رحل عن عالمنا مساء أمس الفنان التشكيلي السوري إلياس الزيات (1935 - 2022) عن عمر يناهز 87 عامًا.
بدأت رحلة إلياس الزيات الفنية منذ خمسينيات القرن الماضي في رسم المناظر الطبيعية، لكنه بعد الدراسة الأكاديمية تعمق في دراسة الإنسان وراح يرسم بنوع من الواقعية الانطباعية، ثم تحول إلى التجريد لفترة قصيرة، وعن ذلك يقول في أحد حواراته: "أفادتني تجربة الفن التجريدي تقنيًا. فهذا الفن مدرسة مهمة لمعرفة لغة التشكيل المتمثلة في التكوين والألوان بصرف النظر عما يعنيه الموضوع، انكفأت بعدها إلى أسلوب تعبيريّ يعتمد على رسم الأشخاص بحركات قصيرة. وبخطوط سوداء على خلفيات لونية محايدة. في هذه المرحلة لم أعد أنسب الجماليات لمعايير جمال الفن الغربي. وبت أفهم جماليات فنوننا القديمة المنعكسة في الرسم والنحت الجداري والخط العربي. وبدأت برسم ملامح من فنوننا القديمة التي تميل أكثر إلى التعبيرية، التي تشبعت بها وباتت جزءًا مني".
إلياس الزيات: "من يُنصف بلادي ويُخبر أن الأيقونة وُجدت أولًا فيها. معطيات أثرية وتاريخية تشير إلى هذه الحقيقة"
أتم دراسته الثانوية في المدرسة الأرثوذكسية عام 1954، وتابع دراسة الرياضيات في جامعة دمشق عام 1954-1955، ثم درس في أكاديمية الفنون الجميلة بصوفيا موفدًا من الحكومة السورية، وتابع في كلية الفنون بالقاهرة عامي 1960 - 1961، وتدرب على ترميم اللوحات الفنية بأكاديمية الفنون الجميلة في بودابست، كما قام بدراسات على كيمياء الألوان وتحليل المواد في متحف الفنون التطبيقية فيها.
قال الزيات حول بدايات تجربته الفنية: "في سوريا تعلمت الفن على يد أستاذي الفنان ميشيل كرشة، رائد الانطباعية في سوريا، ثم درست الفن في بلغاريا ومصر وهنغاريا. ما علمتني إياه الأكاديمية هو قواعد الفن والتكنيك. كنت محظوظًا لكوني تتلمذت على أيدي أساتذة تتلمذوا بدورهم عند كبار رواد الفن الواقعي في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر. أما معرفتي بروح الفن فكانت من خلال زياراتي للمتاحف في مختلف بلدان العالم".
وأوضح أنه بعد عودته إلى سوريا في الستينات ومشاركته في تأسيس كلية الفنون الجميلة، استأثر تاريخ فن التصوير والنحت لبلاد الشام باهتمامه. وشكّلت معرفته ودراسته لهذا التاريخ نقطة انطلاق مساره الفني والمعرفي. ومع مرور الزمن انعكست ثقافته على أعماله الفنية، وقدم حصيلة دراساته وأبحاثه عبر محاضرات وندوات.
قام الزيات بتزيين العديد من الكنائس في سوريا بالأيقونات والجداريات. كما كان متخصصًا في ترميم الأيقونة المحلية. يقول في مقال نشره في مجلة "الحياة التشكيلية" عام 2004: "من يُنصف بلادي ويُخبر أن الأيقونة وُجدت أولًا فيها. معطيات أثرية وتاريخية تشير إلى هذه الحقيقة، إلا أن تأويل تلك المعطيات هو مجال بحق ونقاش، وهو ما حدا بالبعض إلى الإقرار وبآخرين إلى اللامبالاة والنفي. والتأويل يأتي من صفة الباحث فإن اعتراه مس من عصبية تبع تحليله العلمي ما به من خفي أو ظاهر".