تسلط صحيفة "واشنطن بوست" الضوء في تقرير لها على تجربة الناشطة اليهودية الأميركية، لوني كلاينمان، المؤيدة لحقوق الفلسطينيين، وكيف تسببت مشاركتها في الاحتجاجات المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، ودعوة الولايات المتحدة إلى حجب مساعدات الأسلحة عن "إسرائيل"، بطردها من عملها في منظمة "Moishe House" اليهودية غير الربحية.
يقول تقرير "واشنطن بوست"، إن كلاينمان انضمت إلى مجموعة من النشطاء خلال احتجاجهم أمام مبنى الكابيتول الأميركي، حيث تلوا أجزاء من التوراة ورفعوا صلوات من أجل السلام، وفي ذلك اليوم، هتفت الحشود لبضع ساعات "حرروا فلسطين"، لكن عندما تدخلت الشرطة، اعتقلت كلاينمان و300 شخص آخر من أعضاء منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام".
وأظهرت مقاطع فيديو النشطاء وهم يُقتادون مع أيديهم مقيدة بشرائط، بينما صادرت الشرطة هواتفهم، وأوراق الأغاني التي كانت بحوزة المجموعة، وبعد اعتقالها، تمكنت المجموعة من جمع الأموال لتغطية غرامات الاعتقال، والتي بلغت 300 دولار لكل شخص.
قالت كلاينمان لـ"واشنطن بوست"، إنها اتُهمت بتخليها عن المجتمع اليهودي بسبب دعمها لوقف إطلاق النار الفوري في غزة
ورأى منظمو الاحتجاج أن الحدث كان ناجحًا بفضل تزايد ظهور وسم "أوقفوا إطلاق النار" على منصات التواصل الاجتماعي، وبدا أن موظفي الكونغرس أكثر تفاعلًا مع مكالماتهم، لكن بالنسبة لكلاينمان، فإنها "دفعت ثمنًا باهظًا" بسبب نشاطها السياسي، وفقًا لما نقلت الصحيفة ذاتها.
فقد طردت المنظمة اليهودية غير ربحية الحاخامة المقيمة في فيلادلفيا، كلاينمان، بعد أن رفضت قطع علاقاتها مع منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام"، التي وصفت احتلال "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية بـ"الفصل العنصري"، وأشارت في بياناتها إلى أن السياسات الإسرائيلية كانت السبب في عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وتضيف "واشنطن بوست"، أصبح أيضًا من الصعب على كلاينمان زيارة مسقط رأسها، فقد توقف والدها عن الحديث معها لعدة أشهر بعد أن انتشرت مقاطع الفيديو الخاصة باعتقالها، كما اتهمها أحد أصدقاء طفولتها في منشور على "إنستغرام"، مع غيرها من المحتجين المؤيدين للفسطينيين، بأنهم "لم يعد لديهم أي تعاطف" مع عائلاتهم اليهودية.
وقالت كلاينمان لـ"واشنطن بوست"، إنها اتُهمت بتخليها عن المجتمع اليهودي بسبب دعمها لوقف إطلاق النار الفوري في غزة، بعد 11 يومًا من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وبحسب الصحيفة الأميركية، كلاينمان ليست الناشطة الوحيدة التي شهدت "تفتت عالمها"، فقد أدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى انقسام حاد اليهود الأميركيين، وظهرت الانقسامات الاجتماعية بسبب الحرب، في أماكن العمل والكنس، وعبر الجامعات، وأثرت على العلاقات بين الأهل والأصدقاء المقربين.
ووفقًا لاستطلاع مركز بيو للأبحاث الذي أجري في شباط/فبراير الماضي، فإن نحو 50 بالمئة من اليهود دون سن الـ35 عامًا قالوا إنهم "قطعوا علاقاتهم" مع شخص ما بسبب شيء قالوه عن الحرب في غزة، بحسب تقرير الصحيفة الأميركية.
وقالت كلاينمان لـ"واشنطن بوست"، إن آراءها تشكلت بناءً على إيمانها، وإحساسها بالمسؤولية للتحدث عما تراه من معاناة غير مبررة للشعب الفلسطيني، وتواطؤ الولايات المتحدة باعتبارها الحليف والمزود الرئيسي للأسلحة لـ"إسرائيل"، وأضافت: "الألم الأخلاقي جراء الصمت كان سيكون كبيرًا جدًا لتحمله".
تواجه كلاينمان وآخرون غيرها من الأميركيين اليهود، لا سيما الذين يحتجون على الحرب، تحديًا خاصًا بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة، وقال العديد من الحاخامات لـ"واشنطن بوست"، إنهم تصارعوا مع كيفية التحدث بشكل عام بما يكفي لتغطية وجهات نظر متباينة بين أفراد جماعتهم، مع الحفاظ أيضًا على معتقداتهم الشخصية، كما أن بعض الحاخامات دعوا إلى وقف إطلاق النار، بينما ظلوا في مناصب قيادية في معابدهم.
وبحسب "واشنطن بوست"، تواجه كلاينمان، مع غيرها من الحاخامات الذين يعملون مع الشباب ضغوطًا خاصة، وتشير الأبحاث من مركز "بيو" إلى انقسام تقريبًا بنسبة 50 إلى 50 بالمئة بين اليهود الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، حول وصف رد فعل "إسرائيل" على عملية "طوفان الأقصى" بأنه "مقبول".
ووصفت كلاينمان "المخاطرات المحسوبة" في اللحظات التي اختارت فيها التعبير علنًا عن آرائها، بما في ذلك وصف حرب "إسرائيل" في غزة بالإبادة الجماعية، وقالت كلاينمان، إن "الأمر غير متوازن تمامًا: لديك جيش من جانب ومدنيين من الجانب الآخر"، مشيرة ليس فقط إلى قتل المدنيين، لكن أيضًا إلى تدمير مدارس ومستشفيات ومكتبات ومساجد غزة، وأضافت: "لا يمكن أن يُطلق على هذا اسم حرب؛ إنها إبادة جماعية للشعب الفلسطيني".
وبحسب "واشنطن بوست"، تتوافق وجهة نظر كلاينمان مع وجهة نظر جنوب أفريقيا، التي جادلت أمام محكمة العدل الدولية بأن "إسرائيل" تنتهك القانون الدولي من خلال ارتكاب أفعال إبادة جماعية في غزة، وبالنسبة لكلاينمان، فإن "الإبادة الجماعية تتصل بهويتها كحفيدة للناجين من الهولوكوست".
وعلى الرغم من الانتقادات التي واجهتها كلاينمان، فقد شاركت في تجمعات داعمة لفلسطين في هاريسبرغ بولاية بنسلفانيا، بالإضافة إلى أوستن ونيويورك، حيث تم اعتقالها مرة ثانية، وفي حزيران/يونيو الماضي، عادت إلى الكابيتول، لتحث قادة الكونغرس على التوقف عن تزويد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة، "دون نجاح كبير"، على حد تعبيرها.
إن ثبتت الإدانة، فيعني ذلك أن "إليزابيث وولف"متهمة بجريمة الشروع في القتل، وقد يسلط عليها أقسى عقوبة وهي الإعدام.
اقرأ أكثر: https://t.co/Mw87oy12Sw pic.twitter.com/qouEP3AGhb
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 4, 2024
ووفقًا للصحيفة الأميركية، قضت كلاينمان قبل التحاقها بكلية "لويس وكلارك" في عام 2010، عامًا واحدًا في "إسرائيل"، وخلال هذه الفترة التقت بفلسطينيين في الضفة الغربية، وعرفت منهم كيف أن مئات الآلاف من الفلسطينيين هُجروا أو أُجبروا على ترك منازلهم في الأشهر التي كانت قبل، ومن ثم بعد عام 1948.
وتشير كلاينمان، إلى أنها بينما كانت تتعلم في المدرسة أن ما حصل في ذلك، كان "حرب الاستقلال"، فإنها عرفت من الفلسطينيين أنهم يطلقون على ذلك "النكبة أو الكارثة"، وقالت كلاينمان لـ"واشنطن بوست"، موضحة: "نشأت ونحن نتعلم أن إسرائيل هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وأضافت: "لقد تغيرت قناعاتي، بينما كنت أستمع إلى الفلسطينيين وهم يصفون تجارب عائلاتهم مع الاحتلال العسكري (الإسرائيلي) والنزوح".
وتختم كلاينمان حديثها مع "واشنطن بوست"، بأنها بعد ثلاثة أسابيع من اعتقالها لأول مرة، تلقت رسالة من "Moishe House"، تقول إن سياسة المنظمة تمنع الانضمام إلى المنظمات الشبيهة بـ"الصوت اليهودي من أجل السلام"، وبعد أسبوع من الرسائل المتبادلة، وصلتها رسالة تفيد بطردها من عملها.