الأوروبي" و"الاتحاد الإفريقي"، والدول منفردةً، العمل معًا لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، بما في ذلك فرض عقوبات فردية محددة الهدف.

واعتبرت أيضًا أنه: "ينبغي للبلدان التي تقود محادثات وقف إطلاق النار والوصول الإنساني أن تعالج انتهاكات الأطراف المتحاربة وتضمن وجود بندٍ للمراقبة القوية لانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، في أي اتفاقٍ تتوصل إليه".

وختمت "هيومن رايتس ووتش" تقريرها بالقول إنّ: "لأطراف المتحاربة في السودان أظهرت تجاهلًا صادما للحياة الإنسانية والكرامة. وينبغي محاسبة القادة على عدم منعهم لهذه الجرائم أو معاقبة مرتكبيها".